تبدأ دول الاتحاد الأوربي اليوم تنفيذ حظر وارداتها من النفط الإيراني، بالرغم من المشكلات الاقتصادية التي تعاني منها منطقة اليورو بسبب أزمة الديون السيادية التي تعصف بعدد من الدول فيها، وتجاهل الاتحاد الأوروبي دعوات اليونان لاستثنائها من تطبيق الحظر بسبب ما تعانيه من مشكلات اقتصادية طاحنة. وجاء قرار الحظر بعد الإخفاق في تحقيق أي تقدم بشأن برنامج إيران النووي، الأمر الذي جعل دول الاتحاد تتخذ القرار المتفق عليه في يناير الماضي لزيادة الضغط على إيران، للتراجع عن برنامجها الإيراني الذي بات هاجسا مقلقا لدول العالم. من جهته، قال خبير المحاسبة النفطية الدكتورعمرو كردي ل«الشرق» أنه لن يحدث تأثير كبير على الأسعار في المدى القصير، فيما يختص بالحظر الذي سيبدأ فعلياً اليوم على النفط الإيراني، مرجعا السبب في ذلك إلى أن الأسعار الحالية لا تعكس في مضمونها النقص. وأضاف كردي أن «أي نقص في العرض متوقع منذ الإعلان عن الحظر قبل عدة أشهر، حيث أن الأسعار عادة ما تعكس التغيرات المستقبلية المتوقعة من ناحية العرض والطلب، متوقعا أن يكون هناك ارتفاع بسيط نسبياً حال تأكد انقطاع تصدير النفط الإيراني لأوروبا». وأوضح كردي أن «دول أوبك وغيرها من الدول المصدرة، قادرة تماماً على سد أي هبوط في العرض ناتج عن النفط الإيراني. حيث أن دول أوبك قادرة على رفع إنتاجها بما يقارب 2.5 مليون برميل يومياً على أقل تقدير، عوضاً عن الدول المصدرة خارج المنظمة، إذا علمنا أن الحظر الإيراني لا يطال إلا الأسواق الأوروبية في الوقت الحالي، حيث يتبين من ذلك أن النقص في العرض الناتج عن الحظر، لن يكون مؤثرا من ناحية الكم بشكل كبير»، مبيناً أن «المستفيد من قرار الحظر من الناحية التجارية الدول المصدرة، خصوصاً القادرة منها على سد العجز المحتمل بسبب الارتفاع التي ستشهده إيراداتها من النفط، فيما سيكون المتضرر الأكبر من هذا الحظر هو إيران، وذلك من ناحية تجارية وسياسية على المدى القريب والبعيد». وأشار كردي إلى أن «حركة الأسعار في الوقت الحالي تتأثر بشكل مباشر بالتغيرات المتوقعة في العرض والطلب، فالأزمة المالية والاقتصادية التي تعصف بدول الاتحاد الأوروبي لازالت تلقي بظلالها على أسواق النفط، والتشاؤم في الوصول إلى حلول اقتصادية للأزمة في أوروبا هوالسبب الرئيس في الهبوط الحاصل في أسعار النفط، أضف إلى ذلك ضعف النمو في أمريكا وبعض الدول المستهلكة مثل الهند والصين (نسبياً). من جانبه قال خبير السياسات النفطية والدراسات الاستراتيجية الدكتور راشد أبانمي ل«الشرق» إن قرار الحظر لم يأت مفاجئا حيث كان هناك تدرج في تنفيذ القرار إلى حين بدأ التطبيق في حظر واردات النفط الإيراني إلى دول الاتحاد الأوروبي، الذي يدخل حيز التنفيذ اليوم، مشيرا إلى أن «الحظر بدأ تدريجيا منذ ستة أشهر تقريبا، وذلك لمنح الشركات الأوروبية التي لديها عقود مع إيران مزيدا من الوقت للتعامل مع قرار الحظر الذي سيطبق اليوم بالإضافة إلى تخلص الشركات من التزاماتها العقدية». وأضاف أبانمي أن «العرض والطلب على النفط تتحكم فيها عوامل كثيرة، منها ماهو اقتصادي وسياسي، وبالإمكان استشراف المستقبل من خلال المعطيات الحالية لسوق النفط، مبينا أن تباطؤ النمو الاقتصادي في أمريكا والصين ومشكلة الديون السيادية في منطقة اليورو ستكون مؤثرة على أسواق النفط. وأوضح أبانمي أن خروج مايقارب 2.5 مليون برميل من النفط الإيراني لن يؤثر بشكل كبير على الأسعار فالأسعار متدنية في الوقت الراهن، ولن يحدث فيها تغيير بشكل كبير نتيجة الحظر حيث سيقتصر التأثير على الجانب النفسي الذي سيتسبب اليوم وغدا في ارتفاع أسعار برميل النفط من خمسة إلى عشرة دولارات للبرميل، ولكن لن يستمر طويلا وستعود الأسعار إلى ما كانت عليه.