جولة: حبيب محمود حقائق غريبة: الطوارئ في الخلف.. والعلاج الطبيعي في الدور الرابع.. والإدارة في الواجهة ثمانون ألف متر مربع ثلثاها ساحات مهملة.. والمساحة المستخدمة متداخلة إدارياً وطبياً العناية المركزة مجهزة جزئياً وقسما التنويم لمرضى عمليات اليوم الواحد فقط حبيب محمود لا أحد يبني مستشفى؛ ويضع قسم الطوارئ خلف مبناه. ولا يمكن لإدارة مستشفى أن تختار الدور الرابع لقسم العلاج الطبيعي، ليقع المرضى أمام خيارات صعبة حين تتعطّل المصاعد أو تُصاب الكهرباء بخلل عابر. وليس وجيهاً أن تخصص الدور الأول لمكاتب إدارية، ولا أن تخصص الأدوار التي تعلوها لأقسام صحية. لكن كلّ ذلك وضعٌ قائم فعلياً في مستشفى صفوى العام الذي افتُتح عام 1419ه. ومنذ افتتاحه قبل 14 عاماً؛ أخذت عيوب التصميم والإنشاء تظهر يوماً بعد يوم، فضلاً عن مشكلات قدرته على خدمة سكان عشر حواضر شماليّ محافظة القطيف بثلاثين سريراً، وغرفة عمليات متواضعة، وعيادات لا يعمل فيها استشاريٌّ واحد. وحين تجوّلت «الشرق» في المستشفى؛ رصدت واقعاً ميدانياً لا يتناسب ومستوى منشأة صحية يُفترض بها أن تؤدي دورها في الرعاية الصحية الثانوية لقرابة تسعين ألف نسمة. مساحات خالية افتُتح مستشفى صفوى العام ليحلّ محل المبنى القديم الذي أنشئ عام 1387ه. وهو يتوسط أربعة شوارع، أهمها شارع عليّ بن أبي طالب الذي يخترق المدينة من جنوبها حتى شمالها. ويقع المبنى ضمن حرم تصل مساحته إلى ثمانين ألف متر مربع. لكنّ هذه المساحة لم يُستفد منها عملياً. إذ إن المستشفى محصور في مساحة لا تصل إلى ثلث مساحة الحرَم، بما في ذلك مواقف السيارات ومبان جاهزة مخصصة لمستودعات وخدمات مساندة. وتتركز المساحات الخالية في الشمال حيث موقع المبنى القديم المزال، بمساحة تفوق مساحة المبنى الحالي ومواقفه. ثم الجنوب بمساحة مماثلة تقريباً. علاوة على ذلك؛ هناك مساحتان في الجنوب الشرقي وشمال مواقف السيارات لا تقلّ مساحتهما عن عشرة آلاف متر مربع. منطقة الخدمات وتتركز خدمات المستشفى في مبنيين: مبنى المستشفى الرئيس الذي افتتح عام 1419ه. وهو يتوسط مساحة الحرَم المسوّر. وتقابله مواقف السيارات. وهناك جزء من الخدمات في عمارة قديمة مكوّنة من ستة أدوار، تمّ إنشاؤها قبل أكثر من 25 عاماً، لتكون مقرّاً لسكن الأطباء والممرضات غير السعوديات. لكن هذا الانتفاع لم يتحقق، فتمّ شغل الدور الأرضي من العمارة بمركز الرعاية الصحية الأولية. وبقيت الأدوار الأخرى خاوية؛ حتى انتقلت إليها إدارات وعيادات في وقت لاحق، لتكون جزءاً من التنظيم المتداخل إدارياً ومهنياً. وفي هذا الوضع؛ على مرضى العلاج الطبيعي مثلاً أن يصعدوا إلى الدور الرابع عبر مصعد صغير، وفي حال تعطله؛ فإنه لن يكون أمامهم إلا السلم. أما الموظفون ومراجعو الإدارة؛ فموقعهم مقسّم بين الدور الأول والدور الخامس. وهؤلاء عليهم أن يمرّوا بالأدوار التي تحتضن عيادة سلوكية للأطفال، وعيادة للأسنان، وعيادة لطب الأسرة. إضافة إلى إدارة الرعاية الصحية الأولية التي تُشرف على المراكز التابعة لمركز صفوى. ولا يختلف وضع المبنى الرئيس كثيراً عن هذا التداخل. ففي واجهة المبنى المقابلة للشارع هناك مدخل العيادات الخارجية الذي يقع مكتب مدير المستشفى عن يمينه، قبل أن يتفرع الممر إلى مسارين لعيادات الرجال والنساء. أما مراجعو الطوارئ في الحوادث والإصابات الخطرة والملحّة؛ فإن عليهم أن يذهبوا