عبدالله بن محمد بن سليمان اللحيدان مدير عام فرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالمنطقة الشرقية قال الله تعالى في محكم التنزيل:»كُلُّ مَنْ عَلَيْها فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ» وقوله تعالى «الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيّكم أحسن عملا» وقال تعالى لنبيه وحبيبه صلى الله عليه وسلّم:» إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ» وقال صلى الله عليه وسلم «أكثروا من ذكر هادم اللذات الموت» وهذا الذكر يفيد الاستعداد للموت واستشعار قربه ومما يذكر به ما يشرع عند موت أحد من التعزية والاعتبار ذكر المآثر لشحذ الهمم للعمل لمثل هذا اليوم الذي فقدنا فيه عزيزا بمصاب جلل، ولقد فجعت الأمة بعامة والمجتمع السعودي بخاصة بوفاة ركن من أركان الأمن في هذه البلاد المباركة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود، رحمه الله تعالى رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته، وإنه برغم تصدع القلوب وانكسار الأفئدة لهذا الحدث الجلل إلا أن الصبر ديدن المؤمنين ويعينهم عليه الثقة بما للفقيد عند الله وبما له خلف وإن للفقيد صفات حميدة، وأفعال مباركة تعلو صنائعه وتزهو مفاخره وتعظم مكارمه وتجل مآثره، حزما وحكمة، شجاعة وحنكة، قاد منظومة الأمن في البلاد حتى غدت مثالا يقتدى به فاجتمع لديه وزراء الداخلية العرب فرأسوه فخرا لهم وتوافدت عباقرة العالم في الأمن تتتلمذ على يديه في طرق الأمن الذي بفضل من الله ثم بما وهبه لرجل الأمن نايف تكسرت شوكة الإرهاب وتقازمت سطوته واضمحلت جحافله، من خلال منهج حكيم اعتمد – رحمه الله – في تطبيقه على الله سبحانه ثم على ما صاغه من أسس علمية من تفنيد حجج المبطلين الفكرية ومحاصرة منافذ الدعاية لأفكارهم وتجفيف منابع تجنيدهم للأتباع وإغلاق مصادر تمويلهم وتفكيك شبكاتهم القائمة، من خلال المبادرة بعمليات نوعية استباقية لإجهاض خلاياهم النشطة منها والنائمة، والاحتواء الشرعي لهذا الفكر بإعادة تأهيل المغرر بهم من خلال لجنة المناصحة التي تتكون من العلماء والدعاة والمفكرين لتقوم على تصحيح المفاهيم الخاطئة والمغلوطة لدى الموقوفين ونصحهم وتوجيههم إلى تعاليم الدين الحنيف وفق ما شرعه الله سبحانه وتعالى وبينه رسول الهدى صلى الله عليه وسلم، ومن خلال مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة والرعاية، فكانت النتائج المبهرة في كشف الشبهات وتوضيح المنزلقات الفكرية التي يتبناها أصحاب الفكر المنحرف الذي يقود إلى الإرهاب وانتهاج أسلوب الحوار والإقناع لتصحيح مفاهيمهم فعاد كثير منهم إلى رشده ليكون عنصراً فاعلاً في مجتمعه على ما يرضي الله وحده، كما تبنى – رحمه الله – ما يوعي الناس من شرور هذا الفكر وأعماله الإجرامية فكانت التوعية العامة مسلكا انتهجته وزارة الداخلية بجميع أفرعها ونظمت مؤتمرا دوليا لمكافحة الإرهاب وأقامت حملة التضامن الوطني لمكافحة الإرهاب في مختلف مناطق المملكة مما أدى إلى زيادة الوعي العام في دعم التعاون بين أفراد المجتمع للتصدي للعمليات الإرهابية ومكافحة الغلو والتطرف وتعزيز واجبات المواطنة الحقة ونبذ ما يخالفها، ومن أجل تحقيق أكبر قدر من وسائل المكافحة فقد سنت الأنظمة واللوائح ذات العلاقة بالجرائم الإرهابية المغلقة لثغرات الاختراق سواء على شبكة الإنترنت أو ما ينظم عمليات جمع التبرعات وتنظيم وحماية طرق التوجيه على منابر التأثير المباشر وغير المباشر وما يتعلق بالقضاء والادعاء العام، فكانت النجاحات تلو النجاحات ما نسأل الله أن يجزل للأمير نايف بن عبدالعزيز أجر ما كان من ذلك وما كان يسطره ويوجهه من كلمات غدت نباريس هدى في سبيل طلب الحق والمنهج القويم، وإنه كذلك لم يهمل إكرام هؤلاء الجند، وليس ما تعاهد الناس على تكريمه من الأحياء فحسب وقد تم، وليس للجندي المجهول بل إن جنود نايف معلومون بارزون فكانت الرعاية لأسر من نحسبهم شهداء ضحوا بأنفسهم في سبيل الله وحماية دينهم وبلادهم وصيانة أمن مواطنيها والمقيمين فيها وزوارها من الحجاج والمعتمرين في لفتة أبوية حانية مسحت أدمع الأيتام ورفعت من معنويات الأسر ويسرت سبل العيش الكريم لهم. وغير ذلك، كم رعى مؤتمرات تناهض الإرهاب وبرامج تكافحه وملتقيات دعاة الخير وخطباء المنابر ليسترشد الجميع من نهل حكمته وعلمه، وما اكتفى برد يرده على متطاول على السنة وما ارتاح من هم حمله لحفظ جناب أعظم العلوم لأعظم الرجال محمد صلى الله عليه وسلم فحقق جوائز علم هي في مجموع أعلام من جائزة الأمير نايف بن عبدالعزيز لخدمة السنة النبوية وعلومها وجائزة نايف بن عبدالعزيز العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية، ثم مسابقة نايف بن عبدالعزيز لحفظ الحديث الشريف فسطر له التاريخ بمداد من فخر ونور ما نسأل الله أن يتم له به النور. إن بلادنا بفضل الله ما زالت تحوي الكنز الثمين والرجال المصلحين وفي الله خلف وهو المستعان، وبحمد الله نحن في بلاد ما يترجل عن موقع فارس إلا ويتسلم عنان المسؤولية من بعده فارس قد تدرب من قبل على يديه لمثل هذه الساعة، فبتوفيق الله يختار خادم الحرمين الشريفين لتولية الأمير سلمان وليا للعهد نائبا لرئيس مجلس الوزراء، نسأل الله له مزيدا من الإعانة والتوفيق، كما يعين الأمير أحمد بن عبدالعزيز وزيرا للداخلية أعانه الله وسدده.