في مقالي السابق تكلمت عن العيد بروح الأطفال، وأن نحياه كأبرياء لم يصيبوا بأيديهم ذنبا ولم يقترفوا خطيئة، نعيشه ملء أرواحنا فرحا يشع في ملامحنا، ويرتسم في ابتساماتنا، فنبيت ليلة العيد عرايا من الضغائن، متطهرين من الأحقاد، نازعين من أنفسنا كل صور الكراهية والبغضاء، ونبدأ في صبيحة العيد بمبادرة كل من أخطأنا بحقهم، أو شعرنا في يوم من الأيام أنه قد نالهم منا قسوة أو ارتابوا منا ريبة، فنصلهم بزيارة إن استطعنا، أو برسالة نقول لهم: سامحونا إن زلت بنا نحوكم قدم، أو هفا منا إليكم لسان، أو جفاكم قلب، فنحن المخطئون المذنبون، وأنتم أهل للصفح والعفو. ثم لنتذكر أناسا قد ظلمونا، وأساءوا في حقنا، اضطهدونا، أو عيرونا، أو اغتابونا، أقارب أو زملاء عمل، أو رفقاء تجارة، أو حتى متخاصمين في محاكم ، ثم لنعلم أنه ليس من إساءة أو خطأ إلا لها ما يبررها، إن صغيرة منا وكبّرها الشيطان في أعينهم أو كبيرة منا وصغّرها الشيطان في أعيننا، ولأنه يوم يعظم فيه الله ويكبر فيه، ويصغر فيه الشيطان ويخنس، فليس أجمل من مقال يعبر عن حال سوى مد يد التسامح وإعلان عفو عام عن كل من أساء إلينا أو انتقصنا، وما أسهل ذلك في رسالة من جوالك إلى جواله: كل عام وأنت بخير وتقبّل الله صيامك وقيامك وعفا الله عنك وغفر لنا ولك وجمع بيننا في الدنيا إخوانا متحابين وفي الآخرة إخوانا على سرر متقابلين. ليتنا نفقه كما فقه أجدادنا ورعيلنا الأول أن ليس حتى الاختلاف لا يفسد للود قضية، بل حتى الخصومات في المحاكم يجب ألا تستوجب القطيعة والبغضاء بين الأقارب والأخوة في الإيمان، فلتبق الحقوق يقررها الشرع لمن يستحق، ولتبق قلوبنا بيضاء نقية طاهرة نلتقي يوم العيد ونتصافح ونتعانق، كالأطفال لا يعكر صفونا في ذلك اليوم شيء.