العلاقة بين المؤلف والقارئ علاقة جدلية وتصل إلى الصدام أحيانا. هي ذات صلة بصراع على سلطة تتمحور حول نص ما بغض النظر عن نوعه أو زمنه. يلفها النظام حين تتعلق القراءة بقصدية المؤلف والبحث فيها من أجل بلوغ المعنى وخلق شبكة من المفاهيم التي تساعد على ذلك، وتنتج في أوقات أخرى عالما من الفوضى المتحررة من القيود حين تمنح القارئ سلطة كاملة في إنتاج المعنى الخاص به بعيدا عن القيود المنهجية وفي سبيل ممارسة حرية تمثل الأرض الخصبة لأي إبداع. المعضلة هنا والسؤال الجوهري: هل يحق للقارئ اختلاق الدلالة واعتساف المعنى أم أن دوره يفترض أن يكون العثور على الدلالة وبالتالي تقديمها؟ البعض قد يجادل في أهمية السياق تاريخيا أم اجتماعيا أم نفسيا ودوره في فك مغاليق النص والاقتراب منه. المنهج التاريخي والاجتماعي بسياقاتهما الخارجية على سبيل المثال يعولان على هذا كثيرا في تعاطي القراءة ويستمدان حضورهما من فهم هذه السياقات. هذا بالطبع لن يلغي ضرورة دراسة شفرات النص وفكها من خلال وعي بالنوع وأدبياته وتاريخه. رغم كل ذلك، فليس من اليسير تسهيل القراءة وتقديم تفسير مرض للمقروء الذي لا يمثل كيانا مستقلا بذاته في رأي البعض، فهو امتداد لإرث متصل من المعرفة والتجارب الإنسانية ويكتنفه وعي بشفرات الجنس الأدبي وتماهٍ معها من قبل الكاتب، وهو ما يفترض أن يعيه القارئ حتى يزعم خلق معناه الخاص أو ما يتوهم أنه قصد الكاتب.