يلتهم خروفا في 30 دقيقة    15 مليار دولار لشراء Google Chrome    أقوى 10 أجهزة كمبيوتر فائقة في العالم    تنافس شبابي يبرز هوية جازان الثقافية    لماذا رفعت «موديز» تصنيف السعودية المستقبلي إلى «مستقر» ؟    إصابة طبيب في قصف إسرائيلي استهدف مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة    مسودة "كوب29" النهائية تقترح 300 مليار دولار سنويا للدول الفقيرة    «اليونيسف» تحذر: مستقبل الأطفال في خطر    3 أهلاويين مهددون بالإيقاف    اختبارات الدور الثاني للطلاب المكملين.. اليوم    "مركز الأرصاد" يصدر تنبيهًا من أمطار غزيرة على منطقة الباحة    "الداخلية" تختتم المعرض التوعوي لتعزيز السلامة المرورية بالمدينة    «الغرف»: تشكيل أول لجنة من نوعها ل«الطاقة» والبتروكيماويات    افتتاح الأسبوع السعودي الدولي للحِرف اليدوية بالرياض    وزير الثقافة: القيادة تدعم تنمية القدرات البشرية بالمجالات كافة    المدينة: ضيوف برنامج خادم الحرمين يزورون مجمع طباعة المصحف ومواقع تاريخية    «مجمع إرادة»: ارتباط وثيق بين «السكري» والصحة النفسية    رصد أول إصابة بجدري الماء في اليمن    600 شركة بولندية وسلوفاكية ترغب بالاستثمار في المملكة    آل غالب وآل دغمش يتلقون التعازي في فقيدهم    أمراء ومسؤولون يواسون أسرة آل كامل وآل يماني في فقيدتهم    المملكة تعزز التعاون لمكافحة الفساد والجريمة واسترداد الأصول    نائب وزير التجارة تبحث تعزيز الشراكة السعودية – البريطانية    «واتساب» يتيح التفريغ النصي للرسائل الصوتية    بحضور سمو وزير الثقافة.. «الأوركسترا السعودية» تتألق في طوكيو    تحفيزًا للإبداع في مختلف المسارات.. فتح التسجيل في الجائزة السنوية للمنتدى السعودي للإعلام    فعاليات متنوعة    "الحياة الفطرية" تطلق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    القِبلة    111 رياضيًا يتنافسون في بادل بجازان    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    30 عاماً تحوّل الرياض إلى مركز طبي عالمي في فصل التوائم    الأكريلاميد.. «بعبع» الأطعمة المقلية والمحمصة    خسارة إندونيسيا: من هنا يبدأ التحدي    مشكلات المنتخب    تأثير اللاعب الأجنبي    فرع وزارة الصحة بجازان يطلق حزمة من البرامج التوعوية بالمنطقة    «النيابة» تدشن غرفة استنطاق الأطفال    «صواب» تشارك في البرنامج التوعوي بأضرار المخدرات بجازان    القبض على مقيم لاعتدائه بسلاح أبيض على آخر وسرقة مبلغ مالي بالرياض    الخليج يُذيق الهلال الخسارة الأولى في دوري روشن للمحترفين    مستقبل جديد للخدمات اللوجستية.. شراكات كبرى في مؤتمر سلاسل الإمداد    "تقني‬ ‫جازان" يعلن مواعيد التسجيل في برامج الكليات والمعاهد للفصل الثاني 1446ه    الأساس الفلسفي للنظم السياسية الحديثة.. !    1.7 مليون ريال متوسط أسعار الفلل بالمملكة والرياض تتجاوز المتوسط    معتمر فيتنامي: برنامج خادم الحرمين حقّق حلمي    سالم والشبان الزرق    الجمعان ل«عكاظ»: فوجئت بعرض النصر    الحريق والفتح يتصدران دوري البلياردو    المدى السعودي بلا مدى    إبر التنحيف وأثرها على الاقتصاد    فيصل بن مشعل يستقبل وفداً شورياً.. ويفتتح مؤتمر القصيم الدولي للجراحة    وزير التعليم يزور جامعة الأمير محمد بن فهد ويشيد بمنجزاتها الأكاديمية والبحثية    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    "العوسق".. من أكثر أنواع الصقور شيوعًا في المملكة    سعود بن نايف يرعى الأحد ملتقى الممارسات الوقفية 2024    الأمر بالمعروف في عسير تفعِّل المصلى المتنقل بالواجهة البحرية    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قال إن جرائم الاتجار بالبشر منظمة وعابرة للحدود وتمارس بشكلٍ سري..


