اختتم مهرجان بغداد السينمائي أعماله فوق خشبة مسرح متواضع، وبغياب معظم الفائزين، وسط انتقادات لسوء الإدارة تقابلها شكوى المنظمين من قلة الأموال المخصصة للمهرجان. وفي قاعة سفلية من فندق عشتار (شيراتون) وسط بغداد، جلس مساء الأحد المدعوون، وبينهم وفد أمريكي، وممثلون عن سفارات أجنبية، في مقابل المسرح الذي كان عبارة عن خشبة بطول حوالى خمسة أمتار ترتفع سنتيمترات قليلة عن الأرض. ووضعت منصة خشبية فوق المسرح الذي كان مباحاً أمام الجميع، من صحافيين ومشاركين ومتفرجين، فيما ثبت على يمينه منبر وعلى يساره طاولة صغيرة وضعت عليها أجهزة التحكم بالموسيقى المرافقة لتوزيع الجوائز. وانطلق الحفل الذي بدا كاحتفالية مدرسية، بكلمات ألقاها منظمو الحفل، ورئيس الوفد الأمريكي مسؤول التربية في وزارة الخارجية أدم أيرلي، وممثلتان عن السفارتين الألمانية والفرنسية، ترافقت مع ترجمة طغت عليها الأخطاء. وبعيد انتهاء الكلمات، التي شوشت عليها أصوات أحاديث المتفرجين الذين كانوا يصولون ويجولون بين المدعوين، أحضر المنظمون كيساً أسود، وبدأوا يخرجون منه الجوائز، ويضعونها جنبا إلى جنب على المنصة الخشبية. ومن أبرز الأفلام التي حصدت جوائز فيلم “الطريق إلى الجنة” للمخرجة المغربية هدى بن يمينة، وفيلم “الفجر” للمصرية نادين صليب، وفيلم “ديروت” للفرنسية كلوي مازلو، وفيلم “عطيل يحترق” للمخرجة سارة بليتشر من جنوب إفريقيا. وتسلمت اللجنة المنظمة معظم الجوائز في غياب غالبية المخرجين الفائزين عن أعمال المهرجان، الذي سلم أيضاً شهادات تقديرية إلى عدد كبير من المدعوين العراقيين والعرب. وكان المهرجان الذي انطلقت دورته الأولى العام 2005 بمشاركة 19 دولة، افتتح أعماله الأربعاء الماضي بفيلم المخرجة الأمريكية لارا لي “ثقافات مقاومة”. وعرض ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان حوالى مائة فيلم متنوع ما بين الفيلم الروائي الطويل والأفلام القصيرة والوثائقية، فضلاً عن أفلام تتصل بحقوق الإنسان، من 60 دولة. وقال المخرج السينمائي العراقي نزار شهيد الفدعم لوكالة فرانس برس إن “المهرجان لا يمتلك أي فهم حقيقي لإقامة المهرجانات السينمائية، فهل نعتبر هذا المهرجان الذي تعرض فيه أفلام بواسطة الكاسيتات وأقراص السي دي مهرجاناً للسينما؟” وأضاف “طالما أن الفساد السياسي موجود فلابد أن يكون هناك إفراز للفساد في الفن والسينما، وهذا المهرجان أحد أوجهه”. ورأى الصحافي محمد إسماعيل من جهته أن “المهرجان افتقد إلى أبسط شروطه التنظيمية، وإلى الأسس التي تنظم وتبنى عليها المهرجانات السينمائية الحقيقية”، بينما رأى الناقد السينمائي كاظم مرشد أنه “ليس من المنطق أن يقام مهرجان للسينما في بلد لا توجد في عاصمته صالة عرض سينمائي”. غير أن المدير الفني للمهرجان عمار العرادي دافع عن فكرة إقامة هذا الحدث، رغم افتقاره إلى مقومات كثيرة. وقال لوكالة فرانس برس إن “المشاكل المالية هي وراء عدم دعوة عدد من المخرجين لحضور المهرجان”، مضيفاً أن “كل شيء يعتمد على الأموال التي لم نكن نملك منها سوى 50 ألف دولار”. وتأثر قطاع السينما في العراق كثيراً في تسعينيات القرن الماضي، وانحسرت دور العرض ليس في العاصمة وحدها، بل في كل مدن العراق، وغابت في ما بعد تماماً بسبب الحصار الاقتصادي آنذاك. وبعيد اجتياح العام 2003، تحولت معظم صالات السينما في عموم البلاد، وخصوصاً في بغداد، إلى مخازن. ويقول العرادي “رغم كل الانتقادات نعمل الآن على إقامة الدورة الخامسة العام المقبل”، مضيفاً “هذا هو واقع العراق، وواقع الفن والثقافة، وهو عبارة عن سينما بلا مستثمرين، لكن تحقيق خطوة واحدة أفضل من أن نبقى في مكاننا بدون حركة”. أ ف ب | بغداد