لا تعيش ذكرى، كسائر أقرانها، خصوصاً بعد انفصال والديها قبل أقل من عامين، فإضافة إلى حرمانها من الاستقرار الأسري، فإن مقتنيات هذه الطفلة السعودية (أربع سنوات)، من الملابس لا تزيد على بنطلون وبلوزة، من تلك التي تباع بثمن زهيد، لا يفوق خمسة ريالات. كما لا تجد هذه الطفلة ووالدتها غير الأرض يفترشانها كل ليلة. وتلهو ذكرى كلما تسنى لها ذلك بدراجة قديمة تعمل على دحرجة عجلاتها المتهالكة على بلاط الصالة الفارغة من أية قطعة أثاث، وتطلق خيالها الطفولي الخصب، لتبني عبر القليل من قطع المكعبات التي تحتفظ بها، عالماً جميلاً، تتمنى أن تحياه يوماً. وتقول أم ذكرى، وهي سيدة مصرية في العقد الرابع من العمر: «مضى على انفصالي عن زوجي نحو عام ونصف العام، ومنذ ذلك الوقت أعيش وطفلتي معاناة يومية لا تنتهي. بدأت بالتنقل بين المحكمة وقسم الشرطة والإمارة. ولم تنته بانتهاء إجراءات الحضانة»، مضيفة: «لم أحصل على الجنسية السعودية، كما وعدني زوجي حين تقدم لخطبتي. كما فقدت عملي، ومصدر رزقي، بعد أن أجريت لي جراحة في ظهري». (تحتفظ «الحياة» بنسخ من صور الأشعة التي أجريت بعد الجراحة). وتلفت المطلقة التائهة إلى أنها عملت خياطة في مشغل نسائي لفترة من الزمن. كما عملت «مندوبة إعلانات»، مستدركة: «منذ طلاقي الذي لا أعرف له سبباً واضحاً، لم أجد من يكفلني. كما أنه ليس في استطاعتي العمل في شكل نظامي». وتتابع أم ذكرى بأسى: «فقدت عائلتي في مصر واحداً تلو الآخر، أبي ثم شقيقي، وهو ما جعلني أقبل التنازل عن 50 ألف جنيه لطليقي، من أجل الحصول على حضانة ابنتي الوحيدة. وكل ظني أن حضانة ابنتي ستكون لي في شكل دائم. فيما يهددني طليقي الآن بأنه سيأخذها مني عندما تبلغ الثامنة من العمر، أو في حال سفري إلى مصر، التي غادرتها منذ نحو خمسة أعوام، أو في حال تزوجت من رجل آخر». وتقاسي الأم وابنتها شظف العيش، وبالكاد تتدبران أمورهما، «النفقة الشهرية التي حكمت بها محكمة الدمام، لا تتجاوز 400 ريال شهرياً. وتبرع لي بعض فاعلي الخير بجهازي تكييف. فيما حصلت على بعض قطع الأثاث القديمة مثل الثلاجة والغسالة من سوق الحراج، وأضع ما أملك من أواني طبخ على الطاولة الوحيدة في الشقة، التي نعيش فيها، والتي يقوم بدفع قيمة إيجارها، البالغ 600 ريال شهرياً ستة من المصريين المقيمين في الدمام». كل ما تتمناه أم ذكرى للخروج من الظروف الصعبة، التي تعيشها وابنتها أن تحصل على الجنسية السعودية، أو توفر من يكفلها، لتحصل على الإقامة. فيما حددت وزارة الداخلية الضوابط التي يتم بموجبها منح الجنسية للمرأة الأجنبية المتزوجة من سعودي، إذا قدمت طلباً بذلك، وهي ثبوت قيام العلاقة الزوجية على الوجه الشرعي، وأن تعلن تنازلها عن جنسيتها الأصلية أمام قاض أو كاتب عدل، وأن يكون الزواج وفق التعليمات المنظمة لزواج السعودي من أجنبية، وأن تقدم إقراراً بأنه لم يسبق الحكم عليها بحكم قضائي في جريمة جنائية أو أخلاقية، إضافة إلى عدم وجود ملاحظات أو قيود مسجلة عليها لدى الجهات المختصة، وأن تكون مقيمة في المملكة، وأخيراً أن تمضي على الزواج خمسة أعوام على الأقل.