يقول المسكين، المذبوح بلا سكين بعد أن أصبح جسمه ناحلاً وتقدم مرضه مراحل بعد أن أصبح الألم يغدو ويروح وصار كالطير من الوجع (مذبوح): «استشرت صديقا قديم، صاحب ود صميم، أن يرشدني إلى طبيب يحب خدمة الناس، ليجنبني (هجولة) الطب الخاص، الذين إهمال المرضى لديهم سنة، والانضباط في عرفهم بدعة، يجلبون عظم الداء، ممسوح من قاموسهم الوفاء، على يديهم موت الضعفاء، وعزرائيل لهم من أعز الأصدقاء، شوقهم للمال شوق الروض الماحل إلى الغيث الهاطل، ولولا حصانة الأجل لخرجت أرواح المرضى بيديهم على عجل. تراهم كالببغاء ليس لديهم علم أو شفاء، ليس لهم فضائل ويتجنبهم كل سائل، ديدنهم (مع الخيل يا شقراء) ولا يفرقون بين البيضاء والسمراء، العمل محظور في مواطنهم و(الكوفي شوب) خير أماكنهم. طبيبهم في أرذل العمر، قد كسر ظهره الدهر، تسمع من أحوالهم عجيبها، وترى من أفعالهم غريبها، زادت كروشهم في الوزن، وعلا وجوههم الحزن، لو اطلعت عليهم لوليت منهم رعبا، شاب غراب شبابهم، وصاح بجانب ليلهم، هبت عليهم رياح النسيان، وعصفت بهم عواصف الزمان. جلبهم من سقطت هممهم وخربت ذممهم، طمعًا في المال، دون خوف من الكبير المتعال». فقال لي: «اعلم حماك الله من الهلاك وأطعم أبناءك وأحفادك السيملاك، أن ما تطلب مستحيل، وليس إلى المستشفيات التخصصية من سبيل، فالأسرّة محدودة، وقبولك إخلال بالجودة. فطلبك ضرب من الجنون، وما دهاك إلا ريب المنون. فطريقك مسدود مسدود، وجسدك غذاء للدود»!.