الرياض – يوسف الكهفي
معظم انتهاكات الحقوق ناجمة عن قلة الوعي.. وهيئة حقوق الإنسان حملت على عاتقها مسؤولية التوعية
تهدف المرحلة الثانية من برنامج الهيئة في نشر ثقافة حقوق الإنسان إلى بيان خطورة جرائم الاتجار بالبشر
الجمعية تشترك مع الهيئة في العمل على حماية وتعزيز الحقوق وليس بيننا «تنازع» بل مسارعة وتعاون
أكّد نائب رئيس هيئة حقوق الإنسان الدكتور زيد بن عبد المحسن آل حسين أن المملكة شاركت المجتمع الدولي في سبيل صون السلم العالمي وحماية حقوق الإنسان.
وأشار آل حسين في حوار مع «الشرق» إلى أن المملكة تُعدّ عضواً مؤسساً في الأمم المتحدة، كما ساهمت مساهمةً فاعلة أبرزت من خلالها مبدأ التنوع الثقافي في صياغة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948ميلادي، حيث كانت المادة «الأولى» من الإعلان تنص على أنه «يولد الناس أحراراً متساوون في الكرامة والحقوق..، وقد وهبتهم الطبيعة عقلاً وضميراً..» فتصدَّى الملك فيصل – رحمه الله – الذي كان يرأس وفد المملكة آنذاك على هذه الصياغة ذات البعد الثقافي، وطالب بتعديلها بمساندة بعض الدول العربية والإسلامية، فأصبحت المادة بعد التوافق المقنع على هذا النحو «يولد الناس أحراراً متساوون في الكرامة والحقوق..، وقد وُهبوا عقلاً وضميراً..»، كما أن المملكة أول من دعا إلى حق الشعوب في تقرير المصير في ظل التجاهل السائد من قبل قوى تحرص على استمرار الاستعمار وكان ذلك أمام اللجنة الثالثة التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1950ميلادي، وغير ذلك من الشواهد التي تدل على أن حقوق الإنسان ليست في مجملها منتجاً ثقافياً غربياً بل هي من صميم ثقافتنا الإسلامية والعربية الأصيلة.
* ألا ترى بأنه لا تزال هناك حاجة لمدونة خاصة بالحقوق يعرف الناس بها حقوقهم، وتكون مقياساً لكشف بعض التجاوزات والانتهاكات؟
- مما لا شك فيه أن رفع مستوى الوعي بحقوق الإنسان مطلب أساس لحمايتها وتعزيزها، وأن معظم انتهاكات حقوق الإنسان ناجمة عن قلة الوعي بحقوق الإنسان، وهذا الأمر لم يُغفل أبداً، فقد نصَّت المادتان «الأولى» و«الخامسة» من تنظيم الهيئة على نشر الوعي بحقوق الإنسان، وتنفيذاً لذلك فقد قامت الهيئة بالعديد من الإجراءات الرامية لتنمية الوعي بحقوق الإنسان كإصدار المؤلفات والمطويات وعقد المؤتمرات والندوات والمشاركة في المناشط الثقافية..، كما أنه قد صدرت الموافقة الكريمة على « برنامج نشر ثقافة حقوق الإنسان « بجملةٍ من الأهداف التي تلتقي جميعها عند هدف تنمية الوعي بحقوق الإنسان على أوسع نطاق في المملكة العربية السعودية، وتشترك في تنفيذ هذا البرنامج إلى جانب الهيئة، الجهات الحكومية ذات العلاقة والمؤسسات الوطنية العاملة في مجالات حقوق الإنسان.
