لم أستسغ أبدا العديد من أغاني عبدالحليم حافظ، وعلى رأسها – مثلا – أغنية «على قد الشوق» التي لحنها كمال الطويل، مع أنه ملحن عذب. هذه النوعية من الأغاني – الأقرب إلى أغاني الأطفال – تحظى بهيام عال من الأشخاص الأكبر سنا، السبب: ليس فرادة الأغنية التي تجعل عمرها طويلا، بل لأن الأشخاص الأكبر سنا يسمعون في هذه الأغنية طفولتهم وشبابهم. ألاحظ – الآن – في موقع (يوتيوب) ومواقع التواصل الاجتماعي عودة جيلي لاستماع أغاني الثمانينيات والتسعينيات، ما السبب؟ إنه الاستماع إلى الحنين!. حين نتحدث عن عبدالحليم حافظ نشير إلى دور السياسة في أسطرة بعض الفنانين، أسطورة عبدالحليم حافظ تقوم بالدرجة الأولى على أنه مطرب ثورة يوليو، وقد تلقى دعما هائلا من أجهزة الإعلام المصرية في فترة الرئيس جمال عبدالناصر لتكريس هذه المكانة. في المقابل، في لبنان، مع الازدهار الاقتصادي في عهد الرئيس كميل شمعون، عملت الصحافة اللبنانية ومؤسسة الرئاسة على أسطرة فيروز، وهي تستحق. كان غضب عبدالحليم حافظ على أحد الفنانين يعني التضييق عليه، وأشير هنا إلى المطرب الكبير والقدير محمد رشدي الذي ذاق الأمرين من عبدالحليم حافظ، ولا شك أن (رشدي) من الأصوات المصرية الأصيلة، وصاحب اختيارات فريدة في الأغنية. في المقابل، نتحدث في لبنان عن الفنانة (مجدلة) التي تآمر عليها الإعلام والسياسة لإخفائها من أجل فيروز. لم تتم أسطرة محمد فوزي لأنه ينتمي إلى الحقبة السابقة لثورة يوليو، لقد مات (فوزي) كمدا بعد تأميم شركة الأسطوانات التي يملكها ليصبح موظفا تابعا – في شركته – لضابط لا يفرق بين الموسيقى وزامور السيارات!. عبدالحليم حافظ لا يستحق المكانة التي وضع فيها، استمع إلى أغنية (من غير ليه) بصوت (حافظ) ثم بصوت محمد عبدالوهاب الذي أداها في آخر عمره وصوته في منتهى الوهن، ومع ذلك فالأغنية أجمل من عبدالوهاب. أود أن أذكر بكتاب د. عبدالله مناع («إمبراطور النغم»، لا شك أنه لقب يستحقه محمد عبدالوهاب.