دعا وزير النقل د. جبارة بن عيد الصريصري الشركات العاملة في قطاع النقل إلى تطوير خدماتها ومواكبة المستجدات التي يشهدها القطاع، والعمل على جذب الاستثمارات والإنفاق على الأبحاث والتطوير، مؤكدا أن فرص النقل في المملكة بما فيها اللوجيستيات يزداد حجمها يوما بعد يوم. وقال لدى افتتاحه ندوة (النقل البري .. الفرص والتحديات) التي نظمتها غرفة الشرقية أمس، إن المملكة تشهد طفرة عمرانية واسعة، ومشروعات تنموية عملاقة، وبرامج اجتماعية ضخمة، وإن مشروعات البنية التحتية في الطرق والسكك الحديدية والمياه والصرف الصحي والإسكان والتعليم والصحة وغيرها من المشروعات في حاجة إلى النقل، وخاصة النقل البري، وهو ما يجعل قطاع النقل البري أمام تحد كبير ليؤدي دوره المأمول خلال هذه الحقبة من عهد البناء الشامل الذي يقوده خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين. وأشار إلى أن النقل البري وقطاع النقل عموما يحظى باهتمام خاص من خادم الحرمين الشريفين فميزانية الوزارة خلال السنوات القليلة الماضية سجلت اعتمادات قياسية لمشروعات الطرق، بل واعتمدت لها مبالغ إضافية من فوائض الميزانية، مفيدا أن تحسين مستوى الطرق وترقية مستواها من مفرد إلى مزدوج والمزدوج إلى سريع هو من صلب خطة الوزارة، وفي كل سنة تضيف الوزارة آلاف الكيلومترات على شبكة الطرق في المملكة ، وفي العام الماضي فتحت الوزارة ما يزيد عن خمسة آلاف كليو متر للحركة. وأبان الصريصري أن طول شبكة الطرق الحالية يفوق ستين ألف كيلو متر ويجري تنفيذ 598 مشروعا في كافة مناطق المملكة، بطول يصل إلى 25 ألف كيلومتر، وأن من شأن زيادة طول شبكة الطرق وترقيتها إلى مستويات عليا أن يحفز النقل على الطرق ويخفض تكاليفه ويزيد من استخدام الناقلات وبالتالي تحسين العائد على تلك الاستثمارات. ولفت إلى أن مشاريع السكك الحديدية التي انطلقت والتي قد يتبادر إلى الذهن أنها ستنافس وسائط النقل على الطرق فإنها على العكس ستفتح مجالات وفرصا جديدة للنقل البري، منها زيادة تنقل الركاب والبضائع، وتوسع نشاط التوزيع، وقيام صناعات وخدمات مساندة لذلك النوع من النقل، مشيرا إلى قرار مجلس الوزارة إقامة أنظمة نقل عام بالقطارات والحافلات في مدن المملكة يعد فرصة كبيرة أخرى وواعدة للقطاع الخاص للدخول في هذا المجال، وتبعه قرار مجلس الوزراء بإنشاء هيئة النقل العام، ما يتيح فرصا متنوعة لكافة الأعمال في النقل والمقاولات وتقنيات وأنظمة المعلومات والتسويق والتجهيزات والتشغيل والصيانة وغيرها الكثير. من جانبه، قال رئيس غرفة الشرقية عبدالرحمن الراشد، إن قطاع النقل البري بالمملكة يستقطب استثمارات تقدر ب 68 مليار ريال، وهو ما يجعلنا حريصين على أن تسفر هذه الندوة عن جملة من التوصيات تسهم في رفده وتنميته، مضيفا أن المستثمرين في القطاع يتطلعون لدعم أكبر من قبل وزارة النقل لتمكينه من أداء الأدوار المناطة به على أكمل وجه من خلال إشراك المستثمرين في تطوير وتحديث التشريعات الناظمة لتكون أكثر انسجاما مع المتغيرات الاقتصادية المتلاحقة. وأشار إلى أن من أبرز الإنجازات عملية الربط بين المناطق بشبكة طرق متطورة ومزودة بكامل الاحتياجات