بدء فعاليات الدورة ال 24 للمهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون في تونس    انطلاق موسم جدة    وزير الاتصالات يجتمع مع نائب وزير الخارجية الأمريكي    من يخدع الفحص الدوري؟    123 مليون SR غرامات شركات خالفت «المنافسة»    هل يخسر «سُنة» العراق رئاسة البرلمان؟    واتساب تستهدف الاتصالات السريعة    الشارع يترقَّب مفاوضات مسقط جهود سعودية - عُمانية لحلِّ الملفات الشائكة    غزة.. الأطفال يتضورن جوعاً؟    محطة مهمة في الانتخابات الأميركية    بريطانيا.. ماذا حقّق المحافظون خلال 14 عاماً في الحكم؟    الهداف والوصيف .. يغيبان عن التهديف    على ذكرى 2018.. هل يفعلها «الأخضر» ؟    أرقام قياسية يحققها برنامج الابتعاث في خمسة مواسم    يزيد الراجحي.. سابق الريح    صنع التوازن.. بين الاستثمار الناجح وحماية التنوّع البيولوجي    «السندباد» يعود للساحة ب11 أغنية جديدة    أمن الحج والحجيج.. خط أحمر    يسر وطمأنينة    لاعبون يمضغون العلك    1.66 مليار دولار سوق الرموش الصناعية عالمياً !    على ذمة الذكاء الاصطناعي.. الحشرات طعام البشر مستقبلاً !    شوكولاتة أكثر صحية واستدامة    محافظ الزلفي يلتقي مدير فرع وزارة البيئة بالرياض    إساءة استغلال التأشيرة!    الإجازة الصيفية.. ربوع الوطن أفضل    ليعيشوا بكرامة وأمان    كيف نطوّر منظومة فكرية جديدة؟    زيارة الغذامي أصابتنا بعين    خلود الشمري: صعود سريع نحو القمة في ميادين الهجن    سيدات مكَّة يسجلن أروع القصص في خدمة ضيوف الرحمن    النجمي يلتقي مدير عام فرع الإفتاء في جازان    الشؤون الإسلامية في جازان تشارك في المعرض التوعوي بمخاطر تعاطي المخدرات    القوامة تعني أن على الرجال خدمة النساء    هل يرحل تاليسكا؟    جامعة الحدود الشمالية تعلن مواعيد القبول لدرجة البكالوريوس والدبلوم عبر البوابة الإلكترونية    قم للذكاء الاصطناعي وفّه التبجيلا    الجامعات ونظام الهيئات    د. الحصيص: التبرع بالكبد يعيد بناء الحياة من جديد    "ناتشو هيرنانديز" يوقع للقادسية حتى 2026    محافظ الطائف يزف 9321 خريجاً في حفل جامعة الطائف للعام 1445ه    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان حاكم الشارقة في وفاة الشيخة نورة بنت سعيد بن حمد القاسمي    منفذ جديدة عرعر يودِّعُ الدفعة الأخيرة من الحجاج العراقيين    حرس الحدود بعسير يقبض على مخالفين لتهريبهما (22) كيلوجرامًا من مادة الحشيش المخدر    افتتاح مركز العضية بمحمية الوعول بالرياض    قرعة تصفيات آسيا المؤهلة لكأس العالم 2026.. السعودية في مجموعة قوية    طقس حار بالرياض.. وأمطار في جازان    خادم الحرمين يأمر بترقية وتعيين 154 قاضياً بوزارة العدل    النفط ينتعش فوق 85 دولاراً والذهب يستقر    حكاية وجع.. بين رحم زمن قديم ونار ألوان ستة    وعي وحزم    واتساب يتوقف على 35 هاتفًا    "الثقافة" تشارك في المعرض السعودي للإبليات في جنيف    "الدحة".. موروث شمالي ارتبط بحياة أهالي طريف    وفاة والدة الأمير منصور بن سعود    قلق أممي إزاء الانتهاكات المرتكبة ضد الفلسطينيين    عبدالرؤوف يحتفي بليلة العمر    الأمير خالد بن سلمان يبحث تعزيز التعاون العسكري والدفاعي مع الصين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أليس شرع الله يحرِّم عضلَ الآباء بناتِهم والمروءة تأبى ذلك؟!
