أيها (الهواء)، سافرْ توزعْ في (المخادع) والجحور، في المباني والمساكن والمساجد والمعابد والمتاجر والمقاهي والملاعب والملاهي والأغاني، وفي الساحات والرايات (والنايات) والحكايات والكلمات. انفث النفحات فما تبقى من الليل فينا، انتشلنا يا هواء من أحضان نومنا، فمنا الذين يرقدون في كل حين وما زالوا (رقادى) في كهوف الصمت والضجر الطويل، والذين لما يناموا بعد، والذين لا ينامون أصلاً من أجل أن يحرسوا نوم عصافيرهم في المساء. قل لنا يا هواء: لا تناموا، وزفَّنا جميعاً إلى نومك المشتهى. تعالوا إلى فِضَّةِ العشق الصافية هذه بكل ما يملؤها من عناق لا سوءة فيه، طالعوا أمكم/ أرضكم العاشقة، ما هدَّها العشقُ والحبّ يوماً، بل شيّد جسر اليقين بأنَّ السماءَ كريمةٌ وحنونةٌ وعطوفةٌ وحليمةٌ، وما تلك الصفات إلا نقطة واحدة من بحر ضوء (المنير) على الدوام. هيّا اخرجوا وانظروا بقلوبكم قبل عيونكم كيف (توشوش) السماءُ الأرضَ، والأرضُ السماءَ.. تدوخُ الأرض، وتهتز أعطافها غبطةً بالرواء. ولتقرأوا جيداً مطر الكريم، غيثَه، حُبَّه (والرسالات) التي يكتبها بحبر الماء في قَطَراتِهِ، كيْ تعرفوا أنَّ الحياةَ جميلةٌ بصفائها وبساطةِ النّعناعِ في شاي الصباح، لا بحروبها واقتتال ظنونها وسجالات الضغينة والحقد والجشع الجاهل عن معنى الوجود. فهل نعي أو أننا نستمر في الدوران في ميدان الشقاء يلفنا غموض الوضوح، وضوح الغموض يعمينا عن المعنى الجليل لما وراء الماء، ما سرّنا يا رب إذ لا يردنا إليك إلا عقابك بعد أن يشد أوتار الخوف في (كمنجات) قلوبنا، (والثواب) كان بين أيدينا يسبقنا وجوده ولم نره مثلما لم تبصر الأرواح سحر الماء يبعثه بهاء البهي ليضيء ليلَ نفوسنا قمرٌ واسع يزيد التماعاً كلما أظلمت الحياةُ.. زدنا يا هواءَ الله يا نسماته ونفحاته يا جمال الجميل.