اليوم ينتهي الحوار مع أستاذي الكبير سمير عطا الله، سبق لي أن أجريت حوارات كثيرة مع نجوم فن وكتابة وموسيقى وكرة قدم وشعر وأحياناً قليلة أهل سياسة، وأعترف: لم أسعد بتفريغ حوار، كما لم أحزن بفراق حوار، أكثر من هذا، شاكراً لأستاذي سمير عطا الله سعة صدره، ممتناً لسعة أُفقه.. س: ما لقيتك إلّا ولقيت في يديك كتاباً، إلى أيّ درجة يخشى أستاذ كبير مثل سمير عطا الله من أن «لا يتأثّر»؟! ج: ومن أنا في نهاية المطاف؟ لقد صنعت مهنتي وسعادتي وما تسنّى لي من اعتزاز، من الكُتُب. يقول لي ابني أنت مهنتك الحقيقية «مُفَرِّغ مكتبات» في عواصم العالم. الفارق بين المكتبة ودكّان الحلوى، أنك في الأُولى لاتشبع ولاترتوي. غالباً ما أشتري نسخة من كتاب ثم أكتشف أنني اشتريته من قبل. حسرتي هي ما أضعت من كتب خلال العمر. المئات. الآلاف. ربما أكثر. س: لو قيل لي ما هو أهم أسرار سمير عطا الله لقلت إنه صاحب عبارة تتذكر وتحلم في نفس اللحظة، لكن لو قيل لك أنت ما هو سرّك الأهم، فماذا تقول؟ ج: يا صديقي وزميلي فهد عافت. لا أسرار في الإنسان. لم يخطر لي مثل هذا السؤال أنّ بي سرّاً، كما خطر لإيليّا أبي ماضي في تأمّلاته الرقيقة. ولكن إذا كان لابد من تسمية خاصة ما سرّاً، فإن سرّي في البساطة. أنا رجل يدرك محدوديّته. حجم موقعه. أحب عملي وأحب الناس وأحب الخير وأكره الخنادق. لاأتصوّر نفسي في خندق معادٍ لأحد. دائماً أقول يجب فهم الضعف في البشر لأن كبارهم تفهّموا نقاط الضعف عندي. ولكن هناك نوع من المخلوقات التي تعاصرنا، لست أقوى على تبرير سوئها. كمثل النَّمَّامين والحاسدين التافهين الممتلئين بما فيهم. حاولت، لكنني لست على مثل هذه القدرة. س: دخلتَ «تويتر» وخرجتَ منه سريعاً، وفي مقالة لك كتبتَ ما يشي بسطحيّته وكثرة القشور، برأيك من المُذنب: كأس «تويتر» أم نوعيّة «المياه» المسكوبة فيها؟ ج: «تويتر» ظاهرة تكنولوجيّة لا أدبيّة. أنا إنسان غيور على مهنتي. يتعكّر مزاجي يوماً كاملاً -وربما أطول- إذا وجدت إسفافاً في صحيفة محترمة. أو إذا وجدت زميلاً لايزال مصرّاً على عدم التطوّر. «تويتر» مساحة أقصر من أن تحمل فكرة أو حكمة أو أدباً أو نقطة معرفة. إنها وسيلة جميلة وسريعة من وسائل السَّلوى. وهي حق لمن يملك الوقت، مثل الشطرنج ولعب طاولة الزَّهر. للأسف، أنا أُفَضِّل أن أقرأ فصلاً في كتاب. لاأريد أن أفرض عصري على أحد. جرّبته وجرّبني. لا وقت لتجارب أُخرى.