سمعت كثيراً عن ضباط سوريين كبار من العلويين يرددون على مسامع الضباط الأصغر، من طائفتهم، أن سُنَّة سوريا إن سقط نظام الأسد سيذلون -من جديد- العلويين كما فعل أجدادهم. يقولون إن السُّنَّة سيجعلون ممن ينجو من العلويين خدماً في بيوت السُّنَّة وحمَّالين في الأسواق ومنظفي سيارات في الشوارع. وفي شحنهم الطائفي، يخترعون قصصاً لمجازر ارتكبها السُّنَّة ضد العلويين في غابر الزمن ويكررون إن بشارا بمجرد أن يسقط سوف تسيل أودية من دماء العلويين. باسم العروبة و«البعث» تمسكن حافظ الأسد حتى تمكَّن. ثم قلبها طائفية حينما أمسك بنو طائفته بمفاصل الأجهزة الأمنية وحينما تمكَّنوا تماماً فتحوا كتب التاريخ المملوءة بالخرافة والأكاذيب وأضافوا لها قصصاً من خيالهم للانتقام من الغالبية وإذلالها. ولكي لا نقع في فخ التعميم وجب القول إن ظلم آل الأسد قد شمل بعض الأصوات الحرّة من العلويين. عرفت شخصياً سوريين من الطائفة العلوية هربوا من ظلم الأسد واستقروا في أمريكا ولم يروا أهاليهم منذ عقود. لكن من مصلحة الأسد أن يحتمي بطائفته وبقية الأقليات مع جماعات أخرى سُنيّة تأسست مصالحها على ظلم نظام الأسد وطغيانه. المأساة أن شهوة السلطة والتسلّط تدفع الطغاة لاستخدام أية وسيلة من أجل الهيمنة حتى لو قاد ذلك إلى حروب أهلية ومجازر طائفية. وإلا ما الذي يبرر للأسد أن تصل سوريا إلى هذه الحالة البائسة من الدمار؟ كيف اقتنع بشار أن سوريا هي بشار وأنها «تركة» لآل الأسد ولا بديل لذلك سوى موت آلاف السوريين ودمار سوريا؟ وها هو الآن -ومن جديد- يذكي نار الفتنة الطائفية على مستوى المنطقة كلها وكأنه يقول: عليّ وعلى أعدائي. مسكين إنسان منطقتنا: حتى التاريخ يُستغل ضده لقتله أو لقمعه ومنعه من دخول المستقبل.