نشر في الشرق يوم 09 - 09 - 2012

نعمه سبحانه وتعالى على عباده لا تحصى، بل هيهات أن يستطيع أيٌّ منهم مهما أوتي من العلم أن يحصيها، ولكنه قد يعرف ما يفتقده منها، وتدوم نعم الله وتزيد بحمده وشكره، وتُنْتَقص أو تقلُّ بركتها بالجحود والنكران، ويتفاوت خلقه فيما بينهم بنعمه لحكمة منه تعالى في ذلك، وتكون لبعضهم في جوانب أكبر منها في أخرى، ويحرم الله بعضاً من بعضها أو ينقصها، وربَّما في ذلك خير لا يعلمه المحروم ولا يتبيَّن خيريَّة حرمانه منها، فسبحانه وتعالى مقسِّم نعمه على عباده منذ خلقهم وحتى مماتهم.
قال تعالى في سورة الشورى: (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ 49 أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا ۖ وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ 50(، وقال في سورة النحل: (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ 58 يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ 59(، وهكذا يقسِّم الله نعمَه على عباده فيما يرزقهم من أولاد كما في الآيتين الكريمتين من سورة الشورى، وهو سبحانه العليم بذلك والقدير وذو الحكمة فيما قسمه لكلٍّ منهم وقدَّره لهم، وعلى عباده الرضا بذلك والحمد والشكر على ذلك، إذْ ليس من الحمد والشكر ما أورده تعالى في الآيتين الكريمتين من سورة النحل، حيث لا يعلم المولود له هل الخير له بالذكر أم بالأنثى.
ومن حمده سبحانه وتعالى وشكره أن ينهض الأب بمسؤوليَّاته تجاه ذريَّته، وتلك مع بناته أوجب وأدعى لمرضاته تعالى، لقوله عليه السلام: (من ابتلي من البنات بشيء فأحسن إليهن كن له ستراً من النار)، ولقوله عليه السلام: (من عال جاريتين حتى تبلغا، جاء يوم القيامة أنا وهو، وضم أصابعه)، ومن إحسان الآباء لبناتهم تيسير أمور زواجهنَّ وعدم عضلهنَّ (منعهنَّ عن الزواج)، هذا الذي دفع ببعضهنَّ للتقدُّم للمحاكم الشرعيَّة شاكيات آباءهنَّ في ذلك، فقد نشرت صحيفة «الشرق» في عددها 262 تحت عنوان: «الرياض الأولى في قضايا العضل وعنيزة الأقل» نقلاً عن إحصائيَّة لوزارة العدل كشفتْ أنَّ محاكم الرياض سجَّلتْ من قضايا العضل 71 قضيَّة، فيما سجَّلت محكمة محافظة عنيزة أقلَّ عدد قضايا عضل على مستوى المملكة، وذلك بواقع قضيَّة واحدة، وذلك للأشهر التسعة الأولى من هذا العام 1433ه.
وبقدر ما آلمتني إحصائيَّة قضايا العضل كظاهرة في مجتمعاتنا أسعدني ورود محافظة عنيزة باعتبارها الأقل في قضايا العضل على مستوى المملكة، علماً بأنَّها إحصائيَّة لا تحصر المعضولات، فهي تشير فقط للمتقدِّمات بقضايا ضدَّ عاضليهنَّ، فهناك أسباب كثيرة تمنع معضولات كثيرات من رفع قضاياهنَّ للمحاكم الشرعيَّة، فلو قلتُ: لا أظنُّ نسبة الشاكيات تتجاوز 1% من أعداد المعضولات لما جانبتُ في قولي الحقيقة.
