الرياض – خالد الصالح القحطاني: الاستثمار الزراعي في المملكة متواضع.. وعلى وزارة الزراعة التخلص من البيروقراطية. أسعار السلع الاستهلاكية سترتفع خلال الشهور المقبلة نتيجة الجفاف الذي حل بالولاياتالمتحدةالأمريكية. الشهري: 300 ألف طن حاجة المملكة من الأسماك والربيان سنويا ونغطي فقط مائة ألف طن. مبادرة لتطوير الناتج المحلي من الأسماك سترفع الإنتاجية إلى مليون طن في السنة نهاية عام 2029م. توقع عدد من الخبراء والمسؤولين والأكاديميين، زيادة أسعار السلع الاستهلاكية في المملكة خلال الأشهر القليلة المقبلة، وذلك نتيجة الجفاف الذي تعاني منه الولاياتالمتحدةالأمريكية وبعض دول أوروبا المصدرة لأهم السلع الغذائية للشرق الأوسط، فيما أرجع آخرون احتمالية ارتفاع الأسعار في دول الخليج العربي إلى الإشكاليات الحاصلة بين إيران ودول المنطقة، مستبعدين أن تكون المملكة من الدول المصدرة للسلع الغذائية الأساسية على مدار السنوات المقبلة، بسبب النمو السكاني المتزايد، ما يجعل إنتاجها بقدر حاجة مواطنيها. كما اتفقوا على ضرورة الانتقال من الربيع السياسي إلى الربيع العربي الاقتصادي من خلال الاستفادة من الدول الزراعية مثل اليمن، والسودان، وليبيا، ودول المغرب العربي، عبر الاتفاقية التي وقعتها الدول العربية كافة ومن ضمنها المملكة في عام 1982، وتشجيع الاستثمار في مجال زراعة القمح للاستفادة من مبادرة الملك عبدالله للاستثمار الزراعي الخارجي، كما طالبوا عبر «الشرق» بضرورة إيجاد خزينة استراتيجية وأمن غذائي مشترك لكافة دول الخليج. مخزون استراتيجي عبدالعزيز الركبان قال السفير ومساعد الأمين العام للأمم المتحدة والمبعوث الخاص للشؤون الإنسانية وبرنامج الأمن الغذائي، عبدالعزيز الركبان: «إن أسعار السلع الاستهلاكية في المملكة ستزداد كثيراً خلال الأعوام المقبلة، مرجحاً أن ترتفع ارتفاعا شديدا خلال السنوات الخمس المقبلة، بسبب الإشكاليات الحاصلة بين إيران وباقي دول المنطقة، مؤكداً تأثير هذه الأوضاع على دول مجلس التعاون الخليجي، ومداخل ومخارج الخليج العربي». مضيفاً: «نأمل أن يكون الضرر على المملكة قليلا بعد ما قامت الحكومة السعودية بشراء كميات كبيرة من القمح الأمريكي والأسترالي، وهذا يرجع إلى رؤية المملكة طيلة السنوات الماضية، التي تقوم على ضرورة الاحتياط من هذه الأمور، حيث تمتلك مخزونا استراتيجيا للمدى البعيد». وأشار الركبان، إلى أن الجفاف والتقلبات المناخية التي تعانيها المملكة منذ سنوات، أثرت كثيراً على الإنتاج الزراعي السعودي، إضافة إلى نقص موارد المياه، وأضاف: «أعتقد أن المملكة خطت خطوة جريئة في شراء كميات كبيرة من القمح مؤخراً، مما يحافظ على الأمن الغذائي للمملكة». وأشاد الركبان، بالتجربة الكورية بعد أن كانت في عام 1959 تبيع المساعدات الإنسانية التي تردها، وأصبحت اليوم في قمة الدول الصناعية والزراعية، مطالباً بتشجيع الزراعة، وحث مواطني المملكة عليها، ومنحهم حوافز وقروضا تسهيلية. مشيراً إلى تجربة الصين التي يوجد فيها 800 مليون مزارع. واستبعد الركبان، احتمالية أن تصبح المملكة من الدول المصدرة للغذاء خلال السنوات المقبلة، بسبب النمو السكاني المتزايد، الذي يجعل كافة منتجاتها تذهب إلى السوق المحلية، مشيراً إلى احتمالية تصدير الفائض من الناتج المحلي فقط. ربيع اقتصادي د.