استمر لليوم الثاني على التوالي توزيع المواد الغذائية للقافلة الأولى من الحملة الوطنية السعودية التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين لنصرة الأشقاء السوريين، وذلك في مخيميْ الزعتري وحدائق الملك عبدالله بالمفرق. وأوضح مدير التنسيق والمتابعة للحملة يوسف الرحمة، أنه تم أمس توزيع حمولة ست شاحنات بين المخيمين، وهي عبارة عن مواد غذائية جاهزة كالمياه والعصائر والحليب والتمر والبسكويت. وقال إن القائمين على الحملة استعانوا بعدد من السوريين اللاجئين لتوزيع هذه المواد تحت إشرافنا لمعرفتهم بالعوائل من جهة ولمساعدتهم من جهة أخرى، مبيناً أن عدداً من الشاحنات فرغت حمولتها في مستودعات الهيئة الخيرية الهاشمية ليتم أخذ الاحتياج اليومي منها لتوزيعه. جودة يتفقد مخيم اللاجئين من جهته، قام وزير الخارجية الأردني ناصر جودة، صباح أمس الأربعاء، بزيارة لمخيمات اللاجئين السوريين والمستشفى المتنقل الجديد الذي أوجدته الحكومة المغربية، يرافقه السفير السعودي فهد الزيد، وسكرتيره الأول ماجد الجريد، وعدد من سفراء دول الخليج، وقد استمع جودة لشكاوى وملاحظات اللاجئين ومطالبهم التي تمثلت في تحسين وضعهم السكني. وأوضح جودة ل»الشرق»، سنحتفل جميعاً بحول الله بإغلاق هذا المخيم، مشيراً إلى قرب نهاية نظام الأسد ليعود جميع اللاجئون لبلادهم. وقال سنعطي إخواننا السوريين كل ما نملك وسنقاسمهم القليل الذي نملكه، حيث لا نخفيكم أن هناك عبئاً كبيراً على الأردن من حيث الصحة والتعليم. وقال الوزير إن عدد اللاجئين الذين دخلوا الأردن حتى الآن تجاوز 150 ألف سوري منذ شهر مايو 2011، كما أشار إلى التحاق أكثر من سبعة آلاف طالب سوري بالمدارس الأردنية. وشكر وزير الخارجية الأردني خادم الحرمين الشريفين على دعمه المتواصل للاجئين السوريين. مستشفى مغربي ب«الزعتري» وأوضح المقدم محمد الطاهري ل«الشرق» أن الملك المغربي محمد السادس أمر بعد التنسيق مع الجهات الأردنية بإقامة مستشفى عسكري لمعالجة الحالات المرضية التي يعاني منها اللاجئون السوريون، وأضاف الطاهري أن المستشفى يحوي ستين سريراً ويقدم خدمات طبية وفحوصات، ويشمل أجهزة طبية مختلفة، ويضم 75 عاملاً يشكلون طاقمه الطبي، بينهم 28 طبيباً متخصصاً سيعالجون ما بين ألف إلى 1200 حالة مرضية يومياً، وقد تجولت «الشرق» في هذا المستشفى الذي سيكون جاهزاً بعد يومين. قصص الهاربين من الجحيم «الشرق» التقت عدداً من اللاجئين السوريين الذين رووا حكايات مأساوية، كتبها الشرفاء بدمائهم تارة وبدموعهم تارة أخرى، يكللها خوف من مصير بات مجهولاً، يشكل كابوساً لا يفارقهم، وإذا زرت مخيمات اللاجئين، فحتماً ستحس بآلامهم كما يشعرون بها. وتجولت «الشرق» في اليوم الثاني مع الحملة بين خيام اللاجئين في مخيميْ «الزعتري» و»حدائق الملك عبدالله» في محافظة المفرق، حيث استبشر اللاجئون خيراً بمقدم حملة خادم