طالب عدد من مشرفي النشاط الثقافي في إدارات التربية والتعليم في مناطق ومحافظات المملكة باستمرار تنظيم مهرجان الفرق المسرحية المدرسية وتطويره، وتكوين قاعدة مسرحية طلابية، من شأنها تأكيد دور المسرح المدرسي، وأهميته لكونه يشكل أحد أهم مرتكزات الأنشطة الطلابية. وكان عدد من المشرفين، الذين شاركوا في إدارة فعاليات المهرجان العاشر للفرق المسرحية المدرسية، الذي نظم مؤخرا في الرياض، قد أكدوا ضرورة تفعيل الجانب التدريبي للطلاب والمعلمين المشاركين في مثل هذه البرامج التربوية والأنشطة الثقافية، إلى جانب تفعيل النواحي النقدية لجميع العروض المشاركة. «الشرق» التقت عددا من المشرفين على الأنشطة الثقافية في إدارات التربية والتعليم لاستطلاع آرائهم حول المهرجان وآليات تطويره. استمرار المهرجان وأعرب مشرف النشاط الثقافي في تعليم عنيزة، رئيس لجنة تحكيم المهرجان، علي السعيد، عن سروره بإعادة وزارة التربية والتعليم هذا المهرجان بعد توقف دام عدة سنوات، متمنيا ألّا يعود للتوقف مرة أخرى، وألّا يتأثر المهرجان ومواعيده باضطراب أجندة الوزارة في مجال النشاط الطلابي، مشيرا إلى أن أجندة الفعاليات المركزية التي تقام على مستوى المملكة العربية السعودية يجب أن تكون ثابتة في كافة المجالات، وليس في المجال المسرحي فحسب، لأنها تتأثر بمشاركات المملكة في المحافل العربية والدولية، وتؤثر على برامج الإدارات التعليمية، وبالتالي برامج وأنشطة المدارس. وأوضح السعيد، وهو أحد المؤرخين لتاريخ المسرح السعودي، أن مهرجان الفرق المسرحية هو إحدى الفعاليات المتعددة للنشاط المسرحي المدرسي، ومكمل لها، لكنه في الوقت ذاته يعتبر مؤشرا يمكن من خلاله سبر غور حقيقة النشاط المسرحي في مختلف إدارات التربية والتعليم في المملكة. حاجة للتدريب وأفاد السعيد، أن المملكة تضم 45 إدارةً للتربية والتعليم، وأن هذه النسخة من المهرجان أوضحت تباين المستوى بين بعض الإدارات، الأمر الذي يعكس الحاجة الماسة إلى التدريب والتأهيل في هذا المجال، متمنيا أن يكون الإعلان مبكرا عن موعد المهرجان بوقت كافٍ، كي تستعد الإدارات التعليمية المشاركة بشكل جيد، وهذا ما نصت عليه توصيات لجنة التحكيم في المهرجان. وشدد السعيد، على أن المهرجان لا يُعبّر عن كل النشاط المسرحي المدرسي، بل هو أحد البرامج التي تكمل بعضها البعض مثل المنافسات المسرحية للمرحلة الثانوية، وعروض مسرح الطفل، واللوحات التراثية الشعبية والوطنية، وحلبات الإلقاء والخطابة، والدورات التدريبية المسرحية، والورش المتخصصة، وإستراتيجيات الدراما في التربية والتعليم داخل حجرة الصف. تجاوز الصعاب ورأى مشرف النشاط الثقافي في الإدارة العامة للتربية والتعليم في المنطقة الشرقية، طارق الرميح، أن هذا المهرجان جاء ليعلن قيمة الجهود التي تبذلها الإدارات التعليمية في المملكة، بإشراف ومتابعة من وزارة التربية والتعليم، ممثلة بإدارة النشاط الثقافي، من خلال ما يقدمه الطلاب في المسرح المدرسي. وقال: بالمرور على تاريخ المهرجان، فقد مضت مدة من الزمن لنحظى بمهرجان يجمع طلاب المملكة في مكان واحد، ليعرضوا مجموعة من الفنون المسرحية أمام عدد من المختصين في هذا المجال، ويقدموا لهم خبرتهم من خلال جلسات نقدية بعد كل عرض، ما أسس لقاعدة من الطلاب الموهوبين، وكذلك المعلمين والمشرفين الذين حظوا، من خلال المهرجانات، بخبرات في الفنون المسرحية. وأضاف أن المهرجان العاشر جاء بعد توقف خُشي أن يكون موتا للمسرح المدرسي، الذي يعد عصب النشاط الثقافي، إلا أنه عاد، بعروض كانت في مجملها جيدة، ولو كان الاستعداد وتبليغ الإدارات عنه قبل وقت كافٍ لظهرت العروض بشكل أفضل مما كانت عليه. وأوضح الرميح، أن المشرفين الثقافيين في مختلف مناطق المملكة يتطلعون إلى أن يعود المهرجان كما بدأ، لتستضيفه الإدارات التعليمية، كي يحقق عددا من الجوانب الإيجابية، مثل تعرف الطالب على مناطق ومحافظات المملكة. وأبدى سعادته بانطلاق المهرجان مجددا، كي يعيد أمجاده التي حققها في أعوام سابقة، مشيرا إلى أنه وُلِد من رحمه عدد من الأعمال المسرحية، شاركت في مهرجانات خارجية، وحققت المملكة من خلالها عددا من الجوائز، عكست مدى القدرة على تجاوز الصعاب التي تواجه المسرح المدرسي في المملكة، متطلعا إلى أن تكثِّف وزارة التربية والتعليم مثل هذا