بعض التصريحات التي يطلقها بعض المسؤولين طافحة بالغرابة، عاكسة للسير، ولا يحتاج نظام «ساهر» لجهد ومشقة حتى يضبطها متلبسة بمخالفات عديدة نتيجة السرعة الزائدة والتجاوز الخاطئ عن اليمين، وليس آخرها بالطبع تبرير مدير الشؤون الاجتماعية في جازان الذي أجاب على تساؤل «الشرق» بشأن ما حصل لإحدى نزيلات «دار الحنان» من معاملة فظة بقوله: «إن شد الشعر ليس عنفاً»! إذن هل هو «طبطبة» على الرأس؟! أم ماذا يكون إن لم يكن عنفاً صريحاً؟! لا ندري الأسباب الحقيقية التي أدت لشد شعر «اليتيمة» من قبل المشرفة، إنما وحتى لو كانت النزيلة مخطئة فليس هناك سبب يبرر شد شعرها بأي حال من الأحوال. ومن المفترض بالمشرفة أن تكون أكثر «حناناً» وهي العارفة بالظروف النفسية التي يشعر بها اليتيم، والتعامل بالحكمة مع الأيتام هو من مقتضيات عمل المشرفة لأن عملها وواجبها وقبل ذلك حسها الإنساني والأمومي يحتم عليها ذلك. تعيدنا هذه الحادثة إلى أهمية وضع الشخص المناسب في المكان المناسب لاسيما في المجالات التي تتطلب تخصصاً ومهارة وحرفية عالية في التعامل مع الحالات الإنسانية كالأيتام، فخصوصية الوضع تحتاج إلى مواصفات تتوافر بالشخص الذي يباشر هذه المهام، فهي ليست وظائف عادية تتطلب حضوراً وإنجازاً ثم انصرافاً؛ بل رسالة سامية تتطلب التأهيل العلمي بجانب اكتساب مهارات وخبرات متعددة وقبل ذلك تتطلب عطفاً وحناناً ورفقاً وليناً ومرونة في التعامل والتحلي بفضيلتي الصبر والحكمة، ومن هنا تأتي أهمية شروط الترشيح لشغل هذه الوظائف التي يجب أن تكون مواكبة لأداء هذه الرسالة، فخدمة الأيتام حق لهم يكفله الدين والإنسانية وجميع الحقوق والمواثيق والأعراف، وبالطبع فَشدُّ شعورهم يعدُّ عنفاً.