بالتأكيد كنا على موعد خاص مع اتهامات جديدة للتيار الإسلامي في مصر وخصوصاً جماعة الإخوان المسلمين، عندما تمر الذكرى السادسة على رحيل عميد الرواية العربية نجيب محفوظ (30 أغسطس 2006)، دون حدث ثقافي يليق بصاحب نوبل. الاتهامات كانت ستبنى على واقع مرور هذه الذكرى دون أن يلتفت إليها أحد، وسيقول الليبراليون واليساريون والمثقفون المناهضون لأي مشروع يحمل كلمة (إسلامي): إنها أولى بركات الحكم الإسلامي في مصر!، إنها واقعة اعتداء صريحة على الثقافة والفن في مصر!، إنها خطة محكمة لأخونة الثقافة والفن والأدب!، إننا نعود إلى عصور التخلف والقمع والإرهاب والتطرف بهدر القيم الثقافية والأدبية في بلادنا!، رحمة الله عليك يا مصر: فقد جاء الزمن الذي سيحاسب فيه حتى الأموات على كلماتهم وآرائهم وفنهم! كل هذا كان سيقال، بل ستحشد له المظاهرات للتنديد بالاعتداء غير المقبول على الأدب المصري الذي شرفنا بالوصول إلى العالمية، وستتم الدعوة لمليونية يسمونها “مليونية إنصاف نجيب محفوظ”، وسترفع شعارات: “لا لأخونة الثقافة والأدب”!، “ارفعوا أيديكم عن الثقافة المصرية”!، “على المثقفين والأدباء أن يبحثوا عن وطن آخر”!، “لو أحرقتم كل مؤلفات نجيب محفوظ فلن تستطيعوا أن تطفئوا عقولنا”!. وفي خضم هذه الشعارات لن يلتفت أحد إلى أن وزارة الثقافة المصرية لا يوجد بها إخواني واحد!. الجميل في كل هذا الأمر أن وزارة الثقافة (التي لا يوجد بها إخواني واحد) تجاهلت الذكرى السادسة لرحيل محفوظ تماماً، مما دفع (الإخواني) الدكتور محمد البلتاجي عضو المكتب التنفيذي لحزب الحرية والعدالة (الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين) إلى انتقاد تقصير وزارة الثقافة في الاحتفاء بذكرى الأديب العالمي الراحل نجيب محفوظ، مؤكداً أن عدم الاحتفاء بالأديب الكبير لا علاقة له مطلقا بالتيار الإسلامي في ظل إقصاء الإسلاميين عن أي موقع من مواقع المسؤولية في أي من قطاعات وزارة الثقافة جميعاً! عندئذ فقط، انكشف المستور، وانفضح المخطط الإجرامي بحق الثقافة المصرية، فأصدر الدكتور صابر عرب، وزير الثقافة، قراراً بتشكيل لجنة من قيادات الوزارة لإقامة احتفالية كبرى للاحتفاء بذكرى نجيب محفوظ، تشمل إقامة سلسلة من الندوات واللقاءات تنظمها هيئة الكتاب، كما يقيم المجلس الأعلى للثقافة ندوتين، وتقيم الهيئة العامة لقصور الثقافة 6 ندوات يقام على هامشها معرض لإصدارات وزارة الثقافة ويتم بيع جميع إصدارات الوزارة عن الأديب نجيب محفوظ بخصم يصل إلى %50. وأعلنت الوزارة عن إقامة مشروع متحف لنجيب محفوظ، كما تتم دراسة مقترح الكاتب يوسف القعيد لعمل جائزة ملتقى القاهرة في الإبداع الروائي عن نجيب محفوظ. هكذا تحركت وزارة الثقافة بعد أن أنصف الإخوان نجيب محفوظ، ترى: هل تحتاج الثقافة المصرية إلى بعض الأخونة؟!