قامت دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة مؤخراً بإهداء إصدارها الآثاري الجديد، الذي يحمل العنوان «مدينة الموتى في جبل البحيص» إلى مكتبات الجامعات الخليجية والعربية والعالمية، ومراكز البحوث، نظراً للقيمة العلمية للكتاب الذي أنجزه الدكتور صباح جاسم من العراق، رئيس البعثة الآثارية في إدارة الآثار بالدائرة. وبحسب بيان صدر عن الدائرة، فإن الكتاب يتضمن وصفاً مفصلاً ودراسة تحليله شاملة للمكتشفات الأثرية لعصور ما قبل التاريخ التي تحققت من قبل بعثة التنقيب الأثرية المحلية، التي شهدتها سفوح جبل البحيص الواقعة في المنطقة الوسطى لإمارة الشارقة على مدى 12 سنة متواصلة منذ العام 1995. واستعرض المؤلف في كتابه حملات التنقيب الأثرية التي أسفرت عن اكتشاف ما يزيد عن تسعين موقعاً أثرياً تعود إلى فترات زمنية مختلفة، ابتداء من الألف الخامس ق.م، حيث تم العثور على بقايا تؤرخ إلى أواخر العصر الحجري القديم، وتتكون من بقايا استيطان موسمي، وينبوع مياه قديم، ومقبرة واسعة تضم رفات ما يقارب ألفاً من الهياكل العظمية البشرية. وينتقل المؤلف بعد ذلك ليعرض لمواقع العصر البرونزي، ويناقش توزيع المواقع الأثرية بحسب مواقعها الجغرافية إلى فترات «حفيت»، و»أم النار»، و»وادي سوق»، وفترة العصر الحديدي، ويوضح الطرز المعمارية السائدة في كل منها. وأظهرت المكتشفات وجود نماذج معمارية متنوعة من المدافن، وتوجد المدافن التي تم تشييدها تحت الأرض تماماً، جنباً إلى جنب مع مدافن شيدت فوق سطح الأرض، وضمت المكتشفات طرزاً معمارية فريدة من نوعها لا يوجد ما يضاهيها في مناطق أخرى في شبه جزيرة عمان، فهي تعكس ذوقاً فنياً متميزاً، ومهارة معمارية لافتة. ويناقش المؤلف النظريات السابقة التي طرحت حول أصل أنواع المدافن، ومراحل تطورها، معززاً آراءه بالأدلة الأثرية الجديدة التي تحصل عليها من مكتشفات جبل البحيص. ويستعرض الكتاب العقائد الدينية القديمة، وعادات الدفن، والإنجازات الحضارية، والعلاقات التجارية الخارجية، حيث أظهرت المكتشفات وجود بضائع مستوردة من كل من وادي الرافدين، والبحرين، وإيران، وشبه القارة الهندية، إضافة إلى العديد من «اللقى» الأثرية المتنوعة من الصناعات الفخارية والحجرية والمعدنية، وحلي الزينة الشخصية، ووثق الكاتب مكتشفاته بعرض عدد كبير من الألواح، والخرائط الجغرافية، والطبوغرافية، والصور الفوتوغرافية. ويعتبر هذا الكتاب من الإنجازات العلمية المتميزة ضمن إصدارات دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، ويمثل مرجعاً هاماً، وإضافة بارزة في علم الآثار والتراث الحضاري في دولة الإمارات العربية المتحدة، ومنطقة الخليج العربي، والجزيرة العربية، وبقية دول العالم. نذكر أن الدائرة أصدرت مجموعة من الكتب في مجال الآثار، ومنها (مسكوكات ما قبل الإسلام في شرق الجزيرة العربية، وأبحاث المؤتمر الرابع عشر للآثار والتراث الحضاري العربي، واستخدام التقنيات الحديثة في علم الآثار، والاكتشافات ما قبل التاريخ في إمارة الشارقة) وسواها. غلاف الكتاب