إلى خلف المبنى، حيث يستقبلهم ممرّ ضيّق يجد سائقو الإسعاف صعوبة حقيقية في التحرك فيه، بسبب ضيقه، وبسبب استخدام المراجعين لأحد جانبيه مواقف لسياراتهم. من الداخل وكما هو حال الواجهة، يكشف داخل قسم الطوارئ نفسه عن إمكانيات المستشفى المتواضعة. هناك قسمان للرجال والنساء. وكلاهما أضيق من استيعاب الحالات الطارئة عملياً. خاصة غرفة الإنعاش، وغرفتا الملاحظة، وغرفتا الانتظار، وغرفة العلامات الحيوية. ثم لا يلبث ممرّ قسم الطوارئ أن يتصل بقسم الأشعة وغرفة العمليات، ومكاتب إدارية. وخلف هذا كله يقع قسمان للتنويم. وحسب المعلن فإن الطاقة الاستيعابية لكل قسم هي 15 سريراً. وفي قسم تنويم الرجال غرفة للعناية المركزة. لكنّ الواقع هو أن هذه الغرفة المجهزة جزئياً لا يُمكن أن تؤدي وظيفتهما في العناية المركزة، إذ لا يوجد طبيب عناية مركزة في المستشفى كله. كما أن الدورات التدريبية التي خضعت لها مجموعة من الممرضات في تمريض مرضى العناية المركزة لم يُستفد منها لأن العناية المركزة غير موجودة عملياً. وبين قسمي التنويم تقع العيادات الخارجية وصيدلية وقسم أشعة ومختبر. هذا هو المستشفى بكامله، إلا إذا أضيفت إليه مبانٍ جاهزة خارج المبنى الرئيس مستغلة في تخزين اسطوانات أوكسجين وملفات وغرف سائقين. كادر طبي وتكشف مصادر من داخل المنشأة أن المستشفى ليس فيه طبيب استشاري واحد في أي تخصص طبي مطلقاً. وعلى الرغم من كونه معنياً بالرعاية الصحية الثانوية؛ فإنه لا يمكن اعتباره «مستشفى عاماً» بالمعايير المهنية. وتوضح المصادر أن قسمي التنويم لا يمكن أن يُشغَّلا طبقاً لمعايير الجودة النوعية، لأسباب أولية: أهمها عدم وجود كادر طبي كافٍ. ولذلك فإن الأسِرّة المحسوبة على المستشفى لا تُشغل إلا بمرضى أمراض الدم الوراثية، أو الذين يخضعون لعمليات جراحية بسيطة. وطبقاً للمصادر ذاتها؛ فإن ذلك ينسحب، أيضاً، على قسم العمليات الذي لا يُجري إلا ما يُسمّى ب «عمليات اليوم الواحد»، مثل عمليات الطهارة، والخرّاج البسيط، والأكياس الزلالية، وهذه العمليات يُمكن إجراؤها بتخدير موضعي حتى في عيادات الجراحة الصغيرة. إلا أن عمليات أخرى تُجرى بين آونة وأخرى ولكن بشكل نادر، مثل عمليات الزائدة الدودية وخلافها، طبقاً للمصادر ذاتها. ويشمل ذلك عمليات الولادة التي لا يُمكن أن تتم إلا في أوضاع استثنائية، إذ لا يوجد غرفة ولادة أصلاً. وحسب المصادر؛ فإن المستشفى لم تجرِ فيه إلا آحاد من حالات ولادة خلال أعوام. إذ يتمّ تحويل الحالات بشكل فوري إلى مستشفى القطيف المركزي. وهذا يعني أن مستوى الرعاية الصحية الثانوية لا يمكن تحقيقه حتى في الحدود الدنيا. مركز صحي وقد أكدت ذلك لجنة متخصصة من وزارة الصحة زارت المستشفى عام 1429 وأجرت مسحاً مهنياً لواقعه. وحسب مصادر «الشرق» فإن اللجنة انتهت إلى توصيف يضع المستشفى في موقع أعلى من مركز رعاية أولية وأدنى من مستشفى. وبتعبير أدق وصفت اللجنة المستشفى بأنه «ليس إلا مركزاً صحياً كبيراً». وجاء هذا الوصف بعد الكشف عن عدم فاعلية قسميْ التنويم وقسم العمليات، وقلة الكوادر الطبية، ونقص كلّي في وحدات أساسية، مثل الحروق والولادة والعزل.. وغيرها وهو ما آل بالمستشفى إلى أن يتحوّل إلى نقطة علاجية تؤدي دورها عبر قسم طوارئ صغير وعيادات خارجية. وقد تحوّلت النقطة العلاجية إلى منطقة عبور يومية في اتجاه مستشفى القطيف المركزي، سواء في الحالات