حذر وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف اليوم الثلاثاء الغرب من اتخاذ اجراء منفرد بشأن سوريا بعد ان قال الرئيس الامريكي باراك أوباما ان القوات الامريكية قد تتحرك اذا استخدم الرئيس السوري بشار الاسد اسلحة كيماوية ضد مقاتلي المعارضة الذين يحاولون الاطاحة به. واجتمع لافروف مع داي بينغ قو مستشار الدولة الصيني ووفد حكومي سوري في دفعة فيما يبدو لاستمرار الجهود الدبلوماسية في وقت لا يعتقد فيه عدد يذكر من الحكومات الغربية والعربية ان خطة السلام التي تدعمها الاممالمتحدة يمكن ان تنهي العنف. وعارضت روسيا والصين اي تدخل عسكري في سوريا طوال 17 شهرا من اراقة الدماء واستخدمتا حق النقض (الفيتو) ضد ثلاثة قرارات لمجلس الامن التابع للامم المتحدة أيدتها دول غربية وعربية لزيادة الضغط على دمشق لوقف اعمال العنف. وأدلى لافروف بهذه التصريحات خلال اجتماعه مع داي بينغ قو بعد ان هدد أوباما أمس الاثنين بعمل عسكري أمريكي ضد الرئيس السوري محذرا بأشد لهجة حتى الآن من أن القوات الامريكية يمكن ان تتحرك ضد الرئيس السوري بشار الاسد اذا لجأ الى استخدام أسلحة كيماوية ضد مقاتلي المعارضة. ونقلت انترفاكس عن لافروف قوله إن التعاون الدبلوماسي الروسي والصيني يستند إلى “الحاجة إلى الالتزام بصرامة بمعايير القانون الدولي والمبادئ الواردة في ميثاق الأممالمتحدة وعدم السماح بانتهاكها.” وقال لافروف للمسؤول الصيني “أعتقد ان هذا هو المسار الصحيح الوحيد في الظروف الراهنة.” والتقى داي أيضا مع كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونيكولاي باتروشيف كبير مستشاريه لشؤون الامن امس الاثنين في مشاورات لم يعلن عنها الكرملين مسبقا. وعبرت تصريحات لافروف عن رغبة موسكو في ابقاء الجهود الدولية لحل الازمة السورية داخل الاممالمتحدة حيث تتمتع روسيا والصين بحق النقض كأعضاء دائمين في مجلس الامن. وبعد شعورها بالاحباط من لجوء روسيا والصين الى الفيتو ورفضهما الانضمام الى الاصوات التي تطالب الاسد بالتنحي عن السلطة تبحث الولاياتالمتحدة ودول غربية وعربية اخرى عن سبل اخرى لممارسة النفوذ على الوضع في سوريا. وقال أوباما أمس إنه أحجم “في هذه المرحلة” عن الأمر بتدخل عسكري أمريكي في الصراع الدائر في سوريا لكن حين سئل عما اذا كان قد يأمر بنشر القوات لتأمين الاسلحة السورية الكيماوية والبيولوجية على سبيل المثال رد بأنه قد يغير رأيه في الاحجام عن التدخل. وعبرت روسيا بدورها عن قلقها بشأن الاسلحة الكيماوية السورية وقالت انها أبلغت دمشق ان مجرد التهديد باستخدامها أمر غير مقبول. وقال لافروف ان مجلس الامن وحده هو الذي يحق له التفويض باستخدام قوات أجنبية في سوريا محذرا من فرض “الديمقراطية بالقنابل.” ويقول مسؤولون غربيون ان استخدام حق النقض (الفيتو) حرض على العنف السوري من خلال تشجيع الاسد على شن هجوم مستخدما قواته المسلحة المزودة بأسلحة روسية لسحق الانتفاضة الشعبية. وللمساعدة في معادلة قوة النيران المتفوقة للاسد تقدم القوى الغربية معدات غير قاتلة لمقاتلي المعارضة ويعتقد ان السعودية وقطر قامتا بتمويل شحنات اسلحة اليهم. وشدد الغرب ايضا العقوبات على حكومة الاسد. وبعد الاجتماع مع داي التقى لافروف وفدا حكوميا سوريا برئاسة قدري جميل نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية الذي يزور موسكو للمرة الثانية هذا الشهر. وقال لافروف انه مهتم بسماع “خطط تتعلق باتخاذ مزيد من الاجراءات لتحويل الموقف الى قناة حوار سياسي لكي يقرر السوريون انفسهم مصيرهم دون تدخل خارجي.” وقال لافروف ان الطريق الى حل في سوريا يكمن في وقف القتال من جانب الحكومة ومقاتلي المعارضة وتنفيذ اتفاق توصلت اليه القوى العالمية في يونيو حزيران بشأن الحاجة الى تشكيل حكومة انتقالية. وتختلف روسيا مع الغرب بشأن مغزى الاتفاقية التي تم التوصل اليها في جنيف بالنسبة للاسد حيث يقول لافروف انها لا تتضمن ضرورة ان يتنحى وتقول وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون انها تبعث برسالة واضحة بأنه يجب ان يتنحى. وقالت وكالة انترفاكس ان جميل أبلغ لافروف بأن الحكومة السورية تريد مصالحة وطنية ويجب على كل الاطراف ان تقدم تنازلات لكن “التدخل الخارجي … يعوق الجهود لكي يحل السوريون المشكلة.” وحذر جميل من التدخل العسكري المباشر في سوريا وقال انه “مستحيل لان من يفكر فيه ايا كان… انما يدخل في مواجهة اوسع نطاقا من حدود سوريا.” وقال ان تهديد أوباما موجه للاستهلاك الاعلامي. وأعلن الزعماء الروس اصرارهم علي عدم تكرار ما حدث في ليبيا عام 2011 حين سمحت موسكو بعمليات عسكرية نفذها حلف شمال الاطلسي بعدما امتنعت عن التصويت على قرار في مجلس الامن يفوض بالقيام بعمليات جوية. واتهم مسؤولون روس في ذلك الوقت الولاياتالمتحدة وحلفاءها الاوروبيين بتجاوز التفويض الذي منحه مجلس الامن واستخدامه لمساعدة مقاتلي المعارضة على الاطاحة بالزعيم الليبي الراحل معمر القذافي. وشبه فلاديمير بوتين الذي كان في ذلك الوقت رئيسا للوزراء وعاد الى الرئاسة الان قرار الاممالمتحدة بانه مثل “الدعوات الصليبية للعصور الوسطى.” وتنفي روسيا مساندتها للرئيس السوري وتقول انها ستقبل خروجه من السلطة في اطار انتقال سياسي يقرره الشعب السوري لكن رحيله يجب الا يكون شرطا مسبقا ويجب الا يتم ذلك من خلال قوى خارجية. رويترز | موسكو