«تركتُ مدرستي، وأحرقت كتبي، لأجد لقمة العيش لأمي وإخوتي الستة»، بهذه الكلمات بدأت عائشة ذات ال16 ربيعاً تحكي فصول قصتها، والظروف التي أجبرتها على العمل لإعالة أمها وإخوتها الستة، تحت سقف بيت متهالك دمرته كارثة سيول جدة. تقول عائشة أحمد: «كنت أحلم بإكمال دراستي مثل كل الفتيات، وأن نعيش حياة كريمة مثل جميع العوائل السعودية، لكن كان هذا كله مجرد أحلام ليس لها وجود على أرض الواقع؛ فمنذ أن تفتحت عيناي وجدت أمي تعاني من مسؤولية سبعة أطفال، دون أب؛ لأن أبي يعاني من مرض عقلي؛ ما عرّضه لاستغلال كثير من الناس فسرقوه وورطوه في ديون كبيرة، حتى جدي من أبي، كان من الواجب عليه أن يصرف علينا، أول من ظلمنا وأخذ منزلنا، وقام بالتحكم في جميع ما يملكه أبي، ورفض دخولنا المدارس؛ فاضطرت أمي لأخذنا إلى جدة، بعد أن كنا نسكن معهم في جازان، وعندما رأيت أمي تذهب إلى جميع الجمعيات الخيرية دون جدوى، وبعد حصلوها على عرض لي من إحدى الجمعيات بتوفير وظيفة في مصنع للتمور براتب ألف و800 ريال، قررت أن أضحي من أجل أن يكمل إخوتي دراستهم، فتركت مدرستي، وأحرقت جميع كتبي قهراً وحزناً على ضياع مستقبلي التعليمي؛ وذلك من أجل توفير لقمة العيش لأمي وإخوتي، كما أن الجمعية وفرت لأختي الصغرى، مثل وظيفتي، لكني رفضت وطالبتها بأن تكمل دراستها لتحقق ما عجزت عنه». وترد والدة عائشة قائلة «لم أكن أرغب في حرمانها من الدراسة، ولكن الحاجة وقلة الحيلة أجبرتاني على ذلك، فبعد محاولات عديدة للبحث عن عمل اضطررت لذلك، حيث أنني مسؤولة عن سبعة أطفال، وأخ عاطل، فكان الحل الوحيد هو موافقتي على تركها للمدرسة وعملها». وقال محمد، شقيق عائشة (17 سنة): «بحثت كثيراً عن عمل من أجل مساعدة أختي في الصرف على أمي وأخواتي، ولكن دون جدوى، وعندما حصلت على وظيفة في أحد «المولات»، وأثناء استكمالي لأوراقي وتوقيع عقدي، طلبوا مني إحضار كفيل، بالرغم من أنني مواطن وأبي مريض وغير موجود معنا، ولم أتمكن من الحصول على أحد يكفلني؛ فرفضوني». وتضيف عائشة قائلة: «أقسِّم راتبي الألف و800 ما بين سبعمائة إيجاراً للمنزل، وثلاثمائة مواصلات لي، وستمائة مواصلات لأختي، والباقي أسلمه لأمي من أجل الصرف علينا، ولا أفكر في أن أترك منه شيئاً لي». وتوقفتْ عن الحديث وأجهشتْ بالبكاء لتقول: «أتمنى أن آخذ حقي في الدراسة، أو العيش مثل أية بنت سعودية، وأن أسكن في منزل غير متهالك تضرر قبل سنة من السيول وتركوه أهله، لكننا أجبرنا على أن نعيش فيه؛ لأننا لا نستطيع دفع إيجار أكثر من سبعمائة».