تعدّ «الخلوات» داخل المسجد الحرام من الأماكن غير المعروفة عند كثير من عامة الناس، رغم قدمها والزخم الكبير الذي تحمله في طياتها، بسبب أن معظم من يسكنها ويقضي جُل وقته فيها من المشاهير، سواء من رجال الدين أو العلماء والمشايخ، أو حتى من الأمراء وأصحاب النفوذ في البلاد. وبحسب أحد العاملين في خلوة إمام المسجد الحرام، وأحد القراء المشاهير الدكتور الشيخ عبدالرحمن السديس، فإن عدداً كبيراً من الخلوات ينتشر على امتداد أقبية وأدوار الحرم السفلية والعلوية منها، وتنسب لأصحابها المعروفين بها، الممنوحة لهم من قِبل رئاسة الحرم المكي الشريف، كما يؤم بها عدد لا بأس به من الشخصيات المعروفة المصلين لصلاة التراويح والتهجد خلال شهر رمضان المبارك. وأوضح أحد العاملين في خلوة الشيخ السديس خضر القارحي ل»الشرق»، أن خلوة السديس داخل المسجد الحرام تعد أشهر الخلوات المعدة للعبادة والصلاة والذكر، مشيراً إلى أن الشيخ دائماً ما يوجد داخل الخلوة خصوصاً بعد أدائه صلاة المغرب وتناوله طعام الإفطار بجوار الكعبة المشرفة، كما أنه يخصص جُل وقته خلال هذه الفترة لمراجعة بعض أحزاب القرآن الكريم المخصصة للقراءة في صلاة التراويح لذلك اليوم. ولفت إلى أن فريق العمل داخل الخلوة الخاصة بالشيخ السديس يعمل على تجهيز القهوة وحبات من التمر وماء زمزم لتقديمه للشيخ أثناء صيامه في الأيام العادية، فيما تكون الوجبة الرئيسة للإفطار بعد صلاة المغرب مباشرة، أما في شهر رمضان المبارك فنادراً ما يزور الشيخ الخلوة نظراً لانشغالاته المتعددة ووجوده المستمر في قصر الضيافة الخاص باستقبالات المسؤولين والسفراء وكبار الشخصيات الذين يفِدون خلال هذه الأيام المباركة إلى مكةالمكرمة بهدف أداء العمرة وزيارة المسجد الحرام.وأكد القارحي أن الخلوة تعدّ مكاناً خاصاً للتعبد والراحة والخلوة مع النفس، وهي عبارة عن شقة كاملة داخل المسجد الحرام مجهزة بكل وسائل وأساليب الراحة، وقال «تتكامل داخل الخلوة كل وسائل الراحة من مجلس عام، ومصلى خاص، ومطبخ مجهز لإعداد الطعام وتجهيزه، وغرفة أخرى مفتوحة على المسجد الحرام، إضافةً إلى صالة كبيرة لاستقبال الضيوف والزوار في أي وقت». وكشف أن هناك عديداً من الخلوات داخل المسجد الحرام التي يمتلكها عدد من المشايخ والقراء والأمراء، يأتي في مقدمتهم صاحب السمو الملكي الأمير ممدوح بن عبدالعزيز آل سعود، ورئيس مجلس القضاء الأسبق الشيخ الدكتور صالح بن حميد، ونائب رئيس شؤون المسجد الحرام والنبوي الشيخ محمد الخزيم، والأميرة جواهر السويلم، وغيرهم من الشخصيات التي اختارت أن يكون لها مقر بالقرب من أطهر بقاع الأرض. وأشار إلى أن عدداً غير كثير من الشخصيات المرموقة وذات العلاقة بأصحاب هذه الخلوات يفِدون إلى هذه الخلوات خصوصاً خلال شهر رمضان المبارك لأداء صلاة التراويح والتهجد هرباً من زحام المصلين والمعتمرين، مؤكداً أن هذه الخلوات توفر جواً هادئاً من الاستقرار والطمأنينة لأهلها ومرتاديها خلال أدائهم الصلوات.