اتضحت الرؤية لدى غالبية المجتمع السعودي بوجود تيارين فكريين متضادين في الطرح ولا يوجد فرق بينهما سوى الاختلاف في التوجهات، فهذا فكر يميني متشدد بدعوى الدين وآخر فكر يساري متغرب بدعوى الليبرالية الإسلامية. إن هذين الفكرين قد نجد فيهما سمات التشابه في كثير من الطرح والرأي، فكلا أصحاب الفكرين لهم قاعدة واحدة يحرصون على الانطلاق منها والرجوع إليها وهي أن الدين والتمسك به والثبات عليه هدفهم حسبما يدعون ونفهم من طرحيهما. وأيضا كلا الفكرين ومن يحملهما من كتاب ومثقفين يتفق في التعصب للرأي والنظرة السوداوية للآخرين، فتجد ذلك ينظّر باسم الدين مستفتياً نفسه، وأصحاب الفكر الآخر من الجهة الأخرى يدعون من وجهة نظرهم هم ومن يؤيدهم أنه يجب علينا التعايش مع الثقافات الأخرى وقبولها بكل بساطة ونشرها في وطننا وبين أفراد مجتمعنا وجعلها شيئاً ملموساً، متناسين واقع ديننا وثقافته بالإضافة إلى جغرافيتنا الوطنية ومكانتنا الدولية، ومن كان معارضاً لأصحاب أحد الفكرين كانت عقليته غير ناضجة ولا يصلح للعيش في هذا العصر! ومن وجهة نظر دينية أساسها القرآن الكريم والسنة النبوية نجدها ونلمسها في علماء هذا البلد الغالي ولا نزكيهم على الله نقول لا هذا ولا ذاك، فنحن أمة وسط لنا ثوابتنا وخصوصيتنا. لا تشدد في أمر ديننا ولا انحلال من عقيدتنا وثوابتها، فمنذ تأسيس الدولة السعودية كان منهجها واضحاً ودستورها تستمده من القرآن والسنة. ويؤسفني حقاً أن يظهر لنا مثل من يحمل تلكم الأفكار (الهدامة وليست البناءة) من كلا الطرفين محاولاً نشرها في المجتمع باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي وبدعوى إيصال صوت المجتمع وحاجاته ومتطلباته في الإصلاح. نحن «المجتمع السعودي» منهجنا يقوم على ركيزتين رئيستين هما القرآن والسنة النبوية حكماً وشرعاً. ومنهجنا أيضا هو واحد، وثوابتنا صامدة تتطور في حدود الشريعة الإسلامية وضوابطها لما تقتضيه حاجة المجتمع. وأتساءل: أليس من المفترض تسخير عقولنا وأقلامنا وألسنتنا ومهاراتنا التي ألهمنا الله بها لمرضاة الله وجعلها منصبة في سبيله ولإعلاء كلمته، وبناء روح المحبة والتواصل والترابط بين أفراد المجتمع ونبذ كل ما من شأنه تصعيد الاحتدام والتوتر؟ فلنا في تلك الفئات الضالة خير مثال على ما يحدث من بعض المخربين في بعض مناطق المملكة، لنشر الفوضى وتخريب الممتلكات العامة والخاصة وقد وصل بهم الأمر إلى الاعتداء على الأفراد ورجال الأمن، حاملين في طياتهم أجندة خارجية، فجميع أفراد المجتمع على اختلاف اتجاهاتهم المذهبية والفكرية يكنون لهم الكره والبغضاء لما يسعون له من تمزيق وحدة هذا الوطن، ومحاربة مثل هذا الفكر الهدام أمر واجب علينا بقدر استطاعة كل فرد منا، وكذلك هو الحال مع كل صاحب فكر منحل، متأثر بالثقافة الغربية، خاصة فيما يتعارض منها مع ديننا الحنيف، متجاهلاً ثوابت مجتمعنا الدينية والعرقية، وهؤلاء من «أصحاب الفكرين: اليميني المتشدد واليساري المتغرب» لا يدركون عاقبة نشر أي من الفكرين بين أفراد المجتمع وما قد يؤول إليه مجتمعنا في حال تنفيذ أجندتهم. حفظ الله البلاد والعباد وسائر بلاد المسلمين من كل سوء وأدام الله علينا نعمة الأمن والاستقرار.