مشروع تغريبي
* هناك من ينظر إلى هيئة حقوق الإنسان باعتبارها مجرد مشروع تغريبي، هل يساهم هذا الموقف المشكك في استمرار التجاوزات والانتهاكات تجاه حقوق الإنسان؟
- من الأدوات المعرفية التي اعتمدتها الهيئة في برنامج نشر ثقافة حقوق الإنسان، التعريف بمسيرة حقوق الإنسان التاريخية التي توضح بجلاء سبق الشريعة الإسلامية التي تدين بها المملكة وتستمد جميع الأنظمة منها لحماية حقوق الإنسان وتعزيزها وأنها حرمت كل انتهاكٍ لها، وأوجدت فضاءً رحباً يتسع لكل ممارسة تلتقي وهذا الهدف الذي هو أحد مقاصدها، وطالما أن التعاون يستهدف مصلحة الإنسان وخطاب الإسلام دائماً موجهاً إلى الإنسان فالتعاون في هذا المجال واجبٌ شرعي خاصة إذا كان دفاعاً عن مظلوم أو نصرة لحق، وما قول الرسول «صلى الله عليه وسلم» في حلف الفضول إلا دليل على ذلك، كما أن المملكة لها رسالة إنسانية عالمية لذا فهي تتعاون في كل ما من شأنه مصلحة البشر بغض النظر عن أي اعتبار آخر خاصةً عندما يكون التعاون لحماية فئة معرضة للانتهاك أكثر من غيرها مثل العمال والنساء والأطفال، ومن هذا المنطلق فإن المملكة تسعى وبموجب ما تستند إليه من شرعية إلى أن تكون حقوق الإنسان ذات مدلول بشري إنساني عادل بعيدة عن كل محاولات التسييس والاستغلال، وانسجاماً مع هذا التوجه فقد شاركت المملكة المجتمع الدولي في سبيل صون السلم العالمي وحماية حقوق الإنسان، فأصبحت عضواً مؤسساً للأمم المتحدة، كما أنها ساهمت مساهمةً فاعلة أبرزت من خلالها مبدأ التنوع الثقافي في صياغة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948ميلادي، حيث كانت المادة «الأولى» من الإعلان تنصّ على أنه «يولد الناس أحراراً متساوون في الكرامة والحقوق ..، وقد وهبتهم الطبيعة عقلاً وضميراً ..» فتصدَّى الملك فيصل – رحمه الله – الذي كان يرأس وفد المملكة –آنذاك- لهذه الصياغة ذات البعد الثقافي الأُحادي وطالب بتعديلها بمساندة بعض الدول العربية والإسلامية، فأصبحت المادة بعد التوافق المقنع على هذا النحو « يولد الناس أحراراً متساوون في الكرامة والحقوق .. وقد وُهبوا عقلاً وضميراً ..»، كما أن المملكة أول من دعا إلى حق الشعوب في تقرير المصير في ظل التجاهل السائد من قبل قوى تحرص على استمرار الاستعمار وكان ذلك أمام اللجنة الثالثة التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1950ميلادي، وغير ذلك من الشواهد التي تدل على أن حقوق الإنسان ليست في مجملها منتجاً ثقافياً غربياً بل هي من صميم ثقافتنا الإسلامية والعربية الأصيلة والتعاون في مجالها مطلوب.
