بصراحة، أكثر الأمور التي أستغربها هو غيابنا عن الأشياء بحجج واهية، وأقصد هنا بالغياب والأشياء، كل الأمور الحياتية التي نمنعها بشكلها الكبير ونسمح فيها بشكلها الصغير، وسأضرب هنا أمثلة لذلك الواقع المتناقض مع الذات، الذي يسبب لنا ولغيرنا انفصاماً يصعب تفسيره، ولعل أهم الأمثلة وأقدمها هو السينما وفتحها في السعودية، وللأمانة فلا يوجد عذر يمنع هذا الأمر في ظل وجود آلاف القنوات في الفضاء التي يمكن مشاهدتها، وكذلك في ظل وجود مئات بل آلاف محلات الفيديو التي تعرض بضاعتها، فما دام الأمر متاحاً بشقه الصغير، فلماذا نمنعه بالشق الأكبر، وماهي العلل التي تستدعي تحريم وجود سينما مادام المنتج مسموحاً بعرضه. أدرك جيداً أن الغاضبين من هذا الأمر لن يسكتوا ولذلك أحببت تذكيرهم بأن أي منتج في الكون له استخدامان، نافع وضار، وعليهم أن يحاولوا النظر للجانب المضيء في التجربة فقد تصنع جيلاً مختلفاً في وعيه، وقد تجعلنا نحن الكبار نعود إلى النظر للسينما بإعجاب بعد أن حرمنا منها إلا في خارج المملكة. في بلدنا هناك فئة تعودت على الصراخ ورفع الصوت مع كل قرار، ورفع صوتها لو كان بنقد حال القرار فلن تجد في الأمر مشكلة، ولكن غالبية صراخها يأتي كرد فعل يتنبأ بالمستقبل الذي ينتج عنه أي قرار، ومثل ذلك ماحدث في قرار التأنيث والتأجيل الذي حدث بسبب ظنون تسربت لعقول فزادت بصراخٍ بُني على وصف لايليق بأحد من الجنسين أصلاً، ولذا فقرار السينما مثله مثل أي قرار سيصل الصراخ والتخوين والبرقيات معه مداه، وتصل الظنون إلى ذروتها، وفي النهاية ينتكص القوم ويدركون أنهم وقفوا أمام سد من الظن حجب عنهم عقولهم.