جدة – نعيم تميم الحكيم «الشورى»: العصبيات قنبلة موقوتة قابلة للانفجار ولم يتطرق المجلس لمناقشتها. «التربية والتعليم»: الوزارة تحارب العصبيات وتغرس الانتماء عبر المناهج والأنشطة. «الشؤون الإسلامية»: عممنا على الخطباء والدعاة بالحديث عن العصبيات وطي قيد المثيرين. «الحوار الوطني»: لم نقصر في مناقشة «العنصريات».. وتفعيل التوصيات ليست مسؤوليتنا. الحلقة الأولى الحلقة الثانية الحلقة الثالثة الحلقة الرابعة نعيم تميم الحكيم كشف محرك البحث الشهير “google” تكرر كلمة “العنصريات” مليونين وأربعمائة وعشرين ألفاً في موضوعات ومقالات شتى كتبت عن هذه الظاهرة في بحث رصدته ” الشرق”. وفي ظل غياب الدراسات والأبحاث العلمية المعمقة عن “العصبيات” فإن تكرار هذه الكلمة بهذا الرقم الضخم يعطي مؤشرا لأهمية الموضوع وتداوله في المجتمعات العربية عموما والسعودية خصوصا، إذا أخذنا في الاعتبار أن العصبيات سبب في تفكك الوحدة الوطنية وتأجيج نار الأحقاد والعداوات بين أبناء المجتمع الواحد، ولنا فيما يحدث في العراق من صراع طائفي لم تُطفأ ناره حتى الآن عبرة وعظة، مما يطرح سؤالا مهما عن دور الجهات المعنية في توعية المجتمع بخطورة إثارة العصبيات بكل أنواعها المناطقية والقبلية والإقليمية والفكرية والطائفية؟! عسكر العسكر ومع تنامي العصبيات في المجتمع لجأت بعض المجموعات في وسائل التواصل الاجتماعي إلى طرح مبادرات وفتح نقاشات عن أسباب تأجج العصبيات ودور الجهات المعنية في الحد منها وتوعية المجتمع بأخطارها على المدى البعيد، وكان من المبادرين لطرح الموضوع الباحث عسكر العسكر في مجموعته “حوار العقل” في برنامج “الواتس آب” بمشاركة ثلاثين باحثاً ومفكراً ومثقفاً ومسؤولاً، وخلص النقاش إلى أن العصبيات ظاهرة قديمة متجددة، محملين وسائل الإعلام بشقيه التقليدي والجديد مسؤولية تناميه وتأجيجه. حلقة نقاش وأكد المشاركون في حلقة النقاش على أن هناك مبادرات إيجابية للحد من العصبيات منها منع ولي العهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز ختم مشيخة القبيلة عندما كان أميراً لمنطقة الرياض واعتماد نظام عمد الأحياء. وانتقد المشاركون دور الجهات المعنية في توعية المجتمع والنشء بخطورة العصبيات على وحدة الوطن، والطريقة الأمثل لتهذيبها وتوجيهها الوجهة الصحيحة. ولفت الباحث القانوني كريم بن عيادة العنزي إلى أن صور التعصب في المجتمع لا تنحصر في العصبيات القبلية والإقليمة والمناطقية بل هناك أنواع من التصعب تشكل خطرا على المجتمع كالتعصب الفكري والرياضي والتعصب العرقي للون والجنس. ورأى العنزي أن العقوبات موجودة ورادعة لكن المطلوب هو تطبيقها على الجميع وبدون استثناء، واتفق المشاركون على ضرورة المعالجة الفكرية للتعصب من خلال طرح مادة “السلوك” لتؤسس لدى النشء قاعدة تهذيب الأفعال والأقوال وخلق مناعة فكرية ضد اختراقهم بدعوى العصبيات الجاهلية، مشيرين إلى تعاون المسجد والمدرسة ووسائل الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني للحد من تنامي العصبيات والعنصريات في المجتمع، مؤكدين على وجود قصور واضح يجب معالجته من قبل هذه الجهات. ولئن ناقشنا في الأجزاء الثلاثة الأُوَل مفهوم العصبيات وأنواعها وأسباب تناميها ووسائل تأجيجها وأبرز صورها في المجتمع كمسابقات مزايين الإبل وتكافؤ النسب والمحسوبيات في التوظيف والترقيات؛ فإننا تطرقنا لدور بعض الجهات وهو ما أشار إليه مدير التوجية والتوعية في وزارة الداخلية الدكتور سعد اللحيد عن وجود برامج توعوية تشارك فيها كل الجهات للحد من العصبيات في المجتمع. دور وسائل الإعلام وينفي مدير عام هيئة الإذاعة والتليفزيون