قبيل منتصف الليل بدقائق يسيرة ولأول مرة أتأخر في تصفح «معشوقتي الشرق» فجأة وقعت عيناي على عنوان مقال سعادة رئيس التحرير الأستاذ الكريم قينان الغامدي الذي كان يحمل عنوان « حريق الشرق : تعاظم الدفء في جنبيك فاشتعلا « فهالني ما حملته سطور تلك المقالة التي كانت تشع إيماناً عميقاً ويقيناً رفيعاً وثباتا لا يحسنه في زمن الكوارث والملمَّات إلا الأبطال والأفذاذ ! لقد كانت عبارات الحمد لله التي استهل بها حديثه القلبي لجميع قارئي جريدة الشرق ومحبيه في تكرار يشي برسوخ الإيمان بالقدر فعلاً ، بالرغم من فداحة الكارثة واتساع حجم الخسارة في الماكينة الإعلامية وأجهزة ومكاتب الدور الثالث برمته، من حاسبات وإمكانات باهظة ومكلفة تشكل خسارة كبيرة، إلا إنها تهون أمام نجاة الكوادر الوظيفية الذين أثبتوا كما وصف سعادة رئيس التحرير ولاءهم وقمة وفائهم ورجولتهم الباسلة في مواجهة الحدث الناري المُحرق !! لقد هز مقالك يا قينان بالأمس قلب كل وجدان واله بالشرق .. الشرق التي أتت بما لم تأت به الأوائل وإن كانت حديثة عهدٍ بالصدور؛ فقد حوت الطرح المتميز والخبر الأكيد والواقعية والمصداقية وروعة التبويب والإخراج والنخب المشاركة وكوكبة رائعة من صنَّاع الرأي والمبرزين في إضفاء الألق الصحفي الذي يسر الناظرين من محبين وقارئين ومتابعين بلهف على امتداد جغرافيتنا العربية والإسلامية وعلى مستوى العالم بأسره وأينما كانت الشرق حاضرةً من مساحة هذا الكون الفسيح في قلوب قرّائها .. لم يكن لفيف المحبين الذين هالهم الحدث وصدمتهم الفاجعة وشاركوا بقلوبهم وأبدانهم وبسواعد قوية لتخفيف المصاب لم يكونوا إلا دليلاً حيًّا وشاهداً على سعة الولاء وصدق الانتماء ل»لشرق»، ففي مكان المواساة والعزاء لمصابكم أضع تهنئتي وانبهاري بقدراتكم الفائقة، من يستطيع أن يتخيل صحيفة تخوض حادثة حريق كما وصفتها أيها الرئيس الفذ أن تتغلب على مشاعر الاضطراب وهول المصاب فتنبعث بكامل نسختها ومن أين ؟! لتصدر من قلب الحدث ! إنه التفوّق ! إنه التحدي ! ولو لم يكن وراء هذه الفاتنة « الشرق» رجال من العظمة بمكان لما كانت تستطيع أن تصدر في يوم احتراقها عدداً يقرأه الملأ .. بصور تفيض أسىً وحزناً وتلفاً كبيراً في الممتلكات، ولكنها تفيض في الجانب الآخر- جانب الأرواح العليا- تفاؤلاً ووفاءً منقطع النظير فهنيئاً أيها الرئيس هذا النجاح الباهر بعد لطف الله القدير لمؤسستكم الإعلامية المتميزة في واقعنا المعاصر، ولمسة وفاء من قارئ تأخر بجسده عن الإسهام في تحويل النار إلى رماد، إلا إنه يتوجه بشكره المخلص لكل يد شاركت في تخفيف ألم الواقعة على الشرق، حفظكم الله من كل سوء ونشر الأمن والأمان على صحيفتكم وأنفسكم، تحية حب ووفاء من قارئ من الجنوب يمم وجهته نحو الشرق.