لن أتحدث عن “مؤازرة الجمال” التي يتكلم عنها السارد في رواية “صائد اليرقات” لأمير تاج السر بوصفها تقديما وانتصارا للأنثى بغض النظر عن جودة واكتمال نصوصها، بل سأعتبر العبارة تحريضا على اكتشاف جمال رواية تستحق مؤازرة معنوية من قبل قارئ وقع عليها بالصدفة. ما أمارسه هنا لا يتجاوز عرضا للعمل وحسب، عرضا تفرضه المساحة وطبيعة المقال الصحفي. رواية تقدم لنا فصولها وتعرض أحداثها عبر ضمير المتكلم/بطل النص الذي اختاره المؤلف ليقدم لنا سردا ذاتيا ينحاز لزاوية معينة يسمح لنا من خلالها ومن خلالها فقط بمتابعة الحدث، ثم تصدمنا زاوية النظر هذه في الصفحة الأخيرة من الكتاب عندما يطل المؤلف برأسه ساخرا من القارئ وسعيدا بحيله السردية حيث يعلن عن حضوره الخالق والمتحكم فيما نراه من واقع ومن خيال. يميز البناء في هذه الرواية أنه لا يكتفي بعرض متتابع لأحداثه، لكنه يصنع متنا موازيا للمتن الأساسي على شكل فصلين نقرأ فيهما رواية: على سريري ماتت إيفا، للروائي أ.ت (أحد شخوص رواية صائد اليرقات) . ليس هذا فحسب، بل نقرأ نصوصا تنبعث من نصوص في محاولات المخبر وهو يمارس سعيه لكتابة رواية. الكتابة تتخلق وتنمو مثل حشرة (مثل أي شيء ينمو)، قد تموت يرقة ولربما نضجت. الأحداث في النص تحبب إلينا هذا الوهم، ويظل السؤال معلقا بين أعيننا: وهل ينمو الكاتب مثل بيضة تصبح يرقة وتتوسل المراحل حتى تغدو حشرة؟ أم أن النصوص هي هذه الكائنات التي يموت بعضها خديجا ويحيا بعضها الآخر؟ “صائد اليرقات” عمل يشرع النوافذ للدلالات المتنوعة ويحرض القارئ على الركض بحرية.