تروي الأسطورة من بلاد فارس عن كتاب (حرفة السلطة ر. ج. ه. سيو يراجع كتاب القوة لروبرت جرين من القانون 35 عن فن الصبر والتوقيت) أن إمبراطور فارس حكم رجلين بالإعدام، ولأن الحاكم كان يملك حصاناً جميلاً رشيقاً فقد أغراه أحد المحكومين بالإعدام بأن بإمكانه لو أعطاه الإمبراطور الوقت الكافي فلسوف يجعل الحصان بجناحين يطير بهما حيث أراد. تخيل نفسه بهذه الميزة المتفردة بحصان يعبر به الغمام والسحاب فوق الأنام. لقد كان شيئاً مغرياً بحق. وافق السلطان على العرض وأمهل المحكوم بالإعدام فترة سنة يركب للحصان أجنحة ذهبية يعلو بها الإمبراطور ظهر الغمام. التفت إليه صديقه الثاني المحكوم بالإعدام وقال: هل جننت؟ ومنذ متى رأينا خيولاً مجنحة إلا في الخيال! قال له: صديقي العزيز، تأمل الفرص الأربع التي كسبتها من هذا التوقيت! قال الآخر: وكيف؟ قال: إما أن أموت أنا في فترة العام فأرتاح، وإما أن يموت الإمبراطور بعلة ومصيبة فأرتاح، وإما أن يموت الحصان في هذه الفترة، وإما لا تدري أن تنبت للحصان أجنحة فبها يطير! عقل لسان الصديق فلم يجِب. هذه القصة تروي فن التوقيت والصبر. ولعله ليس أشد عداوة للإنسان من نفاد صبره. لقد كتب روبرت جرين كتاباً بعنوان القوة ترجمته العبيكان (البيجرمي) بعنوان كيف تمسك بزمام القوة. يجب أن يُقرأ الكتاب بحذر ففيه خلط عمل صالح بسيئ. ولكن القاعدة 35 (من أصل 48 قاعدة) تحكي فضيلة الصبر. ويتفرع من هذا القانون أن الإنسان بضبطه نفسه يصل لأعلى المراتب. وأن من يستعجل الشيء قبل أوانه يعاقب بحرمانه. وأن الغضب إذا جاء في غير المكان المناسب للهدف المناسب للشخص المناسب تحول إلى انفجار مجنون، وهو ما يعرف بالتحدي الأرسطي. التوقيت في الحقيقة هو لب الحكمة، ومنه جاء تعريف الحكمة بأنها وضع الشيء في مكانه المناسب في الوقت المناسب للغرض المناسب للشخص المناسب. وحسب نابليون بونابرت القائد العسكري، فإننا قد نستعيد المسافة ولكن لن نستعيد الزمن قط. وفي القرآن الكريم جاءت عبارات الصبر منوعة أو مقترنة بمعانٍ أخرى وهي تستحق بحثاً مستقلاً. تأملوا مفردات الصبر: (صبار شكور. اصبروا وصابروا. الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ. اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ. وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ. وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ). بالمناسبة، هذه القصة رواها لي شاب معتقل من أهالي الزبداني (حيث قصف النظام الأسدي شغال على المنطقة) عن حمار وتعليمه بنفس تسلسل القصة الحالية.