ضوابط نظامية
* علمنا أن هيئة حقوق الإنسان تسلّمت عدداً من الشكاوى، ماذا قدمتم لأصحابها وما الدور الذي قمتم به؟
- الهيئة عندما تتلقى الشكاوى أو ترصدها تدرسها بناءً على ضوابط نظامية وعملية وتحدد في البداية ما إذا كانت الشكوى تمثل حالة خاصة أو ظاهرة، وعندما يتم تحديد طبيعة الشكوى والتحقق من صحتها تقوم الهيئة بشكل موضوعي بمعالجتها على أساس ما لديها من صلاحيات وبموجب تنظيمها وهي بذلك تفتح قنوات الاتصال مع جميع الجهات التي تشارك في حل هذه القضية حتى تصل إلى حلها بالشكل المطلوب، وعندما لا تتوفر في الشكوى المحددات التي تقبل على أساسها الشكوى ومنها أن تكون الشكوى في مجال حقوق الإنسان وليست ذات اختصاص بجهة أخرى ولم تستنفذ المراحل الأولى المباشرة؛ تقدم الهيئة الاستشارة المطلوبة والتوجيه الذي يساعد صاحب الشكوى، كما أنها تولي اهتماماً خاصاً بمثل هذه الشكاوى التي قد تُعَدّ تجاوزاً أو مخالفة للأنظمة المتعلقة بحقوق الإنسان المعمول بها في المملكة، والهيئة – على أي حال – تتخذ الإجراءات النظامية اللازمة في هذا الشأن.
الاتجار بالبشر
* أقر مجلس الوزراء السعودي في العام2009 ميلادي نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص .. هل جاء هذا القرار نتيجة ظاهرة تفشّت في المجتمع السعودي أم أن الأمر جاء وقائياً احترازياً؟
- الاتجار بالبشر ظاهرة دولية مؤرّقة وانتهاك صارخ لجملةٍ من حقوق الإنسان الأساسية كالحق في الحياة والكرامة والمساواة والحرية… ، ولقد أخذ المجتمع الدولي ممثلاً بآليات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة على عاتقه التصدّي لهذا الانتهاك، ولأن المملكة العربية السعودية عضوٌ مؤسس للأمم المتحدة وعضو في مجلس حقوق الإنسان وانطلاقاً من مبادئ الشريعة الإسلامية ومقاصدها واعترافاً بأهمية التضافر الدولي لحماية وتعزيز حقوق الإنسان وخاصة فيما يتعلّق بالاتجار بالبشر باعتباره جريمة عابرة للحدود فلقد صادقت على بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالبشر وبخاصة النساء والأطفال عام 2000 ميلادي المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة، وحيث إن هذا البروتوكول ينص على اتخاذ كل دولة طرف تدابير تشريعية علاجية ووقائية حول المتاجرة بالبشر، فلقد أصدرت المملكة نظام مكافحة جرائم الاتجار بالبشر بجملةٍ من التعريفات والأحكام والعقوبات التي تصل إلى غرامة مليون ريال وسجن 15 سنة، وقد تمّ تشكيل لجنة في هيئة حقوق الإنسان ممثَّلة من الجهات ذات العلاقة لمتابعة نفاذ هذا النظام يرأسها معالي رئيس هيئة حقوق الإنسان، وتجدر الإشارة إلى أن أنظمة المملكة قبل صدور هذا النظام وقبل مصادقتها على البروتوكول المذكور سلفاً تجرّم الاتجار بالبشر وتعاقب على جرائمه ولكن تحت مسمَّيات وتصنيفات أخرى، كما أن جرائم الاتجار بالبشر – غالباً – ما تمارس بشكلٍ سري ومنظم لذا فقد اعتبرت من الجرائم المنظمة العابرة للحدود وتتطلب تعاون وتكاتف جميع الدول.
رفع مستوى الوعي
* هل تم إعداد إجراءات توعوية للمكافحة تتمثّل في إقامة ورشات عمل لتبادل الخبرات وتأهيل المتدربين في مجال مواجهة جرائم الاتجار بالأشخاص فيما يتعلّق بحقوق الضحايا والآثار النفسية والاجتماعية لجرائم الاتجار على المجتمع وآلية الحد منها؟
- تم عقد العديد من الندوات والمؤتمرات وورش العمل التي تهدف إلى رفع مستوى وعي الموظفين الحكوميين في الجهات ذات العلاقة بحقوق الإنسان وخطورة الاتجار بالبشر وتعريفهم بأشكال ممارسات الاتجار بالبشر والأطر النظامية الدولية والمحلية، كما تمت المشاركة في بعض المؤتمرات الدولية التي تهدف إلى تبادل الخبرات والتجارب في مكافحة أشكال الاتجار، وحالياً تعتزم الهيئة البدء في المرحلة الثانية من برنامج نشر ثقافة حقوق الإنسان الذي من أهدافه بيان خطورة انتهاكات حقوق الإنسان ومن ضمنها جرائم الاتجار بالبشر، واللجنة المعنية بمكافحة الاتجار بالبشر تقوم بإجراء دراسات ومسوح دورية تهدف إلى تحديد أشكال المتاجرة بالبشر التي تمارس في المملكة للتصدّي لها والوقاية منها.
