قناة العالم الإيرانية لسان حال حكومة الملالي في إيران ، والناطق الرسمي باسمها في المنطقة العربية ، وكنا نتساءل ونحن نسمع ما تمارسه من تعبئة منظمة ضد العرب كافة عبر عملائها الذين تقوم بحشدهم بأموالها الشريفة والنظيفة ، ليعبروا عن توجهات الملالي ضد أمتهم العربية ، لماذا لا تحجب تلك القناة المغرضة ؟ ومع أننا مع حرية الرأي وضد سياسة الحجب ، لكن ما تفعله تلك القناة لا يدخل في نطاق حرية الرأي أبدا ، إذ هي قناة مسيّسة تقوم بالتحريض والتجييش ضد العرب ، وتعبر عن حقد دفين ضد كل ما يمت للعروبة بصلة ، في الوقت الذي تتجاهل فيه ما يحدث في إيران من مشاكل وانتهاك صارخ لحقوق الإنسان ، أي أنها تمارس سياسة الكيل بمكيالين شأن كل وسائل الإعلام المسيّسة والمؤدلجة ، لكن الأمر بإغلاقها منذ أيام يعبر بقوة عن أنه بلغ السيل الزبى وأن ما تقوم به إيران عبر محطتها تلك بلغ حدا لا يمكن السكوت عليه . ما تمارسه إيران في المنطقة العربية من العراق إلى فلسطين مرورا باليمن ، واستهداف مصر بواسطة عصابات حزب الله ، والتهديد بإفساد موسم الحج ، كل هذا يؤكد أن إيران ماضية فيما عزمت عليه من تصدير ثورتها وتمزيق أواصر المنطقة العربية لإقامة مشروع الشرق الأوسط الكبير بمواصفات ملالية . كل هذا لا يستطيع أحد من ضيوف قناة العالم تسليط الضوء عليه لأنها لا تستضيف سوى حفنة من العملاء الذين يغريهم بريق أموالها الشريفة ، والغريب أن رئيس المحطة مصري ارتضى أن يكون سوطا ضد أمته بأيدي الملالي . وكما هو المعتاد أخذت تلك القناة منذ وقف إرسالها تتباكى على حرية الرأي التي صودرت من قبل مسؤولي عرب سات ونايل سات ، حرية الرأي بنكهة الملالي لا تكون كذلك إلا متى كانت شتما وتحريضا ضد الدول العربية ، لكن تلك الحرية يصيبها الصمم عندما يتعلق الأمر بإيران ، فعندما كرّست القناة الصفوية خطابها الإعلامي للتحريض ضد الدول العربية خصوصا المملكة ومصر وأخذت تلقي حجارتها يمنة ويسرة تناست بيتها الزجاجي ، وأن ما يحويه من عيوب وسوءات بات مكشوفاً ، ولن يستطيع خطابها العنصري المتستر بستار الإسلام ، والمتلطي بعداء إسرائيل مواراته . لقد بذلت دولة الملالي كل ما تستطيع ؛ توسلاً وتهديداً لدول الغرب للحصول على تفويض رسمي منها لإطلاق يدها في المنطقة العربية ، وذلك بعدما عاثت فيها - سرّاً - فسادا ًعبر عملائها فأسست لها خلايا نائمة في أكثر من قطر عربي ، في الوقت نفسه لا تنفك تتهم تلك الدول وبعض الدول العربية بالتدخل في شؤونها . أما القصة المثيرة للعجب فهي قصة أولئك المحسوبين على نظام الملالي من أحزاب وحركات وكتاب ومثقفين ووسائل إعلام ، أولئك الذين وضعوا أوراقهم كلها في السلة الملالية ! ففي الوقت الذي يتفرغون فيه للحديث عن انتهاك حقوق الإنسان في العالم العربي وغياب الحريات ، ويسهبون في الحديث عن غياب خطط التنمية وتفشي الفقر وغير ذلك ، يغمضون أعينهم عما يحدث في طهران فيتجاهلون ما يتعرض له مئات الآلاف من الشعب الإيراني من ظلم واضح ، وما يمارسه النظام من انشغال بالصراع الخارجي عن مشاريع التنمية ، للقضاء على عدو متخيل