عقدت في القاهرة الأسبوع الماضي ورشة عمل نظّمها مركز أميّة للدراسات والبحوث الاستراتيجية حول المشروع الإيراني في المنطقة العربية والإسلامية، وقد شارك عدد من الباحثين والصحفيين العرب حاولوا تشخيص وتحليل وتشريح المشروع الإيراني في المنطقة العربية ووضع المشروع الإيراني في ظل الثورات العربية. وقد بدا واضحا من خلال الورشة أنّ تحولا حقيقيا حصل لدى شريحة واسعة من المفكرين وأيضا من الحضور الذين يعبرون بطبيعة الحال عن المجتمع العربي. فجزء من الإسلاميين اعترف أنّه كان كغيره من المكونات الإسلامية العربية وحتى القومية مخدوعا بالثورة الإيرانية على اعتبار أنها ثورة إسلامية، وتفاجأوا فيما بعد عندما أصر الخميني على جعلها قومية فارسية. وعلى الرغم من أنّ العلاقات بقيت جيدة بين شرائح واسعة من الإسلاميين العرب ونظام الولي الفقيه خلال فترات متعددة، إلا أنّ الثورة السورية نسفت كل صلة بين هؤلاء وبين نظام الملالي. فقد أسقطت الثورة السورية كل الأساطير المتعلّقة بإسلامية النظام خاصة بما يسمى ممانعة ومقاومة بعد ما ذبح النظام السوري وحلفاؤه الملالي وحزب الله من الشعب السوري أضعاف ما فعلت إسرائيل في الشعب السوري طوال ستين عاما. اللافت للنظر أنّه أصبح هناك شيء من الوعي لدى العالم العربي بأنّ القضية الفلسطينية ما هي إلا ورقة تستخدم لتشتيت الأنظار عما يحصل فعلا، فلم يعد ينفع مع المحور الطائفي السوري-الإيراني- حزب الله أن يرسل الطائرات أو الصواريخ إلى إسرائيل، فالأول فقد كل أنواع الشرعية والثاني فقد الغطاء السنّي الإخواني الذي كان يمهد له الطريق في العالم العربي والثالث فقد كل شيء حتى أصبح لديه مشكلة داخل البيئة اللبنانية والشيعية. هذا كان من الجانب الإيجابي الذي كشفته ورشة العمل، أمّا من الجانب الصادم فهو أنّه ما زال في العالم العربي بعض الشرائح الساذجة إذا ما صح التعبير التي ضلّت طريقها ولا تزال على الطريق القديم الذي يتحدث عن محاور ممانعة واعتدال وعن أنّ إيران لا تشكل خطرا وأنّ من يقول ذلك إنما يريد أن يحرف النظر عن الخطر الإسرائيلي، وعدا أنّ هذا الكلام يعد قديما وجبته أحداث الثورات العربية ولاسيما الثورة السورية، فإن المشكلة تكمن في أنّ المروجين له ضلّوا الطريق فبعضهم يصف أنفسهم بالقوميين العرب ولكن خطابهم يوحي بأنهم قوميون فرس؟! وأما اليساريون منهم فبدوا أقرب إلى الفاشية مع تجاهل المذابح التي تحصل على أيدي إيران وأتباعها في العالم العربي، وعلى الرغم من أنّ كلا المكونين بدا معزولا وغريبا عن محيطه في هذا الطرح الذي قدموه، إلا أنّ هذا يعني أننا ما زلنا قابلين للاختراق مع وجود مثل هذه العقليات، وأننا لا نتعلم من الأخطاء ودروس التاريخ مع إيران وإنما نكررها بأشكال مختلفة ومن جهات مختلفة.