روي أن المغيرة بن شعبة قال للأحنف بن قيس : أبلغني الثقة عنك كذا ، و أبلغني الثقة عنك كذا .. فقال له الأحنف الثقة لا يبلغ!! و المتأمل في العبارة الأخيرة يجدها تغنى عن مقالات و صفحات .. ذلك أن الثقة هو الشخص المتحلي بأسبابها المستحق لنيلها المرتقي لسمائها ..و لهذا رأى الأحنف بحكمته أن ناقل الحديث ليس موضعا للثقة ، و هذا يوضح الحكمة في تحريم التشريع الإسلامي السمح للنميمة بشكل مضاعف عن الغيبة ؛ إذ قد يجد الإنسان على أخيه أو صديقه أو جاره وهي طبيعة إنسانية بيد أن هذه الموجدة وهذا الغضب لا يلبثا أن يزولا و تعود المياه إلى مجاريها فأين مكمن الخطر ؟! إنه في النمام الذي يلتقط الكلمة في لحظة الغضب فيذهب بها إلى من قيلت فيه فيملأ صدره على أخيه و لهذا فقد ورد في الحديث أن النمام لا يدخل الجنة فيما شبه المغتاب بآكل لحم أخيه وشتان ما بين الحكمين ؛ لأن النميمة لا تتم إلا عبر الغيبة فهي أشمل وأنكى..كما ورد في أمثلتنا الدارجة أن ( عدوك ليس من حكى عنك و إنما من حكى لك ) . و كما أن النميمة خصلة مذمومة فإن إفساح المجال للنمام يدل على ضعف شخصية واستعداد للانقياد والتبعية وقلة دراية بالحياة ..ومتى ما أردت أن تحجم نماماً فاجعل مواجهته مع من أورد عنه المقال هو العلاج و ستجد أثره عاجلاً و نفعه بالغاً . ثمة نقطة هامة :أن من يستطيع أن يبلغك بأمر في حال غياب المروي عنه أو حضوره فهو ثقة في حكمي و أن خالف حكم الأحنف!!