من المتعارف عليه أن الحكم على قيمة أي عملٍ أدبي يكون للمتابعين والقراء والنقاد، وهم فقط من يميز بين صاحب التجربة الجيدة وغيره، وكثيراً ما نجد أن المبدعين في أي مجالٍ من المجالات عند سؤالهم عن حكمهم الذاتي على ما يقدمون؛ يتركون التقييم لمن يقرأ لهم أو يتابع نتاجهم، ولا يتناقض ذلك بأي حالٍ من الأحوال مع الثقة بالنفس والإيمان بالموهبة. أما في ساحة الشعر العامي فالأمر مختلفٌ تماماً؛ فلا تكاد تجد شاعراً عامياً لم يكتب قصيدةً «عصماء» يُمجد فيها نفسه، ويُشيد بشعره وتجربته، وأنه وحيد عصره (وفلتة) زمانه، الذي لم يكتب أحد ٌمثل ما كتب، ولن تلد النساء شاعراً مثله حتى يوم القيامة! والغريب في الأمر أنك حينما تنظر لإنتاج أمثال هؤلاء؛ لا تجد ما يشفع لهم بمدح أنفسهم، فأغلب ما يكتبون؛ لا يتعدى كونه كلاماً منظوماً ساذجاً لا شِعر فيه ولا إبداع، ولعل عقدة النقص لديهم، والإحساس بالفشل، هو ما جعلهم يلجؤون للغة التطبيل الذاتي؛ لذر الرماد في العيون ومحاولة التشويش على أذهان بعض السذج من المتابعين، الذين تستهويهم أو تبهرهم مثل هذه الأساليب الهشة، التي يحسبون أن وراءها ما يستحق التصفيق والإشادة، مع ما تقدمه بعض وسائل الإعلام من تكريسٍ وتلميعٍ لأولئك المستشعرين والمتسلقين على حساب الشعراء الحقيقيين! في الختام أتمنى أن يتفرغ شعراؤنا الأعزاء لصقل مواهبهم، والعمل على تحسين قصائدهم، وأن يكون هدفهم الأول والأخير؛ كتابة الشعر الذي يستحق القراءة، وأن يرحمونا من «عصائدهم» التي لا تُضيف لهم شيئاً، بل تجعلهم في وضعٍ يستحق الشفقة والدعاء لهم بالشفاء العاجل!