لسنوات عديدة، والمواطن (نمر)، يثرثر ويزبد على منبر الخطابة، يوزع الاتهامات ويكيل الشتائم هنا وهناك، متجاوزاً دوره إماماً ينصح المسلمين ويذكرهم بحق الله عليهم فينبه الغافل، ويطمئن الخائف ويثبت المجتهد. ليس هذا فحسب، بل عمد لتسجيل تلك الخطب النشاز وبثها عبر مختلف وسائل الاتصال، طامعاً أن تحمل أفكاره الهدامة عبر الأثير إلى العالم كله، فتلبسه ثوب الأبطال الذي طالما تاقت نفسه المريضة إليه، غير أنه كان واهماً، إذ لم تكد نتانة الحديث تتجاوز مسامع الحاضرين. وللأسف الشديد، تعاظم الوهم في خياله، فأوغل في السب والشتم، وأمعن في الإساءة، خطباً لود أسياده، الذين زينوا له طريق الشيطان ووعدوه بالوهم والمال، لكن نسي أن أسياده مثله واهمون، وفي الدناءة والغفلة والجهل غارقون. أجل.. لسنوات عديدة وهو يتهجم في حق الوطن، ثم تبلغ به الجرأة والوقاحة للولوغ في حق القادة والرموز، الذين أفنوا حياتهم ليعيش هو وأمثاله من الحاقدين، في هذا الرغد الوفير من العيش، والنعمة العظيمة من الأمن والأمان والاستقرار الذي يحسدنا عليه العالم أجمع. ولم يقدر ناكر الجميل صبر الدولة وحلمها عليه، إذ كان بإمكانها أن توقفه من أول يوم فاحت فيه نتانة الحديث النشاز، وتسجيلات خطبه الركيكة السوداء، فلما طفح الكيل، وأكد في كل يوم أنه لن يرعى عهداً، وعمد لاستفزاز المشاعر الطائفية وإشاعة المذهبية والفتنة القبلية والعنصرية التي تثير الشغب وتزعزع الأمن.. حينها كان لابد من وضع حد لهذا الحقد المذهبي والعنصري البغيض، الذي يهدد أمن المجتمع واستقراره قبل أن يستشري، وعندما طلب منه رجال الأمن، التوقف للتحقيق معه، شأن كل مارق وخارج عن الجماعة ومجرم في حق الوطن والمجتمع، ظهر على حقيقته، ففر هارباً، وقاومهم بسلاحه الذي كان يحمله معه في سيارته ولم يفلت من يد رجال الأمن الأشاوس. بل ما كان له أن يفلت أبداً من يد أبطال نذروا حياتهم للدفاع عن أمن هذا الوطن ووحدته ورخائه واستقراره. وقبل أن أختم، أود التأكيد هنا أن كل حاقد مدفوع من أسياده مثل (إيران وحزب الله وسوريا)، هو حالة معزولة، يمثل نفسه المريضة فقط، التي نرجو لها الشفاء والهداية، مع ما لحق به الوطن ورموزه وهذا الشعب منه من أذىً وتجريح. فقد عشنا في هذا الوطن الشامخ، منذ أن أعلن مؤسسه الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن، طيب الله ثراه، توحيده في الحادي والعشرين من جمادى الأولى عام 1351ه، الموافق للثالث والعشرين من سبتمبر عام 1932م، إخوة متحابين، وأمة واحدة، تجمعها العقيدة وحب الوطن، لا نعرف قبلية مريضة أو عنصرية بغيضة أو مذهبية مقيتة أو متعصبة وسوف نظل كذلك إلى الأبد إن شاء الله، نورّث هذا الإرث العظيم لأجيالنا، جيلاً بعد جيل. أخيراً.. أهمس في أذن كل مُفْتَرٍ مجترئ، مفارق للجماعة وأقول: إن كان نايف قد رحل إلى رحاب ربه بعد أن أفنى حياته كلها في تحقيق ما تنعم به اليوم من أمن وأمان واطمئنان، فينبغي أن تعلم أننا كلنا (نايف). فعد إلى رشدك، أفضل لك من الارتماء في أحضان من يبيعون الأوطان والأهل، فتنتهي إلى ما انتهوا إليه.