إرادة ذاتية
* صنفت وزارة الخارجية الأميركية المملكة العربية السعودية في الفئة الثالثة وتمثّل أدنى مستويات مكافحة الاتجار بالبشر وحماية ضحاياه في تقريرها السنوي الخاص بجهود الدول في مكافحة الاتجار بالبشر، ما رأيكم؟
- أولاً عملية حماية حقوق الإنسان وتعزيزها في المملكة تنطلق من مبادئ الشريعة الإسلامية والحساب عليها دنيوي وأخروي، وقد نصَّت المادة «26» من النظام الأساسي للحكم على أن « تحمي الدولة حقوق الإنسان وفق الشريعة الإسلامية « ، لذا فإن أي حراك يهدف إلى حماية حقوق الإنسان في المملكة نابعٌ من إرادة ذاتية، وهذا ما جعل المملكة تتميَّز في حراكها الدولي لحماية وتعزيز حقوق الإنسان إذْ إنَّ توجهها في التعاطي مع مسائل حقوق الإنسان بعيدٌ كل البعد عن الانتقائية والتسييس اللذين تفتقر إليهما بعض التوجهات العالمية، والتي لا تحظى بالقبول في أحسن الأحوال، بعكس حراك المملكة الذي يجد الترحاب والقبول الدوليين دائماً، وهذا التميّز يكمن في احترام المملكة لمبدأ التنوع الثقافي الذي تتفرد به شعوب العالم وهو ما أكّده المؤتمر العام لمنظمة اليونسكو في عام 1966ميلادي أن « لكل ثقافة كرامة وقيمة يجب احترامها والمحافظة عليها، وأن هذه الثقافات مهما تعدَّدت تعتبر تنوعاً خصباً وتمثل جزءاً من التراث الذي يشترك في ملكيته جميع البشر» ، وأقرب مثال على توجّه المملكة في هذا الشأن مبادرة خادم الحرمين الشريفين للحوار بين أتباع الأديان والحضارات، وتجربة المملكة في مكافحة الإرهاب المتمثّلة في برنامج المناصحة والتأهيل والتي طالب المجتمع الدولي بتعميمها للاستفادة منها، كما أن تقارير الخارجية الأمريكية وغيرها من التقارير تمثّل وجهات نظر أصحابها قد تكون صحيحة وقد لا تكون كذلك في أغلب الأحوال، كما أنها تفتقر إلى معرفة ما لدى الشعوب والدول من أسس ومبادئ تستند إليها، فمن الأدوات التي يستعان بها في إعداد التقارير الأمريكية استبانة موحدة الشكل والمضمون تعمم على جميع دول العالم، إضافةً إلى عدم فهم معدي تلك التقارير للكثير من المحدّدات التي لابد من فهمها على أساس الواقع فالمملكة في نظر من يصدر مثل هذه التقارير لتطبيقها الشريعة الإسلامية دولةً دينية «ثيوقراطية» على أساس النظرة النمطية وهي في الحقيقة دولة حديثة تقوم على مبادئ الشريعة الإسلامية.