محمد القحطاني وأوضح المحلل الاقتصادي الدكتور محمد القحطاني، أن الاقتصاد السعودي يفتقد إلى الرؤية الصحيحة، لافتاً إلى أن أي اقتصاد ينبغي أن يكون متكاملا مع الوضع السياسي والاجتماعي، وكذلك الأوضاع الدولية، وقال: «مع هذا نجد أن الاقتصاد السعودي يمتلك مقومات فعالة تؤهله لأن يكون رائدا وله شأن في المنظومة الدولية، وذلك لامتلاكه مزايا تنافسية ونسبية لعدد من المنتجات». مشددا على الدور الكبير لمجلس الاقتصاد الأعلى في رسم رؤية اقتصادية واضحة لما تريده المملكة، ونوه القحطاني، إلى أن المنتديات الاقتصادية التي تتكرر في كل عام لا يتم الاستفادة منها ولا من دراساتها المستقبلية، مؤكداً عدم حاجة المملكة إلى المنتديات بقدر حاجتها إلى المجلس الاقتصادي الأعلى، الذي عليه أن يستغل هذه الثروة الاقتصادية. هيكلة الاقتصاد وأشار القحطاني، إلى ضرورة تبيان ما تحتاجه المملكة خلال السنوات الخمس المقبلة، من مواد غذائية رئيسية وضرورية، قائلاً: «سنتعب كثيراً ما لم نهيكل الاقتصاد السعودي من جديد، ونعيد النظر فيه، لأن هناك مخاوف كبيرة من نقص المواد الغذائية، وأتوقع ارتفاع فاتورة المواد الغذائية خلال الشهور المقبلة بسبب الشح والجفاف في الولاياتالمتحدةالأمريكية وعدد من دول أوروبا، حيث لن تستطيع هذه الدول تصدير الكميات التي كانت تصدرها من قبل إلى دول الشرق الأوسط «. وأكد القحطاني، دورالمملكة في توفير المواد الاستهلاكية الأساسية لدول الخليج والدول العربية، وقال: «إن دور المملكة كبير في هذا الجانب، ولكن مطالب هذه الدول سترتفع مستقبلاً، ولن تستطيع المملكة القيام بدورها بشكل كامل، لذلك لا بد من استغلال مناطق الجنوب للزراعة، وتسخيرها لبناء مشروعات زراعية وإنتاجية تحتاج إليها البلاد». دول زراعية ودعا القحطاني، إلى ضرورة استفادة المملكة من الدول الزراعية مثل اليمن والسودان وليبيا ودول المغرب العربي، وكل البلاد التي تشهد وفرةً في المياه، وتربة زراعية جيدة، في إنشاء مشروعات على أراضيها، وقال: «آن الأوان للانتقال من الربيع السياسي إلى الربيع العربي الاقتصادي. لماذا لا نستفيد من هذه الخيارات المتاحة أمامنا ونفعّل الاتفاقية التي وقعتها الدول العربية كافة ومن ضمنها المملكة في عام 1982 تحت عنوان: تسهيل التبادل التجاري ؟». وبيّن القحطاني، أن المملكة تشهد حالياً تضخما كبيرا في أسعار السلع الاستهلاكية، مرجعاً ذلك إلى وضع الاستثمار الزراعي فيها، الذي وصفه ب»المتواضع،» وقال: «على وزارة الزراعة الانتقال من البيروقراطية المميتة إلى استغلال الفرص الاستثمارية الزراعية الكبيرة». ثروة سمكية م.