عبدالرحمن الهزاع وجود أي قصور من الوزارة في محاربة القنوات المثيرة للعصبيات. وأبان الهزاع أن الوزارة تعمل على محورين في هذا المجال أولهما جانب تتبع محاسبة القنوات الفضائية الشعبية المخالفة والمنتديات والمواقع والصحف الإلكترونية المثيرة للعنصريات بعقوبات وقوانين رادعة. والمحور الثاني الذي تعمل عليه الوزارة هو محاربة العنصرية بكافة أشكالها من خلال ما تبثه من برامج توعوية في كل وسائل الإعلام، مُرَحِّباً في الوقت نفسه باستخدام المشاهير في حملة مخصصة للتحذير من خطورة التعصب القبلي والإقليمي والمناطقي والفكري والطائفي. محاولة إيجاد حلول ويؤكد رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الدكتور مفلح القحطاني أن الجمعية تقوم بمهامها كاملة بالرصد والمتابعة لأي صورة عنصرية في المجتمع ومحاولة إيجاد الحلول، لكنه يرى قصورا من قبل الجهات القانونية والقضائية والتشريعية لتجريم العنصرية لخطورتها الكبيرة على وحدة الوطن. بيد أن القضاة والقانونيين يؤكدون وجود العقوبات الرادعة لكن ضعف الثقافة الحقوقية عند المجتمع يقلل عدد القضايا التي تنظر من قبل المحاكم، وهو ما أوضحه المحامون الدكتور إبراهيم الغصن وسلطان بن زاحم والقضاة حمد الرزين والدكتور عيسى الغيث في الحلقات الثلاثة الأُوَل. اعتراف «الشورى» د. صدقة فاضل ويقر عضو مجلس الشورى الدكتور صدقة فاضل بوجود قصور يتحمله الجميع في الحد من العصبيات من المجتمع، معترفا في الوقت نفسه بأن المجلس لم يسبق أن تطرق لمناقشة هذا الموضوع رغم أهميته وحساسيته. وقال فاضل “لاشك أن مجتمعنا يعاني من عنصرية قاتلة ومدمرة ويبدو لي أن هذه الظاهرة قد تفاقمت لدرجة أنها أصبحت كالقنبلة الموقوتة القابلة للانفجار في أي لحظة ما لم يسارع العقلاء إلى وضع حل لها فإنها سوف تكون ذات نتائج كارثية”. ودعا فاضل لطرح هذا الموضوع على كل المستويات للنقاش والحوار وبخاصة في منتديات الحوار الوطني التي تستهدف تقوية اللحمة بين أبناء الوطن الواحد ودعم الوحدة الوطنية لأن ذلك يصب في مصلحة الوطن والمواطن”. وحمَّل عضو مجلس الشورى الدكتور حاتم الشريف بعض الجهات الرسمية والإعلامية إضافة إلى بعض المثقفين والشيوخ موضوع تأجيج العصبيات والعنصريات في المجتمع من خلال تقديم القدوة السلبية في المجتمع. د. حاتم الشريف وقال “عندما تكون الفرص الوظيفية غير متكافئة باختلاف القبيلة أو المنطقة أو غير ذلك، أو المشروعات التنموية تختلف باختلاف المناطق، ورؤوس الأموال الاستثمارية تتركز بناء على حدود عنصرية فهذه مؤشرات لوجود العنصرية، وسيكون التصحيح يجب أن يبدأ من هنا، من العدالة والمساواة في توزيع الفرص الوظيفية والمشروعات التنموية ورؤوس الأموال الاستثمارية”. وشدد الشريف على ضرورة تعاون عدة مؤثرات في هذا الجانب منها نشر قيم الفضيلة والعدالة وتعزيز منظومة الأخلاق الكريمة في المجتمع، مؤكدا على أنها من أقوى ما يحارب العنصرية، مبينا أن نشر الثقافة يبدأ بالتربية والتعليم ووسائل الإعلام، ولا يتوقف حتى يشمل التدقيق في الألفاظ . وانتقد الشريف إطلاق كلمة “الأجنبي” على غير السعودي خاصة إذا كان مسلماً، فالمسلم ليس أجنبياً، وقد جعله الله تعالى أخاً لي في الدين {إِنَّمَا 0لْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}، داعياً إلى إصدار قرار يلزم باستعمال عبارة (إخواننا غير السعوديين) على كل مسلم ليس سعودياً، بدلا من (الأجانب) أو (الوافدين)، كما دعا باستبدال عبارة (المتخلفين) بعبارة (غير النظاميين)، مؤكدا أن لهذه الألفاظ آثارها العميقة في النفس، وهي وحدها تشيع ثقافة فإما أن تشيع العنصرية، أو أن تشيع روح العدالة