نعيش اليوم في عالم متسارع مضطرب، ولا أحد ينكر حقيقة سعي الإنسان الدؤوب إلى البحث عن لقمة العيش في الحد الأدنى من جهة، وفي البحث عن التميز، أو تحقيق الإنجازات التي يتمنى أن يكون عليها، أو تحقيق الأحلام التي يحلم بها من جهة أخرى. وهذا حق مشروع لكل إنسان طموح.. ولكن هل تتحقق أحلامنا دوماً؟ وما هي النتائج النفسية التي يعيشها الإنسان في حال لم تتحقق تلك الأحلام؟! جميل منا أن نحلم، ولكن الأجمل أن تتحقق أحلامنا يوماً ما، فبعض منا يعيش تلك الأحلام، ويسعى إلى تحقيقها، ليس بالحظ ولا بالصدفة، ولكن بقليل من الصبر والتحدي والإنجاز، وبعض آخر يعيش في عالم افتراضي وهمي، عالم الأحلام الجميلة فقط، وعادة ما يصطدم بالواقع عند الصحوة. وما بين الطموح العالي والإنجاز تقع مسافة، تلك المسافة تعبر عن سواء الإنسان من اضطرابه النفسي، فكلما زادت زاد معها ما يُعرف ب»الاحتراق النفسي». والاحتراق النفسي يراه بعض النفسانيين حالة تنجم عن شعور الفرد بأن حاجاته الأساسية لم تلبَّ، وأن توقعاته لم تتحقق، فتتراكم لديه مشاعر من خيبات الأمل، ترافقها أعراض نفسية وجسدية تؤدي إلى تدني مفهوم الذات عنده، بسبب تلك الرغبة الشديدة والملحة لديه لتحقيق أهداف مثالية وغير واقعية، يفرضها المجتمع عليه، أو يفرضها هو على نفسه، الأمر الذي ينتهي به إلى اكتساب عادات سلبية نحو ما يقوم به هو، ونحو الآخرين عموماً. وبعض النفسانيين يرى أن الاحتراق النفسي هو مرحلة يصل إليها الفرد نتيجةً لزيادة الضغوط النفسية، ما يسبب له الانهيار، والإرهاق العام، وعدم الرضا عن الذات، بالرغم من أن ذلك الفرد يتسم بالطموح العالي، ويمتلك الدافع القوي لإنجاز الأشياء. وأياً يكن، فإنني عادة أقول، للخروج من دائرة المشكلة إلى دائرة الحل، إن مَن يتسم، أو هو مرشح للاحتراق النفسي، يحتاج إلى أمرين: أولا التبصر بالواقع، والقدرات التي يمتلكها الفرد، فإما أن يخفف من سقف طموحه، أو يزيد من إنجازاته، والأولى أن يرفع من حد إنجازاته، وثانياً لا بد أن يتّعرف على قاعدة النجاح، التي مفادها: النجاح = رغبة + تخطيط + إنجاز، ولن يتحقق أي نجاح بدون تلك المعادلة.