دعم السياحة في الأحساء ب 17 مشروعا بقيمة 3.5 مليارات ريال    جمعية الإعلام السياحي راعياً إعلامياً في «معرض تعاوني للتدريب»    الإدارة الأصلية والدراسة العصرية    صدارة وتأهل    ولي العهد يتلقى رسالة خطية من رئيس جنوب أفريقيا    7 أجانب ضمن قائمة الهلال لمواجهة السد    الرخصة المهنية ومعلم خمسيني بين الاجلال والإقلال    مُحافظ الطائف يطَّلع على مشروع التحول في حوكمة إدارة مكاتب التعليم    الوداد لرعاية الأيتام توقع مذكرة تعاون مع الهيئة العامة للإحصاء    بنان يوسع مشاركات الحرفيين المحليين والدوليين    "جائزة القلم الذهبي" تحقق رقمًا قياسيًا بمشاركات من 49 دولة    المكتبة المتنقلة تطلق جولتها القرائية في الشرقية    ضيوف خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة يعبرون عن امتنانهم لمملكة.    ملتقى الأوقاف يؤكد أهمية الميثاق العائلي لنجاح الأوقاف العائلية    الحُب المُعلن والتباهي على مواقع التواصل    بعد تصريحاته المثيرة للجدل.. هل يغازل محمد صلاح الدوري السعودي؟    أمير الرياض ونائبه يؤديان صلاة الميت على الأمير ناصر بن سعود بن ناصر وسارة آل الشيخ    أمير تبوك يستقبل وزير النقل والخدمات اللوجيستية    أمير منطقة تبوك يستقبل القنصل الكوري    تعليم جازان يحتفي باليوم العالمي للطفل تحت شعار "مستقبل تعليمي أفضل لكل طفل"    الباحة تسجّل أعلى كمية أمطار ب 82.2 ملم    توصية بعقد مؤتمر التوائم الملتصقة سنويًا بمبادرة سعودية    قطاع ومستشفى بلّحمر يُقيم فعالية "الأسبوع الخليجي للسكري"    كايسيد وتحالف الحضارات للأمم المتحدة يُمددان مذكرة التفاهم لأربعة أعوام    «حساب المواطن»: بدء تطبيق معايير القدرة المالية على المتقدمين والمؤهلين وتفعيل الزيارات الميدانية للأفراد المستقلين    وكيل إمارة المنطقة الشرقية يستقبل القنصل العام المصري    أمير حائل يستقبل سفير الولايات المتحدة الأمريكية لدى المملكة    مدير فرع وزارة الصحة بجازان يفتتح المخيم الصحي الشتوي التوعوي    311 طالبًا وطالبة من تعليم جازان يؤدون اختبار مسابقة موهوب 2    ترسية المشروع الاستثماري لتطوير كورنيش الحمراء بالدمام (الشاطئ الغربي)    السند يكرِّم المشاركين في مشروع التحول إلى الاستحقاق المحاسبي    حسين الصادق يستقبل من منصبه في المنتخب السعودي    "نايف الراجحي الاستثمارية" تستحوذ على حصة استراتيجية في شركة "موضوع" وتعزز استثمارها في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي    السجن والغرامة ل 6 مواطنين ارتكبوا جريمة احتيالٍ مالي واستعمال أوراق نقدية مقلدة والترويج لها    الجامعة العربية بيت العرب ورمز وحدتهم وحريصون على التنسيق الدائم معها    وزير الاستثمار: 1,238 مستثمرًا دوليًا يحصلون على الإقامة المميزة في المملكة    تعطل حركة السفر في بريطانيا مع استمرار تداعيات العاصفة بيرت    NHC تطلق 10 مشاريع عمرانية في وجهة الفرسان شمال شرق الرياض    الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    بركان دوكونو في إندونيسيا يقذف عمود رماد يصل إلى 3000 متر    «الإحصاء» قرعت جرس الإنذار: 40 % ارتفاع معدلات السمنة.. و«طبيب أسرة» يحذر    مصر: انهيار صخري ينهي حياة 5 بمحافظة الوادي الجديد    «واتساب» يغير طريقة إظهار شريط التفاعلات    مايك تايسون، وشجاعة السعي وراء ما تؤمن بأنه صحيح    ال«ثريد» من جديد    «كل البيعة خربانة»    مشاكل اللاعب السعودي!!    