تنتشر أخبار عن القبض على مفحط في عنيزة برتبة نقيب اشتهر باسم «فايزر» في ملاحقة درامية. معظم التعليقات كانت تهاجم المفحط وتتهمه بالخيانة ومخالفة طبيعة عمله والصبيانية والعبث..إلخ. كل ذلك حق خصوصاً أن رتبة نقيب تتضمن وجاهة سلطوية بما يفوق الطبيب والأستاذ الجامعي مثلاً بسبب اتصال وظيفته بالسلطة وتعبيرها عن ذلك في أي جهة عسكرية مما يجعل خطأه أكثر عرضة للتشهير وأقرب للتشفي والغيظ حتى إن كانت المنطلقات أخلاقية. لا عذر للضابط في تفحيطه وربما تكون عقوبته أقسى إلا أن ما يجب الالتفات إليه هو لماذا لجأ للتفحيط بما يقدح سمعته، ويضر وظيفته وقد يتنافى مع عمره الذي لايقل عن الثلاثينات؟ ولماذا يقطع المسافة من الرياض إلى عنيزة متخفياً ليمارس التفحيط؟ وإذا كان مفحطاً منذ أيام شبابه فكيف لم تنجح العسكرية في صقله وتهذيبه طوال السنوات الماضية. التفحيط خطر من جميع النواحي، وجريمة إن كانت ساحته الأحياء وجموع المتفرجين إلا أنه قد يكون الخيار الوحيد للممارسة للذين لايجدون نوادي تحتضنهم، ولامجالات ترفيه أخرى سوى التفحيط أو البلوت في الاستراحات وجميعهما خيار تعس يكشف جفافاً حاداً وغياباً للتوعية وقصوراً في فهم الترفيه ومجالاته. منذ الثمانينيات والتفحيط ظاهرة تنمو ولاتتراجع ليس بسبب انحراف الشباب فقط فكثير من الجمهور يجدها عملاً فنياً لكن نتيجة عدم نشوء مسارات ترفيه تحتضن الشباب وتستثمر طاقاتهم المهدرة يومياً في حوادث التفحيط حتى إن كانوا مجرد متفرجين. عقود طويلة تناسلت فيها آلاف الانتقادات للتفحيط دون أن يظهر فعل واحد يحاصر الظاهرة، وإن ظلت القاعدة إلقاء اللوم على المفحطين واتهامهم بالانحراف فالنتيجة المزيد من الحوادث المروعة والضحايا الشباب.