لتعبئة الجماهير وإشغالها عن المعضلات الداخلية ، وغني عن القول أن إيران تعدّ من الدول البترولية الغنية ، لكنها مازالت تستورد البنزين وتوزعه بالبطاقات المقننة ، وهي اليوم تعاني عجزاً مالياً كبيراً وتضخماً حادا ً؛ لأنها تنفق أموالا ً طائلة على التسلح وتخصيب اليورانيوم ، محاولة إقناع العالم أنه لأغراض سلمية ، وموهمة شعبها أنها تدّخر السلاح للدفاع عن نفسها ضد الأعداء الذين يتربصون بها لتبرر بذلك إنفاقها الهائل من أمواله. وهو الأمر الذي وجد فيه الملالي حلاً مريحاً لصرف أنظار الشعب عن مشاكله ، ومع هذا فقد استقال 120 أستاذاً في جامعة طهران بعد اقتحامها الدموي والاعتداء على طلابها في الانتخابات الأخيرة ، التي يدعون تفوق طهران فيها على الدول العربية ، ويباهي بها عملاء طهران من ضيوف قناة العالم ، متناسين أنها ديموقراطية مزيفة مغموسة بدماء الأبرياء ودموع الثكالى والأرامل . وأما النموذج الإيراني في الحكم الذي يطبل له الإسلاميون والقوميون على السواء ، فقد صار حكما ديكتاتوريا شموليا ، فالديكتاتورية التي قامت الثورة من أجل الإطاحة بها ظهرت على نحو أكثر وحشية ! ولقد ثبت باليقين القاطع أن الفساد والاستبداد والمحسوبية عوامل كامنة في أصل النظام ، وكل هذا يبطل دعاوى المحسوبين على نظام طهران الذين يرددون بأنه يوجد فيها نظام ديموقراطي إسلامي يجب أن تحتذيه باقي الدول الإسلامية ، لهذا لا تنفك إيران عن شراء الأقلام والمنابر الإعلامية والصحف والجماعات الموالية . عندما نشرت صحيفة (واشنطن بوست) الأمريكية مقالاً لولي العهد البحريني قال فيه ( نحن العرب لم نفعل ما فيه الكفاية للتواصل مباشرة مع الشعب الإسرائيلي ... علينا أن نتقدم الآن نحو سلام حقيقي من خلال التشاور مع شعبنا وتوعيته ، وكذلك من خلال مد اليد إلى الشعب الإسرائيلي لتسليط الضوء على فوائد السلام الحقيقية ) ! أثار هذا القول ضجة لدى القناة الإيرانية ومن يعتاش من أموالها الطاهرة ، لكن في الوقت نفسه صمتت القناة وكل المحسوبين على نظام الملالي من العرب ، عن تصريح نائب الرئيس الإيراني الذي قال فيه: ( إن إيران اليوم هي صديقة الشعب الأمريكي والشعب الإسرائيلي ، ما من أمة في العالم هي عدوتنا وهذا فخر لنا )!! ولكم أن تتخيلوا حجم الهجوم الذي كان سينهال من قبل المرتزقة العرب المحسوبين على نظام الملالي وقناة العالم ، لو أنه صدر عن زعيم أو شخصية أو حتى عن كاتب عربي ، ثم لماذا تدعي إيران عداوة أمريكا التي تسميها الشيطان الأكبر ، وتحرض الحزب الإلهي في جنوب لبنان على حرب إسرائيل بادعاء المقاومة ، ما دامت لا تضمر العداء لأحد في العالم خصوصا أمريكا وإسرائيل ؟ بل إنّ في ذلك القول تأكيدا على عدم وجود عداء في الأصل بين إسرائيل وإيران ، وإنّ كل ما تقوله إيران مجرد كذب ادعاء لتبرير تدخلها السافر في القضية الفلسطينية وسيطرتها على لبنان حد شلّ البلد كله بواسطة مخلبها هنالك حسن حزب الله . إنّ استفزاز إيران لدول المنطقة كما يبدو لن يقف عند حد ، فقد سبق أن صرّح مساعد وزير خارجيتها قائلا : إنّ الشرق الأوسط سيبقى مركزاً للأزمات طالما ظلت الأنظمة الملكية قائمة في الخليج ! ولم يصدر عن الملالي توضيح أو تبرير لما قاله نائب وزير خارجيتهم . والأكثر من ذلك هو إصرارهم على تسمية الخليج العربي بالفارسي الذي تردده قناة العالم وغيرها على مدار اليوم ، وآخره ما كتب منذ أيام في موقع قناة العالم من أنّ ( أمير قطر أنهى زيارته إلى إيران والتقى خلالها قائد الثورة ... وأكد الأمير القطري لدى لقائه احمدي نجاد أهمية العلاقات بين إيران ودول الخليج الفارسي ! ... وقال الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني إنّ قطر ترحب بتوسيع علاقات طهران مع دول مجلس التعاون في الخليج الفارسي ، وهي مستعدة لتعزيز التقارب بين إيران ودول الخليج الفارسي ) !!! فلقد بلغت الجرأة والوقاحة حداً جعلتهم لا يخجلون من تحريف كلام ضيفهم ، وما أظن أمير قطر يعتبر الخليج العربي فارسياَ ! لكني لا أنفك أتساءل عن موقف العرب المحسوبين على إيران من نسبة الخليج إلى الفرس لا إلى العرب ، أولئك الذين ينكرون أحقاد إيران وأطماعها ويدافعون عن سياساتها وخطاب قناتها العدائي ، بل أين عروبتهم إن كانوا حقاً عرباً وليسوا مجرد عملاء لمن يدفع لهم حتى لو كانت إسرائيل ، فلا فرق بين ما تفعله إسرائيل وما تفعله إيران الآن وما تخطط لفعله مستقبلا ، فالعدوان واحد ولا فرق بين عدوان يشنه يهودي أو مسلم ، وليس ثمة فرق بين احتلال فلسطين واحتلا جزر الإمارات ! أخذ أولئك الكيالون بعدة مكاييل في التباكي على حرية التعبير لدن إغلاق قناة الملالي الصفوية ، فاعتبر علي التميمي أحد أبواقها المأجورة أن قطع إرسال القناة حرب على حرية التعبير وفكر المواطن العربي الذي يتعطش للاستماع إلى الحقائق ! كما عبرت فصائل وشخصيات فلسطينية وقناة المنار التابعة لحزب الله وقناة الفرات العراقية وإذاعة القدس واتحاد الصحافيين المسلمين والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عن استنكارها وشجبها لقطع بثّ قناة العالم ووصفوه بأنه إرهاب فكري وسياسي !!! وأما القناة فقد ذكرت أن كلاً من عرب سات ونايل سات أخبرتاها أنّ السبب في قطع إرسال القناة هو( انتهاكها للتقاليد الإعلامية وإساءتها لبعض المسؤولين العرب ... وأنهما تلقتا شكاوى من مؤسسات ودوائر رسمية تتهم قناة العالم ببث برامج وأخبار تتعارض مع الأخلاقيات الدينية والسياسية ) ! وتعقب قناة العالم بقولها (هذا اعتراف واضح بأن قرار القطع جاء لأسباب سياسية ) ! معتبرة ذلك انتهاكا واضحا لأبسط مبادئ الحريات الإعلامية ، وأنه لم يحترم المشاهد ، كما يعد مخالفة صريحة للقوانين والقواعد التي تحكم العمل الإعلامي ! ولذا لابد لنا من مساءلة القناة لماذا لم تطبق حديثها عن القوانين وحرية الإعلام واحترام المشاهد عندما كانت توجه سهام حقدها إلى بلادنا وتنشر افتراءاتها وقذارات عملائها ، بينما تغمض عينيها عما يحدث في طهران وما تمارسه من عبث في المنطقة العربية ؟ ثم ما الذي يمنع من أن يكون وقف الإرسال لأسباب سياسية ؟ أليست القناة تخوض في قضايا سياسية بأسلوب رخيص بعيد كل البعد عن النزاهة والمهنية النظيفة ؟