القرارات الحكومية الذكية تشعرك أن خلفها رغبة صادقة في تقديم الأفضل والأنفع للناس ومحاولة تجاوز أي عقبات قد تواجهها مهما كانت، والحد الأدنى للأجور الذي نادى به كثير بأن يكون 3000 ريال للسعوديين اصطدم بعقبتين؛ الأولى قانونية وحقوقية: هي أنه لا يمكن وضع حد أدنى لأجور السعوديين دون المقيمين وإلا عد من باب التمييز، والسعودية ملتزمة بالتوقيع على اتفاقات منظمة التجارة العالمية ومنظمة العمل الدولية، والأخرى اقتصادية: إذ رفع الحد الأدنى لأجور المتعاقدين أسوة بالسعوديين وخاصة في المهن الدنيا لعمالة غير مدربة يرفع التكلفة الاقتصادية لكثير من المشروعات ويشكل عبئا على الدولة والمواطن وبالتالي زيادة الأسعار المرتفعة أصلا، وحين ربطت وزارة العمل الحد الأدنى للرواتب ببرنامج نطاقات للسعودة ولم تضعه نظاما عاما للحد الأدنى فإنها استخدمت درجة عالية من الذكاء الإداري يحقق الهدف الذي تسعى إليه من السعودة عبر نطاقات ولا تتعارض في الوقت نفسه مع الاتفاقات الدولية التي وقعتها ولا تشكل عبئا على رجال الأعمال، كما أن هذه الخطوة تقفل الباب أمام كثير من وسائل احتيال بعض الشركات والمؤسسات بتعيين أكبر قدر من السعوديين الحقيقيين أو الوهميين برواتب متدنية، واستغلال حاجات الشباب من الجنسين للعمل برواتب مجحفة لاتغطي وسائل المواصلات، وبين يدي تقرير عن مجموعة شركات تعمل بالسعودية تبلغ إيراداتها السنوية مليارات وكشوفات السعوديين فيها فضيحة من حيث الأسماء غير المنطقية والرواتب المتدنية، وهناك أيضا ثغرة أخرى لعل الوزارة انتبهت لها وخاصة في الشركات الكبيرة التي قامت تحت ضغط برنامج نطاقات بتوظيف مئات الشباب السعوديين ولكنها تعاملهم معاملة غرائب الإبل وتشعرهم بأنهم مجموعة من غير المرغوب فيهم وسيتم الاستغناء عنهم حال الانتهاء من الحاجة الصورية لهم، ولا أعلم هل تشترط الوزارة عدم اعتماد كشوفات توظيف السعوديين إلا بعد مرور ثلاثة أشهر على تعيينهم وانتهاء فترة التجربة حتى لا يستخدم شبابنا في نطاقات كنكاح المحلل المنهي عنه شرعا والمرفوض إنسانيا، وتتابع أحوالهم وأسلوب التعامل معهم؟ أرجو ذلك.