يمارس كثير من الناس، وعلى وجه الخصوص النساء كبيرة « الغيبة والنميمة «، ومن المؤسف أن البعض يخصص «صوالين «لممارسة تلك السلوكيات الخطيرة تحت ستار «الدردشة والفضفضة» دور مراعاة لحرمتهما الشرعية، وأثرهما السلبي على حياة الأفراد والمجتمع حيث جاءت الشريعة الإسلامية بذمهما، فيما أكد الأخصائيون في الجوانب النفسية والاجتماعية على أن النمامين والمغتابين هم مرضى حقيقيون «الرسالة» تحاول تسليط الضوء حول الأسباب والمسببات في ثنايا هذا الاستطلاع. وعن الجوانب الشرعية والنفسية والاجتماعية لتلك السلوكيات الخطيرة، أكد أستاذ العقيدة بجامعة أم القرى سابقا الدكتور أحمد بن محمد بناني أن الغيبة والنميمة من الأعمال التي قبحهما الشرع الحكيم بإيراد نصوص شرعية تحرمهما وتنفر العمل بهما، وذلك لما يترتب على انتشار هاتين الخصلتين من أضرار شرعية واجتماعية ونفسية. وقال:» صاحب الغيبة يتحين الفرص ليتحدث بسوء عمن ليس حاضرا عنده ويشوه صورته عند الناس بأن ينسب له ما ليس فيه ويصفه بما ينفر الناس منه», معتبرا هذا ظلما عظيما لمسلم غافل لا يستحق من أخيه المسلم إلا كل خير وسلام، كون المسلم من سلم الناس من لسانه ويده. وأضاف:» وفي نفس الوقت فإن هذا الخلق سيعود على المتلبس به بالشؤم والعذاب في الدنيا والآخرة»، مضيفا بأن الله تعالى قد توعد الظالمين فقال: (ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم إلى يوم تشخص فيه الأبصار مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء). وأكد بأن صاحب النميمة يجمع بين شؤم الغيبة وكون هذه الغيبة يراد بها إشعال نار الفتنة بين مسلمين فيحدث هذا بما يوغر صدره على أخيه والعكس، وقد قال الحكماء:»من نم لك نم عليك»، وبهذا تفسد المجتمعات إلا أن يحارب العقلاء هاتين الخصلتين السيئتين ويبينوا للناس خطرهما. شخصية أنانية من جانبه جزم الدكتور رجب بن عبد الحكيم بريسالي استشاري الطب النفسي في مستشفى الحرس بأن الشخص المغتاب أو النمام صاحب شخصية نفسية مريضة اذ أنها تسعى جاهدة لإفساد العلاقات بين الآخرين, من خلال نقل أخبار وإشاعات مغرضة أو ذكر عيوب الآخرين، وهي شخصية أنانية لاتحب الا ذاتها وتتهدم أمامها كل القيم والأخلاق من مبدأ الغاية تبرر الوسيلة. وأكد بريسالي بأن المغتاب شخص حقود بطبعه يحمل في جنباته شخصية لا تحب الخير للآخرين مع أنها لا تستطيع المواجهة فنراها تتجه إلى المكر والخديعة، ومحاولة النيل من الأشخاص الناجحين ببث الأكاذيب وذكر عيوب الآخرين والتسلق ، مشيرا إلى أن أرباب الغيبة أشخاص نرجسيون وصوليون متسلطون يعبدون السلطة ويبذلون المستحيل في سبيل تحقيق أمنياتهم. وقال: «لا توجد حتى الآن أية دراسات دقيقة سواء في مجتمعنا السعودي أو حتى على مستوى العالم العربي تبين حقيقة وأسباب الغيبة والنميمة، إلا أنه توجد العديد من الدراسات في العالم الغربي، وأظهرت إحداها أن هناك جانبا معنويا ايجابيا ينعكس على صحة ونفسية الشخص المغتاب والنمام سواء بسواء وان أولئك الأشخاص قادرون على تكوين علاقات اجتماعية ناجحة مع الزملاء في العمل. وذكر أن تلك الدراسة التي أجريت مؤخرا في ولاية فيلاديلفيا في أمريكا، أشارت إلى أن الرجال في الواقع أكثر ثرثرة ونمنمة من النساء، كما أوضحت أن مستوى التوتر والقلق كان متدنيا بشكل ملحوظ لدى الأشخاص المغتابين والنمامين مقارنة بغيرهم ممن لا يتصفون بذلك. تؤدى إلى الاكتئاب وأوضح نقلا عن الدراسة ذاتها أن هاتين الصفتين المقيتتين تجعل من يحملها شخصا مذموما مدحورا في نظر الآخرين فضلا عن حتمية إصابته بالاكتئاب والإحباط عاجلا أم آجلا في حال عدم تحقيق أهدافه الدنيوية، أما فيما يتعلق بانخفاض معدل التوتر فهذا من وجهة نظري وقتي وسوف يتحول ذلك إلى ارتفاع مستوى التوتر والقلق في المستقبل. وعن الانعكاسات الاجتماعية للغيبة والنميمة، رأى المؤسس والمشرف العام على مشروع النهضة الأخلاقية (خُلق) الدكتور عمر بن عثمان الاندجاني أن الغيبة والنميمة نتيجة الحسد الذي الذى له انعكاسات سيئا على المجتمع من عدة نواح: فالحسد يمنع الحاسد والمحسود من الانتفاع من فضل الله ونعمه، ثم ان الحسد مرض نفسي يصيب الإنسان ويتمكن منه ويفقده قدرته على الحكم الصحيح والنفع العام فيصبح تأثيره هداما في المجتمع بدلا من التأثير النافع البناء. ورأى انديجاني أن الحرص على النجاح لا يجب أبدا أن يكون من خلال مقارنة نجاحاتنا بنجاحات الآخرين لان هذا سيكون مدعاة لان نشعر بالسوء كلما تعرفنا على أشخاص أكثر لان كل منهم ناجح في مجال ما. وأكد أن المرء سيكون له شأن كبير عندما يطرد من نفسه الغيبة والنميمة ويحررها من المقارنة مع الآخرين، مشيرا إلى أن من يشعر بالحسد والغيرة من نجاح الآخرين تحاصره التعاسة على الرغم من تحقيقه لنجاحات متعددة لأنه يقارن نفسه بالآخرين ويشعر بالغيرة من نجاحاتهم ويسعى جاهداً ليماثلها، وهو ما يؤدى في النهاية إلى فقدان متعة الحياة والاستمتاع بالنجاح حتى ولو كان محدودا.