والمساواة. حوار وطني د. محمد الشويعر وينفي مدير عام إدارة الدراسات والبحوث والنشر في مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني الدكتور محمد الشويعر وجود قصور في مناقشة قضية العنصرية وأثرها على المجتمع، مستدلا على ذلك بعقدهم لقاءً فكرياً وهو اللقاء الثالث للخطاب الثقافي السعودي بعنوان: “القبلية والمناطقية والتصنيفات الفكرية وأثرها على الوحدة الوطنية”. وأبان الشويعر في حديث سابق أن الرؤى والأفكار التي توصل إليها المشاركون والمشاركات ركزت على أن المملكة مكونة من مجتمع متنوع وقبائل متعددة، وهذا يمكن أن يكون عنصر قوة ودعم للوحدة الوطنية المبنية على أساس المواطنة في الحقوق والواجبات إذا أحسن توجيهه وتسديده، وبالمقابل يرى المشاركون والمشاركات أن تغليب الولاء للقبيلة أو المنطقة أو المذهب أو الفكر على حساب الولاء للوطن؛ المرتكز على الشريعة؛ مخالف للإسلام، ولنظام الحكم، وحقوق الإنسان. وأكد الشويعر على أن توصيات المركز مسؤولية جميع الجهات، مبينا أن التوصيات التي لها علاقة بقضية العنصرية فكرية أكثر من كونها عملية. دفاع «التربية» محمد البيشي وأمام الهجوم الكبير على وزارة التربية والتعليم مع رصد تنامٍ لبعض العصبيات في المدارس من خلال العبارات التي تكتب على الجدران وبعض الخلافات التي تتطور لعراك بين الطلبة لدوافع عنصرية، يدافع مدير عام البرامج والمشروعات التربوية في وزارة التربية والتعليم محمد بن عبدالله البيشي عن دور الوزارة في محاربة العصبيات وغرس الانتماء الوطني من خلال مشروعاتها التطويرية وبرامجها وأنشطتها الميدانية على مختلف المستويات (الطالب، المعلم، المدرسة، إدارات التربية والتعليم). وأبان البيشي أن الطالب يستفيد من خلال المنهج؛ حيث تولي الوزارة تعزيز العديد من القيم الإيجابية ومنها نبذ الفرقة والتمايز العنصري من خلال مناهجها بشكل عام وفي بعض التخصصات كمناهج التربية الإسلامية، والتربية الاجتماعية والوطنية، واللغة العربية، والمهارات الاجتماعية الأخرى، وأضاف “منذ أن يلتحق الطالب بالتعليم يتلقى في مادة الفقه والسلوك العديد من المفاهيم والقيم التي تعزز المثل العليا، ويستمر ذلك التعزيز بما يناسب المتعلم حتى تخرجه من التعليم العام”. وأفاد البيشي أن الطالب يستفيد من خلال الأنشطة الميدانية، فهناك العديد من البرامج التربوية التي تسهم في تعزيز المفاهيم الوطنية سواء من خلال برامج الأنشطة غير الصفية، وبرامج التوجيه والإرشاد المختلفة. شراكة مجتمعية ولفت مدير عام البرامج والمشروعات التربوية إلى أن الوزارة تعمل من خلال الأنظمة الإدارية ويظهر في تعزيز تلك القيم في برامج الوزارة لتفعيل توجهها الجديد نحو الانتقال من المركزية الإدارية إلى اللامركزية، وبتفعيل الشراكة المجتمعية والمؤسسات التعليمية وغيرها من المؤسسات فيما بينها نحو نبذ تلك الممارسات والمعتقدات السلبية وتعزيز القيم الوطنية العليا. وتنفي المشرفة التربوية حياة المطوع وجود إثارة للعصبيات في المدارس، مبينة أن إثارة العصبيات تكون في القرى أكثر منها في المدن، لكنها تؤكد على أنها لا توجد وإذا حصلت فإنها حالات شاذة لا يقاس عليها. رصد المخالفين د. عزام الشويعر ويؤكد رئيس لجنة تقييم الأئمة والخطباء في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض الدكتور عزام الشويعر أن الوزارة عممت على الخطباء والأئمة والدعاة بضرورة الحديث عن نبذ العصبيات والانتقاص من الآخرين من وجهة شرعية ووطنية واجتماعية. ولفت الشويعر إلى أنهم لم يسبق أن رصدوا خطيبا يستخدم المنبر لإثار النعرات، مبينا أنه إذا وجد فإنه يحال للتحقيق وينظر في أمره، وقد يتم طي