اقتراحات لمرور جدة حول حالات الازدحام الخانقة    في الجولة 11 من دوري يلو.. ديربي ساخن في حائل.. والنجمة يواجه الحزم    الأهل والأقارب أولاً    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    السودان.. في زمن النسيان    لبنان.. بين فيليب حبيب وهوكشتاين !    انطلق بلا قيود    مسؤولة سويدية تخاف من الموز    أمير الرياض يكلف الغملاس محافظا للمزاحمية    اكثر من مائة رياضيا يتنافسون في بطولة بادل بجازان    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بحثاً عن السينما في بهائها الأول
نشر في الحياة يوم 26 - 11 - 2010

ليس فيه من الضخامة شيء، ولا فيه سجاد أحمر أو نجوم... ولا حتى يمكنه أن يوزّع المطبوعات، أو يقيم الحفلات الصاخبة. كل ما يمكنه أن يفعله هو أن يقدم أفلاماً... ومع هذا يمكن النظر اليه على أنه واحد من النشاطات السينمائية الأكثر أهمية وجمالاً في هذا الموسم، على الأقل في انتظار مهرجان مراكش، الذي، إن كان يتفوق عليه في الصخب والنجوم والسجاد الأحمر والبذخ، فإنه يماثله في نوعية ومستوى الأفلام التي يقدمها. ما نتحدث عنه هنا هو بالتحديد مهرجان السينما الأوروبية، الذي يقام هذه الأيام في بيروت، بعدما كانت القاهرة وعمان الأردنية شهدتا في الآونة الأخيرة ما يماثله. بكل تواضع إذاً، إنما بفعالية سينمائية لا نظير لها في أي مهرجان عربي آخر، افتتح مهرجان السينما الأوروبية في العاصمة اللبنانية مساء أمس الخميس، دورته السابعة عشرة. ولكن، لماذا نقول هنا، بفعالية، ولماذا تُرانا نحاول أن نميّز مهرجاناً متقشفاً، متواضعاً مثل هذا، عن بقية ما يحدث، سينمائياً في المدن العربية؟
الجواب بسيط: لأن ما هو أساسي في السينما، موجود في هذا المهرجان. وما هو اساسي هو، بالطبع، الأفلام... الأفلام كعروض وكاكتشاف في الوقت نفسه. والأفلام كمحور للاهتمام يجتذب ما يمكن اعتباره جمهوراً سينمائياً صافياً. يأتي هنا لحضور العروض ولاكتشاف أفلام يصعب - وحتى يستحيل - عليه مشاهدتها في أية مناسبات أخرى، ولا حتى عبر الاسطوانات المقرصنة. ذلك ان القسم الأعظم من العروض هنا، أفلام لا تغري المقرصنين ولا البائعين... ولا - طبعاً - المهرجانات الصاخبة. فهنا، في هذا المهرجان، إذ يقال «سينما أوروبية» فإن هذا يعني، تحديداً سينما آتية من بلدان أوروبية، شرقية وغربية يضطر التأزم الاقتصادي وغياب الأسواق والمنافسة الأميركية التجارية، سينمائييها الى الاستنكاف عن رفد أسواق الفيلم بأعمالهم، مكتفين بدلاً من هذا، برفد الفن السينمائي نفسه، بالقليل منها. وبهذا تعود السينما على أيديهم الى جوهرها الحقيقي: الى كونها فناً خالصاً. ويصبح كل فيلم يعرض، حدثاً فنياً إبداعياً، لا سينمائياً فقط.
