نحن في هذه البلاد نستحضر ماضينا الذي انطوى على جوع وضيم وحفر بالصخر وضجر من الجوع، ولم تلتفت له دول العرب فضلاً عن دول الجوار مما أصاب أجدادنا وهم في رغد من العيش إلى أن صاح أمير الشعراء وقال قصيدته التي يناجي بها ربه: ضَجَّ الحِجازُ وَضَجَّ البَيتُ وَالحَرَمُ وَاِستَصرَخَت رَبَّها في مَكَّةَ الأُمَمُ قَد مَسَّها في حماكَ الضُرُّ فَاِقضِ لَها خَليفَةَ اللَهِ أَنتَ السيِّدُ الحَكَمُ أمير الشعراء هنا يناجي الله جل في علاه أن يقضي بحاكم يخافه ويهابه ويوفر الأمن المفقود آن ذاك لحجاج بيته وهم الذين ضاقت بهم السبل من جرائم قُطّاع الطرق، التي كانت سائدة في البلاد طولاً وعرضاً، إلى أن قيّض الله لهذه البلاد موحدها الذي بسط نعمة الأمن التي كانت مفقودة واستيسر الحجاج وأمنوا في طريقهم ثم اقتفى أبناؤه البررة من الملوك والأمراء الذين سعوا إلى بسط الأمن وتوسعة الحرمين الشريفين بشكل أراح ضيوف الرحمن من قضية الزحام والموت تحت الأقدام. لم تكن في البلاد قبل توحيدها حكومة تدير شؤون الرعية وتبسط الأمن وكانت دول الجوار تنعم برغد العيش وسط جوع كان يلف أرجاء قارتنا، ولم يلتفت لنا أحد. لقد سررنا كثيراً ونحن نشاهد القنوات تنقل ما يرفل به الحجيج من نعمة الأمن وهي نعمة كبيرة كانت مفقودة ناهيك عن تيسير أداء مناسك الحج بكل يسر وسهولة، لقد كان رمي الجمرات بحد ذاته عبارة عن موت محقق تحت الأقدام واليوم نشاهد المقعد والكسير وهو يتلذذ بأداء شعائر الحج بنفسه دون الحاجة إلى توكيل، لست هنا مداهناً ولا مجاملا بل ناقلا للحقيقة، أدرك أن عددا من المشاريع لم تنفذ وفق اشتراطاتها الفنية وأصولها الفنية وهذه يتحمل وزرها بعض الوزراء ووكلاء الوزارات الذين جلهم تعداهم قطار الزمن. (انتهت المساحة) ولم ينته حب الوطن.