قيده، مشددا على أن الخطباء واعون ويدركون أهمية المشاركة في التوعية بنبذ العصبيات لمصلحة الوطن والمجتمع ووحدته. شيوخ القبائل: حريصون على محاربة العصبيات ولا تعارض بين حب القبيلة والوطن أكد عدد من شيوخ القبائل على أنهم حريصون على أداء دورهم في محاربة العصبيات بكل أنواعها لما تشكله من خطر على وحدة الوطن. وأشاروا إلى أن القبيلة جزء من الوطن ولا يوجد تعارض بين حب القبيلة وحب الوطن، مشددين على أن الولاء للوطن فوق كل شيء. ويؤكد الشيخ سراج الذبياني على أن جميع شيوخ القبائل يعون خطورة التعصب وإثارة النعرات، ويقومون بدور التوعية، ويكونون خير قدوة بمبادرتهم مع باقي القبائل ليكونوا يداً واحدة تحت مظلة الوطن، وأضاف “نحن في حاجة إلى أن يجتمع أبناء الشعب على اختلاف قبائلهم ومناطقهم ومذاهبهم إخوة يجمعنا وطن واحد وقيادة رشيدة ومملكتنا محسودة على الوحدة الوطنية وعدو بلدنا مدحور”. وينفي الشيخ عطية المالكي وجود عصبيات بين القبائل، مؤكدا انحسارها بشكل كبير بسبب وعي القبائل وشيوخها، مشيرا إلى وأد كثير من العادات السلبية منذ توحيد المملكة على يد المغفور له الملك عبدالعزيز. لكن المالكي يرى أن بعض ما يثير العصبيات هي الحفلات والمحاورات الشعرية والقنوات التي تدعمها، مبينا أن شيوخ القبائل يمارسون دوراً توعوياً مهماً للحد من العصبيات. وأكد سعد بن عامر آل سالم اليامي أحد شيوخ قبيلة يام على أن دور مشايخ وأعيان القبائل مهم جدا في الحد من ظاهرة التعصب القبلي وتحذير قبائلهم من تلك العادات السيئة ومعالجتها بحكمة؛ حيث إن من يثير تلك النعرات يؤثر على وحدة الوطن. مؤكدا على أن مسؤولية التوعية مشتركة مع الجامعات والمدارس والإعلام وجميع مؤسسات الدولة لنبذ التعصب وزيادة لحمة المجتمع والتصدي لتلك الظاهرة. أسباب ظهور العصبيات 1. ضعف الوزاع الديني. 2. ضعف الوزاع الأخلاقي. 3. القدوات السيئة. 4. الجهل. 5. ضعف الثقافة الحقوقية. 6. انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والإعلامي وسهولة استعمالها. 7. عدم تطبيق العقوبات على المثيرين. 8. ظهور الفضائيات الشعبية. 9. مسابقات مزايين الإبل وانتشار الرموز الخاصة بالقبائل. أبرز الحلول المقترحة للحد من تنامي العصبيات والعنصريات في المجتمع 1. إجراء دراسة بحثية معمقة عن أسباب تنامي العنصريات والعصبيات والحلول الملائمة لمواجهتها. 2. تكثيف عقد جلسات الحوار في كل المناطق ومع كل الفئات للحد من تنامي العصبية. 3. عمل حملة إعلامية مكثفة تشارك فيها كل الجهات لمحاربة التصعب. 4. تفعيل دور الجهات التربوية في مكافحة التعصب القبلي من خلال المناهج والمعلمين والأنشطة. 5. تكثيف دور الخطباء والدعاة بتوعية المجتمع بخطورة التعب من الناحية الشرعية والوطنية. 6. إغلاق القنوات الفضائية التي تثير العصبيات وتغريم أصحابها. 7. تكثيف الحملات التوعوية بإستخدام نجوم الدعوة والرياضة والفن والمجتمع. 8. ملاحقة أصحاب المنتديات والمواقع التي تزكي النعرات القبلية والإقليمية وإغلاقها. 9. منع المناشط التي تحتوي على إساءات عنصرية للقبائل سواء أكانت شعرية أو غيرها. 10. مساواة أبناء المناطق في حقوقهم الوظيفية ومنع تصرف المديرين والمسؤولين بشكل عنصري. 11. زيادة العقوبات القانونية والقضائية على مثيري التعصب القبلي والإقليمي والمناطقي والفكري والتشهير بهم. 12. منع إطلاق النكت والتعليقات غير المناسبة على بعض المناطق وتغريم مطلقيها. 13. تفعيل التعاون بين مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الرسمية للحد من العنصريات. 14. إطلاق حملة توعوية تشارك فيها كل الجهات المعنية لمحاربة التعصب بكافة أشكاله.