اللازمة لمثل هذه الشبكة، إذ تخطت الإرادة السعودية المخلصة كافة التحديات والصعوبات الطبيعية والتنموية، وكان لهذه الشبكة الطويلة والمتداخلة من الطرق، آثار كبيرة على الصعد الاقتصادية، والاجتماعية، والتنموية، سوف تكلل بمزيد من النجاحات والإنجازات والنتائج بعد الانتهاء من مشروع الربط الحديدي بين مناطق المملكة. وأفاد نائب رئيس غرفة الشرقية رئيس لجنة النقل البري فهد الشريع، أن القطاع ينطوي على ما يزيد على 98 ألف ترخيص لنشاطات النقل البري، إذ يعمل في نطاقه أكثر من 612 ألف شاحنة، تساهم بدورها في نقل المنتجات الوطنية والمستوردة، بين شتى مناطق المملكة، لافتا إلى أن التحديات التي تواجه قطاع النقل قد لا تكون موجودة في قطاعات اقتصادية أخرى، من هنا تأتي أهمية التوجه لرصد التحديات وقراءتها بدقة، والتعاون بين الجميع لتجاوزها وتخطيها، بما يضمن الاستمرار الإيجابي للقطاع لتقديم خدماته اليومية والمستمرة لباقي القطاعات. ضغوط دولية لفتح قطاع النقل للاستثمار الأجنبي دعت الجلسة الأولى من الندوة التي حملت عنوان (مستقبل النقل البري خلال العشرين سنة القادمة) إلى وضع مواصفات قياسية أفضل للنقل وما يصاحبه من أنشطة لوجستية، مؤكدة على أن صورة المستقبل تتحدد من خلال رفع مستوى معايير الجودة والسلامة والبحث عن الأفضل. قال وكيل وزارة النقل لشؤون النقل د.عبدالعزيز العوهلي في ورقة عمل بعنوان (تطوير قطاع النقل في المملكة – التحديات والفرص)، إن أبرز التحديات التي تواجه القطاع تتمثل في زيادة الطلب على جميع نشاطات وخدمات القطاع الناجم بدوره عن الزيادة السكانية، العولمة والانضمام إلى منظمة التجارة الدولية إذ إن هناك مطالبات وضغوطا دولية لفتح القطاع للاستثمار الأجنبي، قضايا تمويل مشاريع النقل، الحاجة إلى تحسين وتطوير خدمات جميع نشاطات النقل، وتحدّيات تختص بكل نمط من أنماط النقل، وجميعها تقتضي تنسيق الجهود بين مختلف الجهات العاملة في قطاع النقل. وأضاف أن الرؤية المستقبلية لقطاع النقل تتمثل في توفير قطاع نقل متكامل يشمل جميع الأنماط لمواكبة احتياجات المملكة المستقبلية، ويتميز بالسلامة والفعالية والكفاءة والتطور التقني، ويعمل على تشجيع وتعزيز التنمية الاقتصادية والقدرة التنافسية للمملكة على المستوى الدولي. وأشار ناظر قسم عمليات الشحن بشركة أرامكو السعودية عبدالرحمن العرفج في ورقة عمل بعنوان (دور أرامكو السعودية في رفع مستوى سلامة النقل البري) إلى أن حجم العمل بين الشركة والناقلين قوامه 13 ألف شاحنة لنقل الوقود، و1400 شاحنة لنقل الكبريت تقطع خمسين مليون كم سنويا في عمل متواصل على مدار الساعة، كما تقطع الشاحنات ستين مليون كم سنويا لأعمال الشحن البري باستثناء الوقود. وأوضح مدير برنامج الخدمات اللوجستية بشركة صدارة خالد الخالدي في ورقة بعنوان (التحديات اللوجستية بالمملكة والخليج)، أن حقبة السبعينيات كانت حركة النقل لا تتعدى وجود سائقين وشاحنات وحافلات، بينما في الوقت الحاضر يوجد واقع أوسع يتضمن النقل والاتصالات والشحن وخدمات لوجستية مختلفة، وهناك عشرات الشركات التي تعمل في هذا المجال، وقال إن هناك تحديات تواجه هذا القطاع في