قد لا يكون هذا الواقع مريحاً لعشرات المبدعين الذين ينتظرون وينتظرون وقد يهلكون دون تحقيق حلم واحد من أحلامهم - تماماً كما هي حال المبدعين الشبان وغير الشبان من السينمائيين العرب الحقيقيين في هذه الأزمنة - لكنه الواقع، إن لم نستطع تغييره فلندعم ما هو موجود منه. وما هو موجود أفلام يمكن المراهنة، سلفاً، على معظمها، لا سيما على تلك الآتية من أوروبا الشرقية. إذ ان بلدان هذه المنطقة الأوروبية الفقيرة، اعتادت أن ترسل عاماً بعد عام أفلاماً قليلة لكنها تنتمي الى ما يمكن اعتباره سينما كبيرة. هي أفلام لا تنجح تجارياً، ولا تحقق أرباحاً، وربما لا يلتفت اليها حتى جمهور الخاصة، لكنها تعرف كيف تعيش وكيف تترك أثراً، وكيف - خصوصاً- تعيد فن السينما الى براءته الأولى. من هنا واستناداً الى تجارب باتت راسخة منذ سنوات يمكن منذ الآن إسداء النصح لمحبي السينما، فحين يقصدون حفلات هذا المهرجان المستمر حتى الخامس من كانون الأول المقبل، في صالات متروبوليس (صوفيل الأشرفية) - بيروت، ومن ثم في مدن لبنانية رئيسة مثل زحلة وطرابلس وصيدا، يمكنهم ان يقصدوا الأفلام - ولمرة نادرة في تاريخ العروض عندنا - استناداً الى اسم بلد المنشأ... طالما ان قلة من محبي السينما تعرف شيئاً أو أشياء عن أصحاب الأفلام أنفسهم... ويقيناً ان الخيبات لن تكون كثيرة مع أفلام آتية من النمسا أو تشيكيا أو بولندا أو فنلندا... أو حتى قبرص (أفلام مثل «فتاة صغيرة حزينة» لآليس نيلز، و «الحدود» للاوري تورهونن و «آكاماس» لبا نيكوس كريسانتو...) أو من بلغاريا... أو هنغاريا وغيرها. غير أن هذا لا يعني ان ليس ثمة في هذا المهرجان سوى أفلام «صغيرة كبيرة». فيه كذلك تحف سينمائية، هي، هذه المرة، من النوع المعروف والذي سبق أن ثبّت أقدامه في مسار الفن السينمائي. نقول هذا ونفكر طبعاً بأعمال كبيرة مثل «الرباط الأبيض» للنمسَوي ميكائيل هانيكي عن ولادة النازية ذهنياً في قرية ريفية ألمانيا («السعفة الذهبية» في دورة كان للعام الماضي)، ومثل «عن البشر والآلهة» للفرنسي كزافييه بوفوا، أحد أقوى وأجمل أفلام هذا العام («جائزة لجنة التحكيم الكبرى» في «كان» الماضي) عن حكاية رهبان سبعة قتلوا في الجزائر. قبل زمن. وإلى هذا، من الأفلام الراسخة أيضاً هناك «حياتنا» للإيطالي دانيال كوكيتي، الذي فاز بطله بجائزة أفضل ممثل في «كان» الى جانب خافيير بارديم. ثم لمن يحبون السياسة وتطربهم أفلام الإنكليزي كين لوتش، يمكن مشاهدة «آيريش» رود (على اسم الطريق المفضية من مطار بغداد الى قلب العاصمة العراقية)، وهو أحدث فيلم عن حرب العراق والتورط الغربي فيها... حتى وإن كانت أحداثه الكبرى تدور في انكلترا.
أما الذين يحبون السينما الفرنسية الكلاسيكية ويحبون أن يحيّوا ذكرى المخرج الفرنسي الراحل حديثاً آلان كورنو، فإن في وسعهم ان يشاهدوا أخيره «جريمة حب» فيذكّرهم به، وربما أيضاً بزميله ومواطنه كلود شابرول الراحل قبل شهور بدوره تاركاً، كما كورنو، ارثاً طيباً للسينما البوليسية الفرنسية.
ولئن كان لبنان، البلد المضيف للمهرجان يشارك، كالعادة، من خلال عروض طلاب معاهده السينمائية، متنافسين على بعض الجوائز، فإن السينمائيين اللبنانيين حاضرون كذلك، ممثلين بالمخرج يوسف فارس، الذي يعيش ويعمل في السويد، ويقدم باسمها فيلمه الجديد «مرجلة» الذي مكّنه من الفوز في مهرجان الدوحة الأخير بجائزة «أفضل مخرج عربي» (نالها وهو الذي بالكاد يتكلم العربية أو يعرف، أصلاً، أنه عربي!)... السويد وبلجيكا وهولندا وإيطاليا أسوة بفرنسا، تشارك جميعها في هذا المهرجان «ما يؤمّن نوعاً من نظرة بانورامية، الى سينما باتت مجهولة أكثر وأكثر، في العالم وعندنا، «بفضل» منظومة عروض لا تعرف سوى الأفلام التجارية... وهذا ما يعطي مهرجاناً من هذه الطينة قيمته الكبرى... وقيمته غير التجارية - وهذه بالنسبة الينا هنا، صفة جيدة! ومع هذا، نعرف ان فيلم الافتتاح «الشقة» الذي عرض مساء أمس في افتتاح المهرجان، كان منذ عرض عام 2009، من أنجح الأفلام البلجيكية من ناحية الإقبال الجماهيري، بحكايته الغامضة، التي استقطبت بقلبتها المسرحية في النهاية مئات ألوف المتفرجين. وفقط كي تقول ان صفة «جيدة» و «فنية» للسينما لا تستدعي بالضرورة صفة «الفشل» أو «الخيبة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.