يؤثر عن الراحل طارق عبدالحكيم قوله: «كل تراث عذب».. وانطلاقا من عذوبة التراث عرفت القنوات المهتمة بالموروث الشعبي من أين يؤتى المجتمع، وأي مفتاح يقبل؟ ومع الاغتباط الجمعي بظاهرة (الرقص التراثي) ظلت نخب المثقفين تمانع المظاهر المصاحبة لها، المبالغة في تمجيد القبائل والمفاخرة التي تحكيها الصورة وأشرطة الإهداء التي تعقبها جملة (ونعم)! ووراءها ما وراءها.! خلفية المشهد لقناة تراثية ما، تستلزم وجود (ذود) من الإبل، وواحة نخيل، وصوت حزين لزوم (الشيله)، وربما موعظة بين وقتي صلاتي المغرب والعشاء لإضفاء الشرعية وقطع الطريق على (جماعة المثقفين)! وبعد ذلك كل مافي الشاشة فصول لاتشابه رواية الدكتور معجب الزهراني (رقص) إلا في الاسم فقط!! رقص فرقص فرقص.. يحول عذوبة التراث إلى مرارة، وذوق الشعر والعطفة إالى مضغ ولوك فلفظ..لأن الشيء إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده.. المعامل الاجتماعي للديكور البائس ثلة من(المتمشيخين الجدد)، ربما أثروا من عقار تعافى من مرضه كما يقولون! أومن مقاولات الباطن! ونحو ذلك مما لم تجهد فيه عقولهم ولا أبدانهم.. وهي لاتجهد كذلك في نوعية الظهور الاجتماعي بأي وسيلة فتجد ضالتها في قاعة احتفالات في أطرافها كاميرات القناة إياها ونصف دزينة من أرباب القوافي ووفود متملقة تحضر لأن في وقتها متسع للرقص.. البعض من هؤلاء المتمشيخين الجدد لايأبه في أن يقيم حفل تكريم لنفسه بنفسه! وأي طعم للتكريم إذا لم يكن الناس شهودا حقيقين بقلوبهم.. بقي أن أقول إن قنوات الطبول لها خارطة طريق وانتشار.. وليست كل مساحتنا الوطنية من الأحساء إلى جازان، ومن القريات إلى شرورة تقبل أن تكون طرفا في صفوف الراقصين..آن الأوان لنقرع أبواب الحياة الجادة..