تعاون وتنسيق
* هل لديكم برامج تدريبية تخصصية للمعنيين بمكافحة هذه الجرائم ؟ وهل هناك تنسيق بينكم وبين المنظمات الدولية المعنية وفقاً للاتفاقيات الدولية التي تكون المملكة طرفاً فيها؟
-عقدت الهيئة ممثلة بلجنة مكافحة جرائم الاتجار بالبشر العديد من الندوات والدورات وورش العمل التي تهدف إلى تنمية الوعي بجرائم الاتجار بالبشر وبيان خطورتها، وقد راعت الهيئة في ذلك مبدأ الأولوية حيث تم عقد ورش عمل لأصحاب الفضيلة القضاة ورجال الضبط في مناطق المملكة المختلفة، كما تمّ – مؤخراً – عقد مؤتمر حاضرَ فيه عددٌ من الخبراء والأكاديميين حول جرائم الاتجار بالبشر على نحو متقدم، وقد شاركت فيه العديد من الجهات الحكومية ذات العلاقة، وفيما يتعلّق بالتعاون مع المنظمات الدولية فالهيئة منوطٌ بها التعاون مع المنظمات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان بما يحقق أهداف الهيئة وتنمية علاقاتها كما نص عليه تنظيمها، وعلى هذا الأساس فهي تتواصل مع تلك المنظمات وفقاً للنُظم التي تنظم العلاقة في هذا السياق، وتبحث معها أوجه التعاون. وأحد الأغراض من ذلك التعاون والاطلاع على أفضل الممارسات في مجال حقوق الإنسان والتصدّي لمحاولات تنميط النظرة السلبية لحالة حقوق الإنسان في المملكة التي تقوم بها بعض الجهات وبعض وسائل الإعلام؛ وذلك من خلال إبراز حقيقة الوضع القائم في المملكة، والجهود في هذا السياق متكاملة مع جميع المؤسسات العلمية مثل جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية التي عقدت العديد من الدورات واللقاءات الدولية..؛ كما أن هذه الجهات مستمرة وتحديث الآليات والأدوات يتم نتيجة لهذا الحراك الثقافي الفني.
ثقافة الحقوق
* صدرت الموافقة السامية على برنامج نشر ثقافة حقوق الإنسان في عام 1430هجري ومدته أربع سنوات، فأين وصلت الهيئة في تنفيذ هذا البرنامج؟
- مهمة نشر ثقافة حقوق الإنسان من المهام الرئيسة التي نصّ عليها تنظيم الهيئة، وقد قامت الهيئة منذ نشأتها بالعديد من الإجراءات التي تصبّ في هذا الاتجاه من خلال الإدارة المختصة فيها «مركز النشر والإعلام»، حيث عقدت وشاركت في العديد من الندوات والدورات وورش العمل وأصدرت كتيبات ومجلات ونشرات تهدف إلى التثقيف بحقوق الإنسان وغير ذلك من التدابير التوعوية، وبعد صدور الموافقة السامية على « برنامج نشر ثقافة حقوق الإنسان» وهو برنامجٌ وطني تشارك في تنفيذه الجهات الحكومية ذات العلاقة إلى جانب الهيئة، وقد صدر بجملةٍ من الأهداف والسياسات الرامية إلى حماية وتعزيز حقوق الإنسان من خلال التوعية والتثقيف بها ، وقد تمّ تقسيم البرنامج إلى مرحلتين، فالمرحلة الأولى أخذت الطابع التخصصي من خلال التمثيل، إذ شاركت في تنفيذها الجهات ذات الأولوية في مسألة نشر ثقافة حقوق الإنسان كوزارة الداخلية، والخارجية، والثقافة والإعلام، والعمل .. وقد قامت تلك الجهات بإطلاق حملات تثقيفية على نطاقٍ واسع للعاملين فيها والمتعاملين معها إضافةً إلى الدورات وورش العمل التخصصية التي عقدتها الهيئة لمنسوبي تلك الجهات، وفي المرحلة الثانية التي هي الآن في طور التنفيذ تمّ تشكيل لجنة من الجهات الحكومية ذات العلاقة بحقوق الإنسان كافة لإعداد خطة وطنية شاملة لنشر ثقافة حقوق الإنسان، وقد بدأ العمل بعقد اجتماعين شاركت فيهما تلك الجهات، حيث تمّ في الاجتماع الأول إيضاح كل ما يتعلّق بنشر ثقافة حقوق الإنسان من الناحية الفنية وطرحت فيه العديد من الرؤى والأفكار، وطلب من كل جهة إعداد خطة داخلية أو برنامج عمل لنشر ثقافة حقوق الإنسان، وفي الاجتماع الثاني تمّت مناقشة الخطط والبرامج التي أعدتها الجهات في حوارٍ تفاعلي قُدِّمت فيه العديد من الملاحظات والتوصيات، كل ذلك في سبيل الوصول إلى خطة وطنية شاملة تهدف إلى نشر ثقافة حقوق الإنسان على أوسع نطاق بغية حمايتها وتعزيزها، وسوف تقدم الخطط والبرامج التي ستقوم بها جميع الجهات الحكومية في شكل نهائي في الاجتماع القادم.
