مفهوم النقد لدينا ملتبس وشديد التعقيد. بيننا من يميل دوماً لشخصنة النقد. فأن تكتب منتقدا أي ظاهرة أو إجراء فأنت -في نظر البعض- تنطلق من موقف شخصي أو مصلحة خاصة. النقد من المبادئ الأساسية للعمل الإعلامي. والنقد وظيفة تنموية في غاية الأهمية. وهو أيضاً «مسؤولية وطنية». وحينما تنتقد أداء وزارة أو مؤسسة لا يعني ذلك أنك تهمش تلك الوزارة أو المؤسسة بقدر ما تنبه لما يمكن أن يسيء لأدائها. أستغرب ربط البعض ما يكتبه الكتاب ويقوله المنتقدون بمشكلة أو منفعة شخصية. ولنفترض أن الكاتب يكتب عن تجربة شخصية، أليس الكاتب يرصد المشكلات والأفكار عبر تجاربه وتعاملاته اليومية؟ أسوأ المسؤولين من يأخذ النقد الموجه للمؤسسة التي يعمل بها كما لو كان نقداً قصد به تصفية حسابات خاصة أو من أجل مصلحة خاصة. كثيراً ما أتلقى اتصالات تعلق على بعض حواراتي التليفزيونية تشكك في نوايا الضيف وتطعن في مصداقيته، فقط لأنه تجرأ وقال ما لا يعجب البعض أو مارس نقداً مدروساً ضد مؤسسة أو وزارة. وليكن للرجل قضية في وزارة أو مؤسسة حكومية، هل لا بد أن نشكك في كل نقد يمارسه؟ أم أن المرء ينظر للناس وللنقد بعين طبعه؟ الكاتب والمثقف معني بممارسة النقد. ولمصلحة الوطن أن تكون في صحافته ومؤسساته الإعلامية أصوات ناقدة. ونقد الذات من أهم شروط النهضة. ولولا النقد لما تقدمت أمم وقامت حضارات. ثقافتنا تؤكد على «رحم الله امرء أهدى إليّ عيوبي». ونردد كثيراً: صديقك من صدقك لا من صدّقك. ولو تمت المقارنة بين ما يكتب في صحافة الغير من نقد قاس لأداء المؤسسات والأفراد وبين ما يكتب عندنا لأدرك بعض المتحسسين من النقد عندنا طيبة صحافتنا وسعة صدر أهلها!