الحرمين الشريفين لعلها تخفف من معاناتهم اليومية. خلدون: ابني معاق ويحتاج رعاية خاصة كانت البداية مع خلدون (38 عاماً) الذي يعول في خيمته الصغيرة ثمانية أفراد بينهم ابنه المعاق حركياً، يطلب خلدون، وقد دُمر بيته في درعا بالكامل، مساعدته ليتمكن من إيجاد الرعاية لابنه المعاق، وشكر خادم الحرمين الشريفين الذي أعطاهم أملاً في الحياة من جديد على حد تعبيره. لاجئة أربعينية: لا أعلم مصير زوجي لفتت نظري تلك الأربعينية الهائمة على وجهها بين الخيام، وما تلبث أن تلتفت يمنة ويسرة، لأستأذنها بسؤال؛ فأجابتني والدموع في عينيها: فقدتُ زوجي منذ ثلاثة أيام وفي كل يوم أبحث عنه ولا أعلم مصيره، مشيرة إلى أنه يعاني من مرض الصرع وأنها تحتاجه ليرعى طفلها. أبوأصيل: فقدتُ ثلاثة أبوأصيل قال: فررنا من قصف «درعا» بعد عام ونصف العام من المعارك، فقدنا على أثره الأمل في الاستقرار، وصارت «درعا» تدك بالصواريخ ففررت منها خوفاً على أبنائي الأربعة وزوجتي. وأضاف متحسراً فقدتُ ثلاثة من أبناء عمي استُشهدوا بدرعا قبل نحو أسبوعين على يد عناصر الشبيحة. أبومحمد: عذَّبوا رضيعتي ويروي أبومحمد (24 عاماً) الذي احترمنا طلبه بعدم ذكر اسمه وتصويره لخوفه من النظام السوري، معاناته قبل أشهر بدرعا، إذ اُقتيد هو وزوجته وابنته ذات الأربعة الأشهر إلى مركز الشرطة ليتم التحقيق معه وإجباره على الاعتراف بأشياء لم يفعلها، وذلك بالضغط عليه بتعذيب ابنته على مرأى والديها بالضرب والصعق الكهربائي. واستطرد قائلاً أعمالهم وحشية بكل ما تحمله الكلمة. وقال أحمد الله أن نجت عائلتي منهم. أبوعمر: فقدتُ 12 من أقاربي أما أبوعمر (44 عاماً) من حمص، فيقول فقدت 12 شخصاً من أقاربي جراء مداهمة الشبيحة بالرشاشات على الحي الذي كنا نسكنه بحمص، ولم يتبقَّ غيري وزوجتي وإخوتي الثلاثة، فقرّرنا الهروب من آلة القصف اليومية في حمص ووصلنا إلى هنا قبل أسبوع. أبوعلاء: هربنا من القصف الوحشي ويقول أبوعلاء الحمصي (أربعون عاماً) وقد فر هارباً من آلة القصف الوحشية والدمار العشوائي للمنازل مع زوجته وطفليه، لم نتحمل هذا النظام الذي أزهق الأرواح وشرد الآلاف، وقد مشينا أكثر من خمس ساعات على الأقدام، إلى أن استقبلنا الجنود الأردنيين وأوصلونا لهذا المخيم. وقال: لا نريد شيئاً سوى سقوط هذا النظام لنرجع لشامنا الحر الأبي. أم جمال: رصاصتهم لم ترحم ابني ولم تستطِع اللاجئة السورية أم جمال إكمال قصتها المأساوية عندما تذكرت ابنها ذا ال15 عاماً الذي سقط شهيداً على أيدي النظام السوري قبل أسبوع في حمص، حيث قالت: كنا قبل أسبوع في حمص نريد الفرار من بيتنا الذي دُمر نصفه، وما إن سبقني ابني بخطوات حتى استقرت في رأسه رصاصة أطلقها عليه القناصة ليستشهد على الفور. وتسكت قليلاً ثم تستطرد قائلة: وصلت بمفردي إلى هنا، وقد لا أخاف أحداً ولا موتاً بعد فقدي لابني. عمليات توزيع المواد الغذائية (الشرق)