الاستعراض الدوري
* تستعد المملكة حالياً لإعداد تقريرها الثاني للاستعراض الدوري الشامل، بودّي أن تحدثونا عن الاستعراض الدوري الشامل؟
- آلية الاستعراض الدوري الشامل هي عملية تشاورية تعاونية وهي من أهم آليات مجلس حقوق الإنسان التي نصّ عليها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 60/251 ،ومن خلال هذه الآلية يعد الاستعراض بشمولية وموضوعية وهما مبدآن كانت لجنة حقوق الإنسان الأممية السابقة تفتقر إليهما بسبب ما كان يحدث من انتقائية وتسييس ، كما أن هذه الآلية تنطلق من مبدأ التقويم الذاتي والذي نجد له أساساً قويماً في ثقافتنا الشرعية حيث قال الله – عز وجل –»كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم.» وقال: «فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن أتقى»، والرسول العظيم قد قال في حديثٍ فيما معناه « الكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت « إلى آخره من الأدلة الواضحة في ذلك، أما طريقة هذه الآلية فتقوم كل دولة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة دون استثناء بإعداد تقرير عن حالة حقوق الإنسان فيها وفقاً للمبادئ التوجيهية الواردة في قرار بناء مؤسسات المجلس 5/1 وبحسب جدولٍ زمني اعتمده المجلس اقتراعاً، كما تقوم المفوضية السامية لحقوق الإنسان بإعداد تقريرين يتضمن الأول الملاحظات الصادرة من الهيئات التعاهدية «اللجان المعنية بتنفيذ الاتفاقيات» والإجراءات الخاصة التابعة لمجلس حقوق الإنسان «المقررون الخاصون ، وفرق العمل « ووكالات الأمم المتحدة المتخصصة وصناديقها «اليونيسكو ، اليونيسيف «، أما التقرير الثاني فيتضمن المعلومات الواردة من المنظمات غير الحكومية والمؤسسات الوطنية، وتعد تلك التقارير أساس عملية الاستعراض حيث تتمّ مناقشتها في حوارٍ تفاعلي في جلسةٍ مخصصة من جلسات مجلس حقوق الإنسان، وتقوم الدول الأعضاء بتقديم ملاحظاتها وتوصياتها للدولة موضع الاستعراض وتجمع في تقريرٍ يعرف بتقرير الفريق العامل المعني بالاستعراض الدوري الشامل بعد مواءمتها والمبادئ التوجيهية للاستعراض وبالاتفاق مع الدولة من خلال لجنة مختصة تُعرف بلجنة المراقبة ، والمكونة من ثلاث دولٍ أعضاء يتمّ اختيارها سلفاً، ومن ثمّ تقوم الدولة بتحديد موقفها من التوصيات إما بالرفض مع ذكر المسوغات أو بالقبول، وقد قدمت المملكة تقريرها الأول ونوقش بحسب هذه الطريقة في 6 فبراير 2009ميلادي ، وقُدِّمت لها سبعون توصية رُفِضَتْ منها سبع عشرة توصية مباشرة لتعارضها ومبادئ الشريعة الإسلامية مثل « إلغاء عقوبة الإعدام والعقوبة البدنية « أو لأنها لا تمثّل واقعاً معاشاً في المملكة مثل « الحد من ممارسة الحرمان من حرية التنقل وإساءة المعاملة .. « ، وقبلت ثلاثةً وخمسين توصية استندت في قبولها على ما التزمت به في إطار الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها مثل « ضمان توفير الحماية القصوى للنساء والأطفال