هل كان سيد الخلق عليه السلام يدعو في صلاته على البشر؟، سؤال يقفز إلى ذهني كل ظهيرة جمعة وأنا أفرغ من الصلاة مع الجموع المسلمة، الحقيقة التي عرفناها أن خطبة الوداع – كآخر درس نبوي – لم يأت بها ما يجعل من هذا الدعاء هديا محمديا. بل إن هذه الخطبة التاريخية حملت خطابا مغايرا لما يحدث في عصرنا الحاضر وفيها دعوة إلى التسامح والمساواة تجعلنا نخجل ونحن نردد «آمين» خلف بعض الأئمة، بقول الرسول الكريم: (أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد كلكم لآدم وآدم من تراب أكرمكم عند الله أتقاكم، وليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى). إذن ما الذي يحدث، وكيف أصبح تعميم الدعاء على البشر جزءاً من ثقافة منابر صلوات الجمعة؟، يبدو أن الأمر لم يعد حصرا على اليهود والنصارى، فقد أصبح الأئمة اليوم يدعون على المسلمين من العلمانيين والباطنيين، حدث هذا أمامي بعد دقائق من دعوة نفس الإمام إلى التسامح وتصفية النفس من الأحقاد في شهر شعبان. المشكلة أننا ندعو على اليهود والنصارى منذ مئات السنين في كل جمعة ويردد الجمع المسلم «آمين»، وحتى اليوم لم يصبهم شيء من دعائنا، ولم يحصوا عددا ولم يقتلوا بددا، بل إنهم يتفوقون علينا في كل شيء ونحن نتراجع، وهم يعيشون ونحن نُقتل، والمشكلة فينا وليست في الدعاء ولذلك فما الحكمة في هذه العدائية التي نحملها لهم في بعض منابرنا الدينية، ولماذا تكرس هذه المنابر ثقافة الكره والضغينة لدى أجيالنا، ورسولنا الكريم وقف لجنازة يهودي وبكى لوفاة آخر وكان يدعو لهم بالهداية ويحصر الدعاء عليهم في الأعداء والمتحزبين. السؤال الذي يفرض نفسه الآن: هل من الإنصاف أن يدعو مسلمون يعيشون أقلية في بلد أوروبي، جله من اليهود والنصارى، على من يعيشون بينهم، وهل سيقبل أهل هذا البلد بذلك ويتركونهم يمارسون طقوسهم الدينية؟.