جابر الشهري وكشف وكيل وزارة الزراعة للثروة السمكية المهندس جابر الشهري، أن حاجة المملكة من الأسماك والربيان تقدر ب 300 ألف طن سنوياً، مبيناً أنها تغطي فقط مائة ألف طن من استهلاكها أي قرابة 35% من الاحتياج، أما الباقي فتستورده من الدول العالمية، مؤكداً أن المملكة تعمل على خطط تطويرية لتلافي هذا الأمر مستقبلاً، حيث وقعت وزارة الزراعة اتفاقية مع عدد من الجهات الحكومية والقطاع الخاص، لدراسة «المبادرة السابعة» لتطوير الناتج المحلي من الأسماك من خلال الاستزراع السمكي على شواطئ البحر الأحمر والخليج العربي، الذي سيكون، في معظمه، عبارة عن أقفاص عائمة لصيد السمك ذاتياً، مشيراً إلى أن هذه الطريقة متبعة في كثير من الدول المتقدمة مثل النرويج، والولاياتالمتحدة، وهولندا، وأستراليا، وبيّن الشهري، أن هذه الدراسة ومخرجاتها ستظهر للنور مع نهاية عام 2029م، وذلك بعد اعتمادها رسمياً، وستستطيع المملكة أن ترفع إنتاجها إلى قرابة مليون طن سنويا، أي أنها ستغطي احتياجها المحلي، وستصدر الفائض إلى خارج المملكة. قضية محلولة وأفصح رئيس كرسي الملك عبدالله للأمن الغذائي في جامعة الملك سعود الدكتور خالد الرويس، عن إمكانية شراء المملكة السلع الاستهلاكية حتى لو ارتفع سعرها، مشيراً إلى أن قضية الأمن الغذائي قضية محلولة من ناحية الاستيراد، وقال: «ينبغي أن نشجع المستثمرين على زراعة القمح في الخارج، والاستفادة من مبادرة الملك عبدالله للاستثمار الزراعي الخارجي التي وافقت عليها الدول العربية» وأضاف: «الإنتاج المحلي، والاستيراد، والاستثمار الزراعي في الخارج، طرق أساسية كفيلة بتحقيق مخزون استراتيجي للمملكة، وتؤدي إلى تحقيق الأمن الغذائي، حيث إن الرؤية للمخزون الاستراتيجي للمملكة غير واضحة تماماً». كيان مستقل د خالد الرويس وطالب الرويس، الجهات المسؤولة بتحديد حاجة المملكة، وإيضاحها في كل فترة، كما طالب بإيجاد هيئة وكيان مستقل لمخزون السلع الاستراتيجية في المملكة، مؤكداً أن المملكة حالياً تعتمد فقط على اجتهادات غير دقيقة من قبل عدد من الجهات المعنية التي تجلب السلع للمملكة، مبيناً: «أنه ليس بالضرورة أن تكون كل دولة منتجة مصدرة، فهناك دول تنتج لنفسها فقط حتى لو كان إنتاجها عاليا جداً، وبالتالي يجب توجيه المستثمرين إلى الدول التي تملك إمكانات إنتاجية للاستفادة منها» وقال الرويس: «إن أسعار السلع الاستهلاكية سترتفع بالتأكيد خلال الشهور المقبلة، نتيجة الجفاف الذي تعانيه الولاياتالمتحدةالأمريكية وبعض الدول الأوروبية، ومن المفترض ألا يشعر المواطن بهذه الارتفاعات حالياً، لأن السلع التي تباع حالياً في الأسواق موجودة مسبقاً، مطالباً حماية المستهلك بتفعيل دورها الرقابي». اتحاد خليجي ولفت الرويس، إلى ضرورة الإسراع في تحويل مجلس التعاون الخليجي إلى اتحاد، والتفكير بعدها في إيجاد خزينة استراتيجية وأمن غذائي مشترك لكافة دول الخليج، وقال: «نجد أن قطر والبحرين والكويت لكل منها خطط