المنافسات والمهرجانات الثقافية بشكل عام، كونها بدأت تتضاءل في السنوات الأخيرة. قدرة وعفوية أما مشرف النشاط الثقافي في الإدارة العامة للتربية والتعليم في منطقة مكةالمكرمة، سالم الزهراني، فذكر أن هذا المهرجان من البرامج التي تميزت بها وزارة التربية والتعليم، ممثلة في الإدارة العامة للنشاط الطلابي، وتجلّت فيه قدرات طلابية واعدة، تم لمسها من خلال التنافس بين الطلاب في المهرجان، مشيرا إلى أن المشاركات ارتقت في مجملها إلى العفوية، والقدرة على التمثيل، واعتلاء خشبة المسرح، رغم قلة الإمكانات التي قدمت للشباب في تلك العروض، وأن مجمل العروض بيّنت قدرة الطلاب على التعامل مع المواقف السريعة، وردة فعلهم المناسبة تجاه النقد، ما يشير إلى وجود مواهب طلابية مسرحية قادمة إلى المسرح التربوي، سترتقي به إن وجدت البيئة والعناية المناسبة والاستثمار الأنسب من وزارة التربية والتعليم. وقال إن استمرار مثل هذه المهرجانات والبرامج سيكون دافعا للعطاء، كما أنها تظهر قدرات ومواهب الطلاب في الميدان التربوي. خبرات دولية وطالب مشرف النشاط الثقافي في إدارة التربية والتعليم في وادي الدواسر، حنيان الدوسري، بأن تكون هناك دعوات رسمية لعدد من المهتمين الدوليين بالمسرح المدرسي، ليتم الاستفادة منهم، ونقل خبراتهم إلى الطلاب في مثل هذه المحافل الرسمية والأنشطة الطلابية، التي من شأنها إبراز الدور التربوي الذي يلعبه المسرح المدرسي. وتمنى الدوسري، عقد دورات تدريبية للطلاب في إعداد الممثل وفنون المسرح على هامش المهرجان. توثيق الأعمال ورأى عضو لجنة تحكيم العروض في المهرجان، متعب العسيري، أن المهرجان حقق نجاحا رغم ضيق الوقت والعوائق التي واجهته، داعيا إلى العمل على استمراريته، وإعطاء الفرصة للإدارات التعليمية لتنظيمه مستقبلا، والتنسيق المبكر مع الإدارات المشاركة لضمان أفضل المشاركات والعروض. واقترح العسيري، أن يتضمن المهرجان عقد ورش تدريبية للمشرفين على الفرق المسرحية، وكذلك لمجموعة الطلاب المشاركين في المهرجان، مؤكدا في الوقت نفسه أهمية توثيق الأعمال المميزة، وإرسالها إلى جميع الإدارات التعليمية للاستفادة ونقل الخبرات، وضرورة حضور جميع الطلاب المشاركين في العروض المسرحية من يوم الافتتاح وحتى ختام المهرجان، للاستفادة من العروض بشكل أكبر، كما تمنى أن يرى مهرجانا آخر يهتم بالطفل، ويقدم عروضه لطلاب المرحلة الابتدائية. منهج مدرسي من جهته تمنى مخرج عرض «النواخذة»، التابع للإدارة العامة للتربية والتعليم في المنطقة الشرقية، معتز العبدالله، أن يأتي اليوم الذي يجد فيه منهجا خاصا بالمسرح التربوي، يتم تأليفه من قبل خبراء التربية والتعليم، مع الاستعانة بالدول المتقدمة في هذا المجال، مع مراعاة الفئات العمرية للطلاب، مشيرا إلى أهمية زيادة مساحات الإعلان فيما يخص المهرجان. العسيري: «التربية» تدرك أهمية التدريب لنجاح المسرح المدرسي بندر العسيري أوضح مشرف عام النشاط الثقافي في وزارة التربية والتعليم، بندر العسيري، ل»الشرق»، أن لدى الوزارة «إيمانا كاملا بأن التدريب رافد من روافد النجاح في المسرح المدرسي، كما أننا نستشعر دوره كعنصر من عناصر التنمية المعرفية». وقال في تعليقه على بعض مقترحات المشرفين على النشاط الثقافي في إدارات التعليم: في مهرجان الفرق المسرحية وغيره من برامج المسرح المدرسي، لا غنى لنا عن التدريب بجميع أساليبه وأنواعه، ولمختلف الكوادر العاملة في مجال المسرح المدرسي، فالطلاب والمعلمون على حد سواء، بحاجة إلى التدريب على تقنيات المسرح وخصائصه وعناصره. وأشار العسيري، إلى أن الهدف من تدريب الكوادر المسرحية، هو الخروج من دائرة المشاركة الاعتيادية في برامج المسرح المدرسي إلى فضاءات الإبداع والاحتراف، لافتا إلى أن الوزارة تفخر بتقديم حزمة من البرامج التدريبية التي تستهدف الطالب وإعداده وتأهيله لتحقيق أهداف الأنشطة المسرحية المدرسية، إضافة إلى تأهيل المعلم في أسس الإخراج المسرحي، وعناصر العرض المسرحي من خلال مجموعة من الحقائب التدريبية التي قام بإعدادها مجموعة من خبراء المسرح المدرسي. وقال: نتطلع إلى عقد شراكات مع جهات ذات علاقة مباشرة بالتدريب، سواء داخل الوزارة أو خارجها، بغية مواصلة العمل التربوي الجاد، الذي ترجوه قيادة المملكة، ويأمله كل تربوي، ويطمح إليه كل ولي أمر.