يعضل آباءٌ بناتهم الموظَّفات طمعاً في رواتبهنَّ، ويعضلونهنَّ انتقاماً من أمَّهاتهنَّ المطلَّقات، ويعضلونهنَّ بفعل عادات وتقاليد قبليَّة تمنع تزويجهن لغير أبناء عمومتهنَّ في القبيلة أو خارج القبيلة من قبائل أخرى، ألا فليعلم أولئك أنَّهم يحرمون بناتهم فطرة فطرهنَّ الله عليها وشرع لها الزواج، ويتبعه حرمانهنَّ من الأمومة كنتاج لها، وليتنبَّهوا أنَّ ذلك قد يدفع ببعضهنَّ لتحقيقها انحرافاً، أليس من نعم الله على أولئك أن رزقهم الله بناتهم؟! وأنَّ تربيتهنَّ والإحسان إليهنَّ نعمة توصلهم لجنَّته تعالى، فهل من شكره والإحسان لهنَّ عضلهنَّ طمعاً أو انتقاماً أو لعادة قبليَّة؟! بل إنَّهم والذين يسرقون مهورهنَّ قد فعلوا منكراً وإن لم تعترض البنت على ذلك خوفاً فإنَّ ذلك ممَّا يمنعه الشرع بل وتأباه المروءة، ثمَّ ليقارن أولئك بآباء في شعوب أخرى عربيَّة وإسلاميَّة ملزمون اجتماعيّاً بتجهيز بناتهم من أموالهم لتزويجهنَّ، أليس من نعم الله على الآباء أن يتقدَّم إليهم من سيتحمَّلون عنهم المسؤوليَّة لحماية بناتهم وإعالتهنَّ وللقيام باحتياجاتهنَّ وفوق ذلك لإعفافهنَّ والستر عليهنَّ وتحقيق فطرة الأمومة لهنَّ، لينجبن أحفاداً لهم ربَّما احتاجوهم في شيخوختهم فكانوا أقرب إليهم من أبنائهم، فإن لم يخَف أولئك الله في بناتهم ولم يُحسنوا إليهنَّ بدافع الأبوَّة والحنان وطلباً لمرضاته تعالى، فلينظروا لجانب العفاف والستر، ألا يخشون العار لوقوعهنَّ في الانحراف، إنَّ فعلهم هذا دافع لبعضهنَّ لذلك.
إن حفزتني إحصائيَّة قضايا العضل فكتبتُ ما كتبتُه أعلاه، فقد استثارتني مقطوعة الأستاذ خالد الأنشاصي نهاية مقالته في العدد 267 من صحيفة «الشرق»، القائل فيها:
حَبَاهُ اللهُ بالأُنْثَى
فلا صلَّى ولا شَكَرَهْ
ويصفو حين يَحْلبُها
ويَتْرُكُ نفسَها عَكِرَهْ
تُقَرْقِشُها عُنُوسَتُها
ولا تُبقي سوى نَكِرَهْ
أَفَحْلٌ أنتَ يا أبتِ
ولم تُنْجِبْ سوى بَقَرَهْ؟
لأعلِّق بقولي: ما أجملك شاعراً استثرتَ مشاعري بما اختتمت به رسائلك العاجلة، فالشعر أسرع وصولاً إلى الأنفس ومشاعرها من النثر، فإليك أستاذي الشاعر مشاعري على لسان فتاة معضولة تخاطب أباها:
بِبَوحِ الشِّعْرِ مُعْتَذِرَهْ
سَأحْكِي الحَالَ مُخْتَصِرَهْ
نَعَمْ أَبَتَاه لِي أَمَلٌ
أَعِيْشُ بِطَيْفِه حَذِرَهْ
تُحَدِّثُنِي بِه رُوحِي
وَتَعْرِضُ مُهْجَتِي صُوَرَهْ
نَعَمْ أَبَتَاه قَدْ كَبُرَتْ
فَتَاتُكَ وَارتَوَتْ نَظِرَهْ
وَفِي أَعْمَاقِهَا تُخْفِي
شُجُونَ القَلْبِ مُسْتَتِرَهْ
تَثُورُ أُنُوثَتِي شَوقاً
وَتَهْدَاُ وَهْيَ مُنْكَسِرَهْ
أَفِيْضُ أُمُومَةً حَتَّى
أَرَاهَا فِي المُنَى نَكِرَهْ
يَلُفُّ الصَّمْتُ إِحْسَاسِي
وَيَمْسَحُ بالدُّجَى أَثَرَهْ
فَتَاتُكَ يَا أَبِي تَخْشَى
زَمَاناً تَشْتَكِي خَطَرَهْ
لِمَاذَا أَنْتَ تَعْضِلُهَا
لِتَبْقَى العُمْرَ مُنْتَظِرَهْ؟
تَعِيْشُ حَيَاتَهَا ظُلْماً
حَيَاةَ عُنُوسَةٍ كَدِرَهْ
كَفَى اسْتِثْمَارُهَا عِقْداً
إلامَ تَظَلُّ مُحْتَكَرَهْ؟
أَمَا تَخْشَى تَضَرُّعَهَا
بِلَيْلٍ لا تَرَى قَمَرَهْ؟
فَإِنَّ اللهَ يَسْمَعُهَا
فَيُتْبِعُ سَمْعَه قَدَرَهْ
فَمِي أَبَتَاه عَنْ قَلْبِي
سَيَلْفِظُ مَا بِه أَمَرَهْ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.