لم تتوقف الحرب في سوريا، إذاً تدفّق اللاجئين مستمر، لبنان وجهةٌ للآلاف من هؤلاء الذين يعيشون مأساةً يومية، لاسيما بعدما تجاوز عددهم الستين ألفاً. إلى البقاع الأوسط، وتحديداً إلى بلدة قب الياس، وصلت عائلات سورية مسيحية، يتحدث أحد أبناء المنطقة عن وجود مائتي عائلة، إلا أن النائب اللبناني معين المرعبي يشير إلى أن الرقم أكبر من ذلك بكثير، فيخبر المرعبي أن عدد العائلات المسيحية ناهز الألف بعد اندلاع القتال في مدينتي حلب ودمشق. يُعرب أحد اللاجئين السوريين المسيحيين عن خشيته من صعود الإسلاميين إلى الحكم، ورغم أن الشاب المذكور كان مؤيداً للثورة، إلا أنه اليوم يؤكد أنه لم يعد يرغب في نجاحها، شقيقة الشاب نفسه التي كانت أجرأ كاشفة أن اسمها نانسي، تتحدث عن تبدل في المفاهيم والرؤيا، تُخبر أن الجيش السوري الحر في بداية الأحداث كان يُقدم لهم الطعام والمساعدة فضلاً عن أنه كان يوفّر لهم الحماية، تُخبر نانسي أن الوضع تبدّل اليوم، فتشير إلى أن بعض المقاتلين تحوّلوا إلى إسلاميين متشددين، من هنا تنطلق لتقول إن هناك إسلاميين متطرفين يخيفون المسيحيين السوريين من الحكم المستقبلي للإسلاميين. الموقف الحيادي الذي تُعرب عنه نانسي لا يتوافق مع كثيرين غيرها من اللاجئين، يتجاهل هؤلاء الإهانات والتهديدات التي يتعرضون لها عبر وصفهم ب «الملحدين» و»كلاب بشار»، لكنهم لا يمكن أن يتجاهلوا إحراق أرزاقهم ومنازلهم. في موازاة ذلك، تروي الأخت آنياس مريم الصليب عن اعتداءات عديدة تتعرّض لها الكنائس في سوريا، تتشارك الأخت آنياس المعلومات التي تحدث عنها السفير البابوي في روما لجهة قوله بوجود مجموعات مسلّحة في القصير يقودها القيادي الإسلامي المتشدد أبو علي. تقوم بعمليات ممنهجة لطرد المسيحيين، علماً أن معظم المسيحيين اللاجئين إلى لبنان هم من مسيحيي مدينة القصير. في المحصّلة، يتكشّف أن تعاطف الكثير من الشباب المسيحي الثوري مع الثورة بات يتلاشى، اليوم يقف معظم المسيحيين على الحياد مما يجري في بلادهم، فيما يقرر آخرون دعم نظام بشار الأسد بصفته «ضامناً لحقوق الأقليات»، بحسب تعبيرهم. وفي سياق التعليق على وصول لاجئين مسيحيين، رأى عضو كتلة القوات اللبنانية النائب شانت جنجنيان أنّ «الحالة السوريّة تشبه الفلسطينيّة بشكل أو بآخر»، ويلفت إلى أنّ غياب الأحزاب المسيحية يزيد الأزمة السورية تعقيدًا في ظل غياب الرؤية الموحدة.