تضخيم الذات السياسية لدى الجماعة في مصر بدأ في الظهور بعد فوزهم بالأغلبية البرلمانية، وبلغ ذروته عقب تمكن الدكتور مرسي من الوصول إلى كرسي الحكم. نجاحاتهم المتكررة في التعامل مع الأحداث وكسب المعارك التي خاضوها مع خصومهم منحتهم ثقة مفرطة كان لها تأثير سلبي (يظهر الآن بقوة) وهم ينظرون إلى أنفسهم في خيلاء، ظنّاً منهم أنهم استطاعوا السيطرة على مفاصل الدولة، وبالتالي فإن الخطوة التالية هي توجيه ضربات قاضية تهدف إلى إبادة المعارضين! أنانية سياسية أفقدتهم أنصار الأمس سواء من رفقائهم الإسلاميين، أو من كان يتعاطف معهم -بحجة أنهم جاؤوا إلى السلطة بهدف تطبيق الشريعة الإسلامية- ومن راهن على قدرتهم في استخدام سياسة متوازنة تمنحهم الحق في اعتلاء سدة الحكم لفترة مفتوحة (!).. ولعلهم الآن يضربون كفاً بكف وقد وجدوا أنفسهم يؤدون دورهم على المسرح السياسي والجمهور يطالبهم بالنزول والمغادرة. وإذا لم ينتبه قادة الإخوان إلى ما وصلوا إليه من غرور سياسي فإن تعدد الأخطاء في الفترة القادمة سيفقد الجماعة التأثير في شارع تعتمد على أنه دائماً تحت سيطرتها وقادرة على توجيهه وفق إرادتها نتيجة ما تمنحه له من مساعدات اقتصادية يتم توزيعها مع صكوك الجنة. أما الجنون السياسي فهو ما فتح الباب على مصراعيه أمام مليشيات الإخوان لتنال من ثوار الميدان في جمعة الحساب، وتلفت الانتباه إلى الطريقة التي تعتمد عليها الجماعة في التحاور مع شركائها في البلاد، بينما كان ارتباك مؤسسة الرئاسة في قضية النائب العام يشير إلى تبعية مرسي لجماعة مازالت غير مؤهلة للتعامل مع ملف القضاء الذي يحتاج إلى النظر إليه من كل الجوانب، وليس فقط التركيز على قمة الهرم. على مكتب الإرشاد أن يعود إلى رشده ويكف عن تصعيد العنف السياسي ضد خصومه، ويفهم أن الديمقراطية -التي أتت بها ثورة يناير ودفع الوطن ثمنها من أرواح الشهداء ودماء المصابين- لا تؤمن بمبدأ السمع والطاعة، وأن مصر التي قدمت هذه التضحيات ملزمة برد الحق إلى أصحابه الحقيقيين الذين ليسوا هم الإخوان على الإطلاق. ولو كان الذكاء السياسي للجماعة مكنها من تشتيت المعارضة والانفراد بالسلطة فإن الغباء السياسي أيضاً هو ما سيوحد هذه المعارضة ضدها، وحينها ستبكي على اللبن المسكوب ولن تجد من يمد إليها يده وستُسقى من نفس الكأس الذي صنعت شرابه. اعتماد الإخوان على المغامرات السياسية (قد) يؤتي أكله إذا كانت الجماعة مازالت تنتمي إلى المعارضة، لكن الوضع الآن تغير بالكامل بعد أن صارت في السلطة ويتم تسليط الأضواء عليها، وبالتالي فعليها أن تعدّل من خطة اللعب، بل تفعل أكثر من ذلك وتدفع بلاعبين جدد ودماء شابة تستبدل الخطاب السياسي المسن للشيوخ، وتمد يد المصافحة للقوى السياسية وتتمسك بالسعي إلى الانضمام لتكتلات سياسية تخوض بها الانتخابات القادمة! آخر سطر: لو أردت أن تكون متحضراً.. فعليك أن تحب الناس جميعاً.