منفردة، ومن المفترض أن توحّد هذه الجهود لكون الذوق الاستهلاكي والحاجات الغذائية متشابهة في كافة دول الخليج، ونطالب أيضاً بإيجاد شركة استثمار خليجية في الخارج، وتحديد مناطق التخزين بناء على المميزات النسبية لكل منطقة «. وأشاد الرويس، بجهود قطر في برنامجها الغذائي واصفاً إياها ب»الفعالة جداً» حيث كوّنت مخزونا استراتيجيا ذا ثقل لتحقيق هدفها في الاكتفاء الذاتي الغذائي، وأضاف: «لماذا لا نُفعّل هذا الجانب، مع أن إمكاناتنا ممتازة، وعدد سكان المملكة في حدود الثلاثين مليونا». مفهوم الأمن الغذائي عصام خليفة ونوه عضو جمعية الاقتصاد السعودية عضو المجلس السعودي للجودة عصام مصطفى خليفة، إلى أن مفهوم الأمن الغذائي لا يعني بالضرورة إنتاج كل الاحتياجات الغذائية الأساسية في الدولة، بل يقصد به أساسا تأمين المواد الغذائية بالتعاون مع الدول المختلفة التي تتمتع بميزات نسبية عن الدول الأخرى. وبيّن خليفة، أن الركيزة الأساسية للأمن الغذائي تقوم على وفرة السلع الغذائية في السوق بشكل دائم وبأسعار تكون في متناول المواطنين. وقال: «من المعروف أن من أهم أسباب انخفاض الإنتاج الزراعي في المملكة – خاصة في المحاصيل الغذائية الأساسية – ندرة مياه الأمطار والمياه الجوفية، وتدهور الأراضي وتصحرها، والظروف المناخية القاسية، وبالتالي فهي تعتبر من أكثر الدول التي تعاني من الإجهاد المائي في العالم، وفي ظل هذه الظروف الصعبة والتحديات الكبيرة التي تواجهها المملكة لتأمين احتياجات السكان الغذائية، يجب أن تتخذ المملكة استراتيجية واضحة لتحقيق الأمن الغذائي في السنوات المقبلة، من خلال إنتاج أكبر قدر من الغذاء في إطار «مبدأ المزايا النسبية»، مضيفاً: « لا يمكن تجاهل الجهود التي تبذلها المملكة للتغلب على الظروف المناخية، ومحدودية الموارد المائية، والتربة الفقيرة، لتأمين جزءٍ معنوي من احتياجاتها الغذائية، من خلال تبني أحدث التقنيات والمعدات، وتوفير التمويل للقطاع الزراعي، والاستعانة بأحدث الخبرات الزراعية». اكتفاء ذاتي وأشار خليفة، إلى أن المملكة تحقق سنوياً معدلات عالية من الاكتفاء الذاتي من محاصيل الفاكهة، خاصة التمور والعنب، بنسبة تبلغ 65% من احتياجات السكان، ومن محاصيل الخضروات بما يعادل 90%، كما أنها تحقق سنوياً الاكتفاء الذاتي من البيض والدواجن بنسبة 104% تقريباً، والحليب الطازج بنسبة 103%، واللحوم الحمراء بنسبة 38%، والأسماك بنسبة 50%. استثمار خارجي وأوضح خليفة، أن المملكة حرصت على المساهمة في تحقيق الأمن الغذائي من خلال عقدها شراكات واتفاقيات تكاملية مع عدد من الدول في شتى أنحاء العالم، خاصة مع الدول التي تتمتع بمقومات زراعية عالية في مجال تنمية وإدارة الاستثمارات الزراعية، في عدد من المحاصيل الزراعية الاستراتيجية، بكميات وأسعار مستقرة ومستدامة، خصوصاً بالنسبة لمحاصيل الغذاء الأساسية كالأرز والقمح والشعير والذرة والأعلاف الخضراء والسكر. معدلات الاكتفاء الذاتي في المملكة