منطقة الخليج، منها تنوع إدارات الخدمات فلا توجد إدارة واحدة مكلفة بتنفيذها، معربا عن أمله أن تتوحد الجهود والإجراءات وأن يكون هناك تخطيط مشترك لهذا النشاط، وأن توجد شركات متخصصة في الخدمات اللوجستية، تقدم خدماتها للشركات الأجنبية التي تطلب هذا النوع من الخدمة بدلا من أن تكون هذه الخدمات متفرقة. ندرة الكفاءات السعودية تعرقل التوطين ودعوات بتأسيس هيئة للنقل البري وتحدث في الجلسة الثانية رئيس مجلس إدارة شركة عبدالرحمن العطيشان وعضو لجنة النقل البري في غرفة الشرقية عبدالرحمن العطيشان عن الصعوبات التي تواجه قطاع النقل بالمملكة خلال العشرين عاما القادمة، ومنها التشغيل وعدم توفر رأس المال وارتفاع أسعار السيارات وقطع الغيار وندرة سائقي المركبات والزيادات المتوقعة. وتوقع أن يشهد القطاع ارتفاعا بنسبة 150 % عن ما هو موجود حاليا بمعنى ارتفاع عدد الناقلات إلى أكثر من 500 ألف ناقلة وبالتالي سيشهد القطاع مشاكل يصعب حلها. ورأى أن الطرق الرئيسة في المملكة لا تفي بالغرض ولا تخدم القطاع مؤكدا أن الشاحنات سوف تتراكم عليها وستزيد من المشاكل. واقترح إعادة هيكلة قطاع النقل البري بتأسيس هيئة مستقلة للنقل البري مطالبا بدعمها من الوزارة، ودعا إلى التخطيط لزيادة طاقة السكة الحديد لاستيعاب التوسع القادم للقطاع. كما اقترح تصنيف الناقلين حسب سنة إنتاج السيارات والساحات وحجم الشركات وإمكانياتها، وتخصيص مساحات واسعة للنقل البري على مداخل مدن المناطق الشرقية والوسطى والغربية تحت مسمى “مدن النقل” وصياغة أنظمة خاصة وملحقات تخدم منتسبي القطاع. وحول توطين القطاع، قال يجب البدء في بعض الشركات الكبرى التي يعمل فيها ما يقارب من 35 ألف ناقلة وعقد اجتماعات مع معاهد التدريب المتخصصة لتدريب الأيدي العاملة السعودية على سيارات النقل الحديثة. وفي ورقة العمل الثانية، أكد مدير عام الخدمات المشتركة في شركة المراعي عبدالله البدر، أن التحدي الأكبر للقطاع يكمن في ندرة الكفاءات السعودية في قيادة النقل الثقيل، مشيرا إلى أن الشركة واجهت ذلك بإنشاء معهد للتدريب، كونها تملك أكثر من 1200 سائق منهم 300 سائق سعودي يقودون ستة آلاف مركبة منها ألف شاحنة للنقل الثقيل وينتشرون على خمسين ألف منفذ للبيع في المملكة والخليج. وفي ورقة العمل الثالثة، قال رجا البقمي مدير معهد لوجستيات الشرق الأوسط للتدريب في مجموعة المجدوعي، إن طلاب الجامعات يفضلون الوظائف الإدارية في قطاع النقل البري، وأرجع عدم قبول الوظيفة المهنية لخطورتها وطبيعة العمل التي تؤدي إلى الغياب لفترات طويلة عن المنزل وعدم وجود فرص للحصول على الترقيات ووجود فرص وظيفية مميزة في قطاعات أخرى وعدم تناسب العمل مع تخصصاتهم. وأفاد أن المعهد انطلق من تلك المعلومات بتأسيس برنامج تدريب يعتمد على تدريب الراغبين في العمل بالقطاع على رأس العمل وبالتخصصات التي تناسب القطاع، وقبل في البرنامج سبعون متدربا أكمل 67 منهم البرنامج بنجاح واستمر منهم خمسون متدربا على رأس العمل، وتسرب ثلاثة متدربين وانتقال سبعة، وفضّل عشرة الاكتفاء ببرنامج التدريب بدون التوظيف. جانب من جلسات ندوة النقل البري في غرفة الشرقية