وضحايا انتهاكات حقوق الإنسان « وأن « تتخذ التدابير الملائمة لوضع إطار قانوني يحظر الاتجار بالبشر وغيره من ضروب الاستغلال «، أو قبلتها لأنها تمارس في حياة المجتمع السعودي وأن قبولها يعني تطابقه مع مبادئ قد رسختها قيمنا الإسلامية مثل « أن تتخذ جميع التدابير الضرورية لتجريم العنف ضد المرأة..» أو لأنها تقدّم حلاً عملياً لمشكلةٍ قد سُبقنا إليها مثل « أن تنظر في وضع مبادئ توجيهية تشريعية محدّدة لتقنين العقوبات التعزيرية «، وبعض التوصيات قد تكون نوعاً من الإشادة والثناء مثل « أن تواصل المملكة سياساتها الهادفة إلى تعزيز الحوار بين الأديان والحضارات وتفعل دورها في هذا المجال على الصعيد العالمي» و « أن تعزز تجربتها الناجحة في مجال إعادة تأهيل المتهمين والمعتقلين في قضايا تتعلّق بالإرهاب، وأن توسع هذه التجربة لتشمل الشؤون الجزائية الأخرى وأن تطلع البلدان الأخرى على هذه التجربة « وأن « تواصل تعاونها السخي مع البلدان النامية «. وستقدم المملكة تقريرها الثاني وتناقشه في الدورة السابعة عشرة للاستعراض في 21 أكتوبر 2013. ميلادي، والذي سيتم إعداده بشكلٍ شمولي وموضوعي متضمناً التطورات العديدة التي شهدتها المملكة بعد تقريرها الأول.
تعزيز.. لا تنازع
* هل هناك تداخل في الاختصاصات بين هيئة حقوق الإنسان والجمعية الوطنية لحقوق الإنسان؟
- الجمعية تشترك مع الهيئة بالعمل على حماية وتعزيز حقوق الإنسان وأي عملٍ مشترك في هذا المضمار لا يعد تنازعاً بقدر ما يعد مسارعة للخير وإضافة جيدة، فالسابق لرفع الضرر يحمي واللاحق يعزز وهما مكملان لبعضهما، ولكن من الناحية الفنية فإن وجود هذه الجمعية مهم وهو على غرار ما هو قائم في معظم دول العالم، وقد تقدَّم بفكرة إنشاء الجمعية مجموعة من أبناء هذا الوطن من الرجال والنساء فحظي طلبهم بالموافقة من حكومة المملكة وهم يقومون بعملهم بموجب التنظيم الذي أرفق بذلك الطلب، والجمعية جهة مستقلة يدير شؤونها ويضع سياساتها أعضاؤها وهذا عملٌ حضاري نسعد بوجوده في المملكة، وهي بحكم استقلالها تحظى بقبولٍ دولي كبير كبقية المؤسسات الوطنية الأخرى في العالم، حيث إن ما تقوم به من أعمال يمارس في بلدان العالم على أساس أنه عملٌ تطوعي تقوم به مؤسسات المجتمع المدني.، ومع تقديرنا الشديد لما تقوم به الجمعية نتطلع إلى أن يكون لها دورٌ عالمي يتعين من خلاله إبراز الجوانب الإيجابية التي تتمتع بها المملكة لتفردها بتطبيق الشريعة الإسلامية؛ والتي ذكرتها الجمعية في تقريرها الأخير، أما الهيئة فهي مؤسسة حكومية قريبة من صناع القرار إذ إن حماية حقوق الإنسان تقع في المقام الأول على عاتق الحكومات وهي تتخذ جميع السبل اللازمة لتحقيق أغراضها في حماية وتعزيز حقوق الإنسان لذا يرى المنصفون أن وجودها يعد ممارسة فضلى في مجال حقوق الإنسان.
د. زيد آل حسين

نائب رئيس هيئة حقوق الإنسان محاورا الزميل يوسف الكهفي (الشرق)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.