خُلقنا وقلوبنا مملوءة دوماً بالشوق لأشياء نعرفها وأخرى لا ندركها. نشتاق لوجود ومعانٍ أكثر كثافة وحيوية تضيء حياتنا. توقف الشوق لغد مشرق يصيب نفوسنا بالفقر النفسي ونصبح كثمار تتعفن قبل أن تزهر. الحياة تعلمنا أنه من المستحيل المحافظة على حيوية روحنا وتوقها للفرح إذا كنا نعيش فقراً نفسياً وقهراً يُنهك عقلنا الباطني. فجأة.. قد نشعر أن شخصاً آخر يمثل مرآة روحنا. فنحكي له ويتدفق الحديث وكأن نفقاً ينفتح بين القلوب. ما السر؟ هل لأن الآخر يشبهنا؟ أم أن الظروف التي مررنا بها وطريقة تفاعلنا معها جعلتنا متشابهين؟ لقاؤنا بالآخر غير العادي أشبه بجلسات التحليل النفسي. سيسود جو الصفاء ونتدفق بالبوح بصدق وحميمية. قد نعترف والمرارة تقطر في صوتنا. قد نشعر بالحاجة للبكاء، فلنترك الآخر يساعدنا لنمسح دموعنا لنُشفى ويبتسم القلب بامتنان وتنير السعادة ملامحنا. كل منا يحتاج إلى آخر لمحو منغصّات الماضي والتخلص من السموم المتراكمة في كياننا. سيأخذ الآخر الثقة بيدنا لنطل على مشكلاتنا من فوق لنراها كلوحة واحدة متصلة وليس كشريط سينمائي كنا أبطاله يوماً. إن سلوى وجع القلوب هو الكلام كمتنفس لنا. سنتكلم من داخلنا، لأن طبع الكلام (بيجيب كلام) حتى تُشفى القلوب قبل أن يمضي العمر.