ليس المهم من يفوز في الانتخابات البرلمانية، ولكن المهم هو أن تتحقق إرادة هذا الشعب الذي انتظر ستين عاما حتى يفرض كلمته مرة أخرى على الساحة المصرية، وبصرف النظر عن آراء المحللين السياسيين، ووجهات النظر الإعلامية على اختلاف انتماءاتها، فالشعب صاحب الكلمة الآن، لأنه من قام بالثورة، وعلى الجيش أن يحميها فهو في النهاية جزء من هذا الشعب، ويجب أن يخضع لإرادته في الوقت الذي تفجرت فيه الطاقات، وأنذرت بلهجة شديدة بأنها صاحبة القرار. وعلى الرغم من الاختلافات الثقافية والسياسية والدينية التي يتميز بها الشارع المصري، فإنها اتفقت جميعا على التغيير وخوض تجربة الحرية والديمقراطية بكل مراحلها، وكل ما يمثله ذلك من ضغوط على الشعب الذي ظل تحت وطأة الاستعمار ما يزيد على سبعة عقود، قام فيها بثورات عديدة وكفاح مرير ضد الاستعمار (ثورة عرابي، ثورة 1919، ثم ثورة يوليو 1952)، وما كاد يتنفس نسيم الحرية حتى هبت عواصف مراكز القوى، ومظاهر الظلم والاستبداد في عهد العسكر عبدالناصر والسادات وأخيرا مبارك، والتي استمرت قرابة ستة عقود أخرى حتى طفح الكيل، ليهب الشعب مرة أخرى في ثورة 25 يناير، التي انتصر فيها الشعب لإرادته وأطاح بكل عناصر النظام تحت مظلة الجيش المصري. وبدلا من الحديث عن المكاسب التي اكتسبها الشعب لفرض كلمته، تصدت كثير من وسائل الإعلام لتناقش جدالاً مصطنعا حول المخاوف والآثار السلبية التي يرونها من وجهة نظرهم حول صعود الإسلاميين وخسارة الليبيراليين، الذين ينسبون الثورة لأنفسهم بالتكتل خلف الشباب الذي أطلق شرارة الثورة، لتخرج بنا تلك الوسائل من إطار إرادة الشعب إلى أبعاد أخرى. ولا شك أن الشعب هو الذي يحدد الأهداف ويعرف كيف يحافظ عليها في أي وقت شاء، ولم يعد لديه أية حواجز تحول بينه وبين الوصول إلى الهدف الأسمى وهو الحرية والديموقراطية،وهو الوحيد أيضاً الذي لا يتأثر بالضغوط والمصالح الخارجية، ولا يعرف لعبة السياسة، ولا يهمه لغة الجدال الإعلامي، فقط هو يدرك احتياجاته، ويحدد مطالبه، ويستكمل مسيرته، وعلينا جميعا كمصريين أن نحترم إرادته.