فوضى وشغب غير طبيعيين شاهدناهما في مباراة الشعلة والهلال بالخرج ضمن منافسات دور الستة عشر لكأس ولي العهد، جماهير تنزل إلى أرض الملعب، وقذف لجميع ما يمكن قذفه على اللاعبين والاحتياطيين وحتى المصورين. تصرفات همجية بكل معنى الكلمة، والرئيس العام أمر “بشكل عاجل” بتشكيل لجنة من عدة جهات للتحقيق بما حدث ليتم تلافيه مستقبلاً. أعتقد أننا فشلنا في السنوات الأخيرة بالتصدي لهذه الظاهرة من ناحيتين، من ناحية التعاطي الإعلامي، ومن ناحية العقوبات. ففي الجانب الإعلامي، مازال الكثير للأسف يردد الإسطوانة المعتادة في كافة المجالات من أن هذه التصرفات دخيلة على مجتمعنا وعلى وسطنا الرياضي، وأنها لا تمثل إلا هؤلاء القلة، رغم أن الظاهرة تفشت بشكل أشك أنه يحصل في ملاعب أي بلد آخر. كما حاول الكثير من الإعلاميين خلال هذه السنوات أن يربط الفوضى بجماهير أندية دون أخرى ليستجدي قراراً يفيد فريقه أو عقوبة تضر بمنافسيه. عندما يدخل مشجع واحد إلى الملعب، قد أقتنع أنه يبحث عن خمس دقائق مجنونة من التصوير والظهور أمام الكثير من المشاهدين دون أن يفكر بعواقبها، أما أن أن يكون الدخول وسط الملعب متكرراً ولعدة أشخاص فهو فوضى تعبر عن ضعف أمني وتنظيمي وعن عدم خوف من العقوبة. هذه عدة لقطات لأحداث تكررت كثيراً في ملاعبنا بالمواسم القليلة الماضية منها ما هو بشكل فردي ومنها ماهو بشكل فوضوي لأكثر من شخص: لاحظوا تركيز المخرجين على المشاغبين وتفاعل المعلقين معهم! الحزم والهلال في الرس الأنصار والهلال في المدينةالمنورة الحزم والأهلي في الرس الرائد والنصر في بريدة النصر والاتحاد في الرياض وغيرها الكثير والكثير من اللقطات المشابهة، الواضح في هذه الأحداث أنها رغم حصولها في مختلف الملاعب، حول المملكة، إلا أنها تتكرر مراراً في ملاعب معينة، وخصوصاً عندما تقام مباراة جماهيرية في ملعب فريق غير جماهيري. والغريب أن العقوبات كانت متفاوتة بشكل كبير في هذه الحالات، وهو الجانب الآخر الذي أرى أن الإتحاد السعودي فشل في ضبطه حتى الآن، فردود الفعل تجاهها تباينت من غض البصر، إلى العقوبات المالية ونقل المباراة لأرض الخصم، أو لعب مباراة دون جمهور، حتى وصلت إلى أن الفريق الضيف عوقب بسبب تصرفات جماهير ملعب الفريق المضيف! كما تم الحكم في بعض الحالات على المشجعين بالجلد أو المنع من دخول الملعب والقيام بتنظيف مبنى النادي! هي كلها عقوبات –غير رادعة- لن تمنع أي مشجع طائش من أن يقوم باستعراض جرأته وسط الملعب، كما أنها لم تقدم أي حل لهذه المشكلة. العقوبات الماضية في أغلبها تمس النادي ولا تردع المشاغبين من مشجعيه، فهل آن الأوان لنرى حلولاً تنظيمية جدية تتزامن مع سن عقوبات رادعة كخصم نقاط من أرصدة الأندية ومنعها من اللعب على ملعبها، أو سجن المشاغبين وإيقاع غرامات مالية كبيرة عليهم كما يحدث في كثير من الدول حول العالم؟ أم سننتظر حتى تحل كارثة في أحد ملاعبنا لا يمكن السيطرة عليها كما حدث مثلاً في معركة زعبيل بمباراة النصر والوصل وتكون خسائرها أكبر بكثير مما مضى؟