ومنذ أن قرأت شعر المتنبي عن العيد عندما كنت في المرحلة المتوسطة مازلت أذكره في كل عيد. المتنبي لم يكن مسروراً بقدوم العيد، وأعتقد أن زمنه لم يكن زمن الكوارث والفتن كما هو اليوم، كل الذي كان يزعج المتنبي هو تدهور علاقته مع (كافور الإخشيدي) حاكم مصر وقتها، أو بعض معارك جرت في بلاد الشام وصلته أخبارها. لو عاش المتنبي معنا اليوم لقال قصيدة تقطر دماً.. عجيب أمر هؤلاء الناس الذين يتحدثون عن العيد ويحتفلون بالأعياد في زمن كثرت فيه الكوارث حتى أصبحت أكثر من أصناف وسائل اللهو وموائد الطعام. أمراض مستعصية تفتك بالقريب والصديق، وحوادث طرق تحصد الأرواح، وسيول تجرف الشباب والأطفال والنساء والشيوخ، وحرب طاحنة تجري في بلاد الشام ينحر فيها (الرجال النشاما) في كل ثانية جمعاً من مواطني سوريا (فداء لعيني بشار)، أحال النشاما ومولاهم الشعب السوري إلى أضاحٍ من أجل عينين خضراوين في رأس النعامة. رغم كل الذي تقدم مازال هناك من يتحدث عن العيد ومازال هناك من يبحث عن مخيمات في البراري أو على الشواطئ أسعارها تفوق أسعار الفنادق، ومازال هناك من يشوي لحوم الأغنام في وقت تُشوى فيه لحوم البشر في سوريا ولبنان! هل سمعتم ما فعله (الطامح إلى الجنة) في أفغانستان عندما فجّر نفسه في مسجد وقت صلاة العيد؟ أي عيد تتحدثون عنه؟! أحسن الله عيدكم.