الطارئة المختلفة، أو الحالات التي تحتاج إلى تدخل استشاريين طبيين. الطب الوقائي وفضلاً عن الطب العلاجيّ؛ هناك مشكلة الطب الوقائيّ الذي يسير «بالبركة» أيضاً. وحين استنفرت الأجهزة الطبية في المملكة خططها للتحوّط أمام وباء أنفلونزا الخنازير؛ وجد المستشفى نفسه مكشوفاً إزاء المشكلة. وترتب على ذلك حالة ارتباك بين العاملين في المستشفى الذين لم يجدوا مكاناً لعزل الحالات المصابة، فاضطرّت الإدارة إلى تخصيص غرفة أمن المستشفى الواقعة في المدخل غرفة للعزل المؤقت ريثما تُنقل الحالات إلى مدينة الدمام. وبعد انتهاء المشكلة عاد الصمت مجدداً، وغابت الخطط، وتوقف السعي نحو الاستعدادات للحالات المستقبلية المتوقعة. واكتفت إدارة المستشفى بتكليف ممرضة لتتولّى مهمة التعامل الورقي في مكتب «مكافحة العدوى»، مثلما اكتفت بتسليم وحدة الجودة النوعية لاختصاصية مختبر، وتسليم وحدة التثقيف الصحي لممرضة. وهكذا يتمّ تكليف الفائض بمهامّ وأعمال تحتاج إلى متخصصين. إصلاح وتطوير لكنّ مطالب الأهالي كان لها اتجاه آخر. ووصلت المطالب إلى المجلس المحلي في محافظة القطيف. وقد كلّف المجلس المحلي لجنته الصحية للوقوف على المستشفى، وأمضت اللجنة قرابة أربع سنوات في رصد تفاصيل الوضع. وفي شعبان الماضي رفع المجلس توصيته لمجلس المنطقة الشرقية بمعالجة وضع المستشفى الذي لا يتناسب واحتياجات الناس في مركز صفوى الإداريّ برمته. وأشارت التوصية إلى ضرورة تطوير المستشفى ورفع طاقته الاستيعابية إلى مائتي سرير. لكن أعضاء في المجلس المحلّي كشفوا ل«الشرق» عن إجراء آخر يجري حالياً، مع وزارة الصحة مباشرة، لإنشاء برج طبي في الموقع يستوعب 300 سرير كحدّ أدنى. في سياق آخر؛ أوضحت مصادر مطلعة أن وصول التوصية إلى حيّز التنفيذ لن يتمّ حتى خلال العام المالي المقبل، بسبب الإجراءات. وهو ما يعني ترجيح كفة بقاء ثمانين ألف متر مربع فارغة لسنوات مقبلة، واستمرار ضعف الخدمات الصحية في مركز صفوى بالكامل، وتوجيه الضغط على مستشفى القطيف المركزي الذي يواجه، أصلاً، ضغوطاً متزايدة. خاصة أن القطاع الصحي الخاص في مركز صفوى خالٍ من أيّ مستشفى. استخدامات العمارة * الدور الأرضي: مركز رعاية صحية أولية. * الدور الأول: إدارة المستشفى. * الدور الثاني: عيادة الأسنان. * الدور الثالث: إدارة الرعاية الأولية، عيادة طب الأسرة، عيادة السلوكية. * الدور الرابع: عيادتان للعلاج الطبيعي (رجال – نساء). * الدور الخامس: إدارة. الخدمات الصحية في مركز صفوى بدأت الخدمات الصحية في مركز صفوى عام 1382ه بمركز صحي. ثم تطوّرت الخدمات عام 1387ه بافتتاح مستشفى حمل اسم «مستشفى صفوى العام» وألحق به مركز لتدريب ممرضين تخرج منه أربعة أجيال على الأقل، قبل إغلاقه منذ عشرين سنة. وفي البداية تولى إدارة المستشفى أطبّاء مقيمون، أولهم الدكتور أحمد وجدي توفيق، والدكتور محمد عطية الزعفراني، ثم تحولت الإدارة إلى مدير إداري، وتعاقب على ذلك شوقي المسلم، وعبدالمحسن العلوان، وصالح السنونة، وسعيد الصفواني. وتلحق بإدارة المستشفى إدارة الرعاية الصحية الأولية التي تُشرف على عمل المراكز الصحية في مركز صفوى. ستة أدوار استخدامها متداخل إدارياً وطبياً (الشرق)
قسم الطوارئ خلف المبنى وواجهته ضيقة
العلاج الطبيعي في الطابق الرابع
المصعد لا يتسع لسرير نقل المرضى
إحدى الساحات الخالية يمكن استغلالها